رغم نجاح الموسم بأغلب مناطق الإنتاج الزراعي في السودان، إلّا أنّ ارتفاع الأسعار وشح السيولة النقدية وتدني قيمة العملة الوطنية، أدخل ملايين السودانيين دائرة مخاطر نقص الغذاء، وهو الأمر الذي حذر منه برنامج الغذاء العالمي، والذي توقع أن يظل عدم استتباب الأمن الغذائي مرتفعاً حتى سبتمبر المقبل.

ويؤكد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية والتنموية للأمم المتحدة في السودان، الارتفاع في مستوى عدم استتباب الأمن الغذائي بسبب التأثر بالمخاطر الاقتصادية، وفقاً لتقرير التقییم الشامل للأمن الغذائي 2018 الذي أصدره برنامج الغذاء العالمي، بالتعاون مع وزارات الزراعة بالولایات.

وأجرى برنامج الغذاء العالمي تقديراً لإمدادات المحاصيل والأغذية للفترة من نوفمبر 2018 إلى فبرایر 2019، على خلفیة استمرار عدم الاستقرار الاقتصادي، إذ قام بدراسة من خلال إجراء 29.088 مقابلة منزلیة في 143 محلیة في 13 ولایة، والتي أكدت أن عدم القدرة على شراء الغذاء بسبب ارتفاع الأسعار يمثل أحد الأسباب الرئیسية وراء عدم استتباب الأمن الغذائي للأسر، حیث تعاني 77 في المئة من الأسر من التأثر بالمخاطر الاقتصادية، فضلاً عن أنّ 25 في المئة من الأسر التي شملها الاستطلاع لا تتبع نظاماً غذائياً مناسباً.

مخاطر

ووجدت الدراسة أنّ 31 في المئة من الأسر في الـ 13 ولایة التي شملها الاستطلاع، تعاني من عدم استتباب الأمن الغذائي، الأمر الذي یعزى بشكل رئیسي إلى تعرضها للمخاطر الاقتصادية، فضلاً عن أنّ أكثر من نصف الأسر أنفقت ما لا یقل عن 75 في المئة من جملة إنفاقها على الغذاء، ولا يمكنها إنشاء أصول لوسائل العیش أو الاستثمار فيها.

وتضاعف متوسط إنفاق الأسرة الشهري منذ العام 2017، ما أجبر 30 في المئة من الأسر على إنفاق مدخراتها، واضطر أكثر من ثلث تلك الأسر إلى تبني استراتيجيات المواجهة للحفاظ على الحد الأدنى من مستویات استهلاك الأغذیة، وبجانب أن 54 في المئة من الأسر تضطر إلى اللجوء إلى استراتیجیات مواجهة قائمة على وسائل العیش، ما یؤدي إلى نفاد أصولهم المعیشیة.

مستويات قياسية

وارتفعت أسعار الذرة الرفیعة والدخن المنتج محلیاً في معظم الأسواق في السودان خلال الأشهر القليلة الماضية، وفقاً لآخر نشرة لرصد وتحلیل أسعار الأغذية لمنظمة الأغذية والزراعة العالمية. وأكد الرصد أن أسعار الحبوب بلغت مستویات قیاسیة أو شبه قیاسیة في مارس الماضي، على الرغم من محصول 2018 الأعلى من المتوسط، والذي یقدر بنحو 8.2 ملايين طن، بزیادة 57 في المئة عن عام 2017 و47 في المئة أعلى من متوسط السنوات الخمس السابقة.

وعزت المنظمة الدولية، ارتفاع أسعار الحبوب لذلك المستوى الاستثنائي، إلى الانخفاض الكبير في قیمة العملة المحلیة، والتي لا تزال تفقد قيمتها في السوق الموازیة، ونقص الوقود وارتفاع أسعار المدخلات الزراعیة، ما أدى إلى تضخم تكالیف الإنتاج والنقل، مما يجعل توفر المحاصيل في الأسواق ضعيفاً بسبب التخزين الذي يعتبر أكثر موثوقية من الاحتفاظ بالمدخرات مقارنة بضعف العملة.