عادت الحياة الليلة قبل الماضية إلى عملية جنيف، بعد أن أدخلتها دعوة إيران إلى غرفة الإنعاش، وأفلح تهديد الائتلاف الوطني السوري المعارض بالانسحاب إن لم تسحب الدعوة من الدولة المسؤولة عن الكثير من عمليات القتل التي تستهدف الشعب السوري، حسب المعارضة. وفي وقت رحبت الولايات المتحدة بقرار الأمم المتحدة العدول عن هذه الدعوة، اعتبرت روسيا الاتحادية أن استبعاد إيران في اللحظة الأخيرة «خطأ» لكنه ليس كارثة، فيما أنذرت طهران بأن غيابها سيفشل المحادثات.
وفي ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية، قرر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون استبعاد إيران من حضور مؤتمر «جنيف2» حول الأزمة السورية والذي يبدأ اليوم في سويسرا، بعد أقل من 24 ساعة على دعوتها التي أثارت استياء المعارضة السورية والدول الغربية.
وقال الناطق مارتن نسيركي إن بان كي مون «قرر ان يعقد اجتماع اليوم الواحد في مونترو (سويسرا) من دون مشاركة إيران»، مبررا هذا القرار برفض إيران دعم تأليف حكومة انتقالية في سوريا كما ينص إعلان «جنيف1» الذي صدر في 30 يونيو 2012.
ترحيب الائتلاف
وسارع الائتلاف السوري المعارض الى الترحيب بقرار الأمين العام، مؤكدا مشاركته في المؤتمر الذي من المقرر ان ينطلق اليوم في مدينة مونترو.
ورحب الائتلاف المعارض «بقرار الأمين العام للأمم المتحدة بسحب الدعوة المرسلة لإيران كونها لم تستوف شروط المشاركة في هذا المؤتمر».
وأكد الائتلاف «مشاركته في المؤتمر الهادف لتحقيق الانتقال السياسي بدءا بتشكيل هيئة حكم انتقالي ذات صلاحيات تنفيذية كاملة على كافة مؤسسات الدولة، بما فيها الجيش والأمن والمخابرات، لا يشارك فيها القتلة والمجرمون».
انقسام المعارضة
في المقابل، وفي انعكاس لانقسام المعارضة حول المؤتمر، أعلن المجلس الوطني السوري أبرز مكونات الائتلاف المعارض مساء الاثنين انسحابه من هذا الائتلاف بعد قرار الأخير المشاركة في «جنيف2»، موضحاً أن القرار يأتي تنفيذا لقرارين اتخذهما في أكتوبر «نص الأول منهما على رفض المشاركة في مؤتمر «جنيف2»، ونص الثاني على الانسحاب من الائتلاف» في حال قرر المشاركة في المؤتمر.
من جانبها، أعلنت هيئة التنسيق الوطنية من المعارضة السورية في الداخل رفضها لدعوة وجهها لها الائتلاف السوري لقوى المعارضة من اجل الانضمام الى وفده لحضور مؤتمر «جنيف2».
وذكر البيان أن المنسق العام للهيئة حسن عبدالعظيم تلقى اتصالاً من رئيس الائتلاف الوطني السوري أحمد الجربا من اسطنبول «يدعوه للحضور مع وفد الائتلاف في المؤتمر، موضحاً أن جواب عبد العظيم «بصفته ممثلاً لهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي بأحزابها وقواها العديدة وشخصياتها الوطنية داخل البلاد وفي الوطن العربي وفي المهجر يرفض حضور المؤتمر ضمن وفد الائتلاف».
ترحيب وتحفظ
وعلى صعيد ردود الفعل الدولية، رحبت الولايات المتحدة الأميركية بقرار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون سحب دعوته لإيران لحضور مؤتمر السلام الدولي بشأن سوريا، معبرة عن أملها في أن تعيد هذه الخطوة التركيز على أهداف الاجتماع.
وفي المقابل اعتبرت موسكو ذلك «خطأ»، مضيفة أنها شددت على «الدوام على أن كل الأطراف الخارجية يجب ان تكون ممثلة». ورأى لافروف مع ذلك أن «غياب إيران ليس كارثة»، معبراً عن أسفه لأن «كل هذه المسألة لم تساهم في تعزيز سلطة الأمم المتحدة»، حسب تعبيره.
أسف إيراني
ومن جهتها، عبرت إيران عن أسفها لسحب الأمم المتحدة «تحت الضغط» دعوتها لطهران للمشاركة في مؤتمر «جنيف2» حول سوريا. وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف كما نقلت عنه وكالة الأنباء الطلابية ايسنا «نأسف لقيام الأمين العام بان كي مون بسحب دعوته تحت الضغط». كما قال نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي تعليقا على سؤال وجهه اليه التلفزيون الرسمي «ان الجميع يعلم ان فرص التوصل الى حل فعلي في سوريا ليست كبيرة بدون إيران».
تحضيرات المؤتمر منذ ديسمبر الماضي
منذ ديسمبر الماضي، حين أعلن عن مكان عقد الجلسة الأولى في مؤتمر «جنيف2»، تواصلت التحضيرات على قدم وساق في مدينة مونترو السويسرية الواقعة على ضفاف بحيرة ليمان.
وقبل ساعات من إعلان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون سحب الدعوة التي كان وجهها الى إيران لحضور المؤتمر، كان اسم ايران بالإنجليزية مكتوباً بالأسود على لوحة صغيرة بيضاء على طاولة الى جانب اسماء الحكومة والمعارضة السوريتين و42 دولة اخرى ومنظمة مدعوة.
في فندق «لو بوتي باليه» (القصر الصغير)، كان تقنيون ينشطون مساء أول من أمس في إجراء تجارب صوتية على مكبرات الصوت في القاعة الكبيرة التي ستحصل فيها الاجتماعات، ويتحققون من إمدادات الكابلات الكهربائية، بينما موظفون للأمم المتحدة يتنقلون بينهم ويعطون التوجيهات الأخيرة.
في القاعة الواقعة في الطابق السفلي من الفندق الفخم، تمتد طاولات مستطيلة عليها اسماء الدول بحسب التسلسل الأبجدي بالإنجليزية: من جهة الأردن واليابان وايطاليا والعراق وإيران وأندونيسيا والهند والفاتيكان واليونان وألمانيا وفرنسا ومصر والدنمارك والصين وكندا والبرازيل وبلجيكا والبحرين واستراليا والجزائر.
وفي الجهة المقابلة، الكويت ولبنان ولوكسمبورغ والمكسيك والمغرب وهولندا والنروج وقطر وجمهورية كوريا (الجنوبية) والسعودية وجنوب افريقيا واسبانيا والسويد وسويسرا وتركيا والامارات العربية المتحدة وبريطانيا. بالإضافة الى جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي والاتحاد الأوروبي.
وفي عمق القاعة طاولة تربط بين الجهتين سيجلس عليها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والموفد الدولي الخاص الى سوريا الأخضر الإبراهيمي وممثل الأمم المتحدة في جنيف.
عند طرفي الطاولة، سيجلس رئيس الوفد الروسي من جهة والى يمينه طاولة الحكومة السورية، ورئيس الوفد الأميركي من جهة اخرى، والى يمينه وفد المعارضة السورية.
وانتشرت في الشارع خيم زرقاء وبيضاء ينشط فيها عناصر شرطة وموظفون من الأمم المتحدة، بالإضافة الى حواجز حديدية.
وقال المفوض في الشرطة السويسرية جان كريستوف سوتريل ان هذه المنطقة «ستكون مؤمنة على مستوى عالٍ، ابتداء من الثلاثاء»، مشيراً الى مشاركة عدد كبير من الأجهزة الأمنية والخدماتية في العملية.
واشار الى ان التحضيرات الأمنية للمؤتمر «بدأت في ديسمبر عندما تم اختيار مونترو لاستضافة المؤتمر».
واضاف ان مهمة الشرطة تكمن في «تأمين امن الوفود وحسن سير المؤتمر. وتهتم الشرطة "بموقع مطار مونترو ومواكبة الوفود من جنيف حتى مونترو سواء براً أو جواً، ثم مكان المؤتمر».
وقال سوتريل انه تم توزيع الوفود على اربعة فنادق، مشيراً الى ان «بعض الوفود يجب فصلها عن وفود اخرى، وبعضها رفض النزول في فندق مع وفود معينة».
تزود بالوقود
زودت السلطات اليونانية طائرة الوفد الرسمي السوري الى مؤتمر «جنيف2» بالوقود.
وقال مصدر مطّلع إن سلطات مطار أثينا الدولي زودت طائرة الوفــد الرســمي السوري الذي يترأسه وزير خارجية النــظام وليد المعلم المتوجه الى سويســرا للمشاركة في مؤتمر «جنيف2»، بالوقـــود، موضحاً أن «الطائرة أكملت رحلتها بشكل اعتيادي بعــد الانتهـاء مــن عمـلية الـتزوّد بالوقود». وأشار المصدر الى أن الوفـــد تأخر حتى الآن 3 ساعات عن الوصول إلى مدينة مونتــرو، التـــي تستضــيـف مـــؤتمر «جنيف 2». دمشق- يو بي أي
