تعيش تونس على وقع جدل واسع، بعد الإطاحة بوزيري الدفاع والخارجية، نظراً لحساسية موقعيهما، والغموض الذي أحاط بقرار إبعادهما بعد أيام قلائل من تولي الرئيس الجديد قيس سعيد مهامه، وقبل بدء المشاورات الرسمية لتشكيل الحكومة الجديدة، وكذلك بعد أن أكد الوزيران أنّهما من بادرا بتقديم استقالتيهما ليفاجئا بالإعلان عن إقالتهما.
يقول وزير الدفاع المقال، عبد الكريم الزبيدي، إنّه التقى الرئيس قيس سعيد الذي طلب منه البقاء على رأس وزارته، بعد تقدّمه باستقالة كتابية لكل من الرئيس المؤقت المنتهية ولايته محمد الناصر، ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، لم يتم قبولها، مشيراً إلى أنّه غادر قصر قرطاج على أساس الاستمرار في الإشراف على حقيبة الدفاع إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة، إلّا أنّه تلقى وبعد أقل من ساعة اتصالاً من الرئيس قيس سعيد يعلمه فيه أنه قرر إقالته من منصبه، وفق ما تقتضيه المصلحة العليا للبلاد.
ويشير الزبيدي، إلى أنّه قبل تلقيه المكالمة بدقائق، اتصل بديوان رئاسة الحكومة لطلب لقاء يوسف الشاهد، بهدف تقريب وجهات النظر وإظهار حسن النية، بعد الخلاف الحاد بينهما قبل وأثناء الحملة الانتخابية الرئاسية، متهماً الشاهد بالوقوف وراء قرار إقالته، وأنّ ما حدث لا يعدو كونه «تصفية حسابات».
وأردف: «ما يقلقني هو انقلاب قرارات رئيس الجمهورية 180 درجة بعد ساعة، علاقتي متميزة برئيس الجمهورية كنت رئيس جامعة في سوسة حين كان أستاذاً يدرس في إحدى الكليات وتجمعنا علاقة خمس سنوات، كما تربطنا علاقة أسرية، ولقاؤنا كان إيجابياً وجددت التذكير باستقالتي فطلب مني البقاء، لم يكن انطباعي بأني سأقال، ثم فوجئت به يخبرني بأن التعديل الوزاري شملني». ويرى الزبيدي أنّ الرئيس قيس سعد قدّم له خدمة كبيرة بإقالته حتى يتمكّن من الاستمتاع بتقاعده.
استحالة استمرار
في السياق، يؤكّد وزير الخارجية خميس الجهيناوي، أنه قرر الاستقالة من مهامه كوزير للشؤون الخارجية، لاستحالة مواصلة مهامه وفق ما تقتضيه الأعراف الدبلوماسية، وما يتطلبه ذلك من انسجام بين مؤسسات الدولة خدمة لمصالح تونس واشعاعها على الساحة الدولية، وذلك في نص الاستقالة التي وجهها إلى كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، التي سبقت قرار إعفائه من منصبه. ويشير الجهيناوي إلى أنّه قضى نحو 40 عاماً في خدمة الدبلوماسية التونسية، حرص خلالها على هيبة الدولة ومؤسساتها. حاول الجهيناوي، وفق ما تقول مصادر مطلعة، الاتصال في مناسبات عدة برئيس الحكومة، لكنه لم يظفر برد منه، فوجه له رسالة الاستقالة على تطبيقه «واتساب»، قبل أن يطلع على قرار إعفائه عبر وسائل الإعلام.
جدل قانوني
ويرى مراقبون في إعفاء وزيري الدفاع والخارجية تصفية لإرث الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي الذي وراء تعيينهما. وأكّد خبير القانون الدستوري، عبد الرزاق مختار، أن البلاد تمضي في مسار لتشكيل حكومة جديدة غداة الانتخابات، ما يجعل الحكومة الحالية بمثابة حكومة تصريف أعمال لا أكثر، تقوم بإدارة الشأن اليومي للدولة ولا تتخذ القرارات الكبرى أو تقوم بتعديلات هيكلية.
