عقد وفدا المعارضة السورية ونظام الرئيس بشار الأسد أمس أول اجتماع لهما في قاعة واحدة بحضور المبعوث الأممي العربي المشترك الأخضر الإبراهيمي بعد يوم من تهديد وفد النظام بالانسحاب من المؤتمر.

وفسر تراجع النظام عن تهديده ببدء الإبراهيمي طرح ملف القضايا الانسانية بدلاً من «الحكومة الانتقالية» التي تصر عليها المعارضة ويرفضها النظام، وسط قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لإدخال مساعدات إلى مدينة حمص المحاصرة كمقدمة لتعميمها على مناطق أخرى.

في وقت تخوفت مصادر في المعارضة من إغراق «جنيف2» بتفاصيل القضايا الإنسانية لتفادي مناقشة الموضوع الرئيسي وهو تشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات تضع حداً لمستقبل الأسد في سوريا.

في تفاصيل اجتماعات «جنيف2»، التقى وفدا النظام السوري والمعارضة في مقر الامم المتحدة في جنيف في جلسة مشتركة، واستغرق نحو نصف ساعة أدلى خلالها المبعوث الأممي العربي المشترك الأخضر الإبراهيمي بكلمة حول النزاع وأسس التفاوض. وتم الاجتماع بشكل مغلق بعيدا من كاميرات المصورين والصحافيين.

ودخل الوفدان من بابين مختلفين وجلسا في مواجهة بعضهما من دون ان يتبادلا اي كلمة، بحسب ما ذكر مشاركون في الاجتماع.

ويقود وفد التفاوض من جهة النظام المندوب السوري لدى الامم المتحدة بشار الجعفري، بينما سمت المعارضة عضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية هادي البحرة كبير مفاوضيها.

مبادئ التفاوض

وقال عضو وفد المعارضة المفاوض وعضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية انس العبدة للصحافيين ان الابراهيمي تكلم عن «مبادئ التفاوض واهداف التفاوض وطبيعة التفاوض والنتائج المتوقعة من المفاوضات».

وتابع: «لم يحصل حديث من الطرفين». وقال ان الجلسة المقبلة ستتناول «القضايا الانسانية وتحديدا فك الحصار عن حمص». واضاف: «لدينا مقترح في هذا الاطار وهو متكامل جرى البحث فيه قبل جنيف-2، وحصل حديث مع الصليب الاحمر وبعض الدول القريبة من النظام مثل روسيا ومع الولايات المتحدة والامم المتحدة».

وتابع: «قناعتنا ان هذا المقترح قطع مسافة لا بأس فيها، ونأمل الوصول به الى نتيجة. بمعنى اننا سنطلب منهم وقتا محددا لاعلان وقف اطلاق النار في حمص القديمة لتدخل اليها فرق الاغاثة».

واعتبر ان ذلك «سيشكل بداية جيدة للمفاوضات». واشار الى ان المفاوضات حول تشكيل حكومة قد تبدأ غداً او بعد غد.

مضيفاً أن الإبراهيمي أبلغ الجانبين أن اليومين الأوليين من المحادثات سيركزان على مفاوضات بخصوص رفع الحصار عن المدنيين بما في ذلك مدينة حمص ووقف اطلاق النار والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلا أن جوهر المفاوضات يجب أن يكون بشأن حل الصراع. واضاف العبدة إن الإبراهيمي أبلغ الجانبين أن هذا «مؤتمر سياسي يعتمد على مؤتمر جنيف 1».

وقالت مصادر دبلوماسية إن الجانبين وافقا على مناقشة حمص كخطوة أولى وإذا تمكنا من التوصل إلى اتفاق فقد يبدأ تدفق المساعدات غداً على أقرب تقدير.

النظام ينفي

الا ان نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد نفى ردا على سؤال لوكالة «فرانس برس» ان تكون حمص على جدول الاعمال. وقال: «الوضع في حمص وحلب وغيرها يستحق ان يناقش. لكن لن نتناول هذه الجوانب التي تحتاج الى وقت ومشاورات، بل سنتحدث في جوانب عامة وجوانب اساسية لا يختلف عليها السوريون».

وعما اذا كانت المفاوضات ستتطرق مباشرة الى «جنيف-1»، قال: «جنيف-1 ليست وثيقة مشروحة واضحة وضوح الشمس، بل هي نتيجة مقاربات دولية وتوافقات، وفيها متناقضات».

وينص الاتفاق الذي تم التوصل اليه في جنيف-1 في يونيو 2012 في غياب اي تمثيل سوري، على تشكيل حكومة «كاملة الصلاحيات» من ممثلين للنظام والمعارضة، تتولى المرحلة الانتقالية.

بدوره، قال رئيس الوفد الحكومي المفاوض بشار الجعفري لوكالة «فرانس برس»: «لم يتم الاتفاق على شيء، ليس لأننا لا نريد الاتفاق بل لان الحوار لم يبدأ بعد». واضاف ان «اي حديث عن اتفاق هو قراءة مزاجية استنسابية، ولا اجندة اعمال بعد».

إغراق بالتفاصيل

وفيما لوحظ أن النظام بدأ ينظر إلى شطر تنحي الأسد على أنه فقرة مرفوضة في جنيف، يتخوف معارضون سوريون من إغراق المؤتمر بالتفاصيل الإنسانية مقابل تنحية القضية الرئيسية وهو الجانب السياسي.

وقال عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني، عبد الباسط سيدا، إن «النظام يريد دفع المؤتمر للخوض في تفصيلات وعدم مناقشة الحكومة الانتقالية التي تنص على نقل السلطة».

وأضاف سيدا في تصريح لـ«البيان» إن الجانب الانساني هو في غاية الأهمية بالنسبة لنا، لكن النظام مستعد حالياً لفتح باب الإغاثة إلى حمص لإغراق المؤتمر في التفاصيل وقد تستغرق عمليات الإغاثة شهوراً ويتم عرقلتها كما جرت العادة من طرف قوات الأسد، فهو حق يراد به باطل، لذلك تسعى المعارضة إلى الحصول من المؤتمر على جدول زمني لتشكيل هيئة الحكم الانتقالي كما اتفق عليه في جنيف1».

وأضاف سيدا، وهو أيضاً عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري، أن «النظام تهيأ مسبقاً للمماطلة عبر الملف الانساني الحساس، فزاد من عمليات الحصار وتجويع المدنيين في المناطق المحاصر قبل جنيف2 ليكون أولوية تطغى على الجانب السياسي الذي يعني تسليم السلطة».

 وأردف: «لا أعتقد أن جنيف2 سينجح إذا بقيت بهذه الوتيرة البطيئة إلا في حال تدخلت الولايات المتحدة وروسيا لفرض الحكومة الانتقالية على النظام وإدراجها ضمن المحادثات وفق جدول زمني».

رفض الأسد

من جهة أخرى، ذكرت الولايات المتحدة انه لا يحق لنظام الأسد، أن يزعم انه يمثل الشعب السوري، موضحة انها لا تقصد بكلامها إقصاء حزب البعث في سوريا.

وقيل لنائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماري هارف، خلال مؤتمر صحافي، انه إذا أجريت انتخابات تمثل الشعب السوري فإن النظام السوري يمثل شريحة من السوريين، فأجابت: «لا يمكن إلقاء براميل متفجرة على أطفال، ولا يمكن استخدام أسلحة كيميائية ولا يمكن النظر إلى تلك الصور من السجون السورية التي حصلت على أيدي نظام الأسد، والزعم أنهم يمثلون الشعب السوري، لا يمكن ذلك بكل بساطة».

 

 

لافروف يحذر

 

حذّر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، من تصاعد الفوضى في سوريا بحال تم التركيز على تنحية النظام كهدف وحيد ولم يتم الحفاظ على المؤسسات الحالية بما في ذلك الجيش وقوات الأمن.

وقال لافروف، في مقابلة تلفزيونية، إن «هذا الموضوع ليس مجرد تعبير مجازي.. كثيرون يقولون إنه إذا وضعنا تنحية النظام هدفاً وحيداً، كما يحاول البعض القيام به الآن، فإن سوريا على موعد مع الفوضى، وهي غارقة بما يكفي من الفوضى.. الجميع يدرك وجوب الحفاظ على النظام والانضباط، ولا سبيل اليوم لذلك إلا بالحفاظ على المؤسسات القائمة».