يكتنف الوضع الميداني في مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار، الكثير من الغموض، في ظل تزايد مثير للقلق لوفود النعوش إلى المحافظات الجنوبية، إلى جانب تسريبات بأن الكثير من أبناء العشائر تخلوا عن القتال مع الجيش، تاركين إياه في «متاهات الصحراء»، بعد أن شمل القصف العشوائي للطيران والمدفعية عائلاتهم وتجمعات عشائرهم، في ما تطلق عليه القوات العسكرية «ضحايا النيران الصديقة» التي تفتقر إلى التمييز، وتستهدف أي شيء يتحرك على الأرض.
ويلاحظ المراقبون أن معظم التقارير الحكومية تخلو من المصداقية، إذ تؤكد باستمرار استتباب الأمن في الرمادي، وتطهيرها بالكامل من مسلحي تنظيم «داعش»، قبل أن تعود في اليوم التالي لتؤكد السيطرة على المناطق نفسها التي أعلنت «تطهيرها» قبل يوم بعد معارك شرسة، وبالأخص مناطق الملعب والبوبالي وشارع 60.
وتقول المصادر الرسمية إن معارك وسط الرمادي تمتد حالياً إلى منطقة البو شهاب القريبة من الجسر الياباني شرقي الرمادي، وإلى منطقة الكرطان المجاورة للبوبالي، فيما تدور معارك شرسة في منطقتي البوبالي والبوفراج.
يقول سكان الأنبار إن الجيش يستخدم الأسلحة الثقيلة وطيران الهليكوبتر، فيما يستخدم الطرف الآخر أسلحة مضادة ومتوسطة وخفيفة لها دور فعال في معارك المدن. إلا أن مقاتلي «الصحوات الجديدة» لا يمتلكون سوى الأسلحة الرشاشة الخفيفة، وغالباً ما يقعون بين النارين، إضافة إلى شعورهم بأنهم مدفوعون من بعض زعماء قبائلهم لقتال أهلهم.
الدم بالدم
وبحسب خبراء عسكريين، فإن الصورة الوردية التي رسمها بعض القادة العسكريين قد تكون خدعت الغرباء عن المنطقة، وربما المالكي نفسه الذي يفترض أنه، كقائد عام للقوات المسلحة، يعرف طبيعة القوة التي لديه، وجغرافية ومناخ ونفسية المنطقة التي تقاتل فيها، لا سيما أن نيران مجزرة الحويجة التي أشعلها في أبريل العام الماضي مازالت تشتعل، فيما تفقد الحكومة سيطرتها الفعلية على عموم مناطق شمال بغداد.
ويفسر الخبراء ذلك بأن معركة الرمادي، حتى لو انتهت لمصلحة المالكي، فإنها ستنتهي إلى مبدأ «الدم يجر الدم».
الرمادي والفلوجة
وعلى الرغم من أن قوات المالكي تروج لأنها ستنتهي من معارك الرمادي «قريباً» لتنتقل إلى الفلوجة، فإن تقارير إعلامية عراقية تفيد بأن «المعلومات المتعلقة بملف الأنبار تشير إلى انحسار المواجهات المسلحة بين القوات الأمنية والعشائر لحساب اتساع رقعة المواجهات بين الجيش العراقي وتنظيم داعش».
وتؤكد طبيعة المعارك التي اندلعت خلال الأيام الماضية، في مناطق الصديقية والبوبالي والملاحمة والبوعبيد، وهي جميعاً تقع بين مدينتي الرمادي والفلوجة، أن قوات الجيش المعززة بالدروع والدبابات والطائرات تواجه مقاومة شرسة، إذ تعرّض جسر الصديقية، قرب الخالدية، إلى قصف جوي الأربعاء الماضي، بعد ساعات من معركة طاحنة وقعت بالقرب منه، شاركت فيها دبابات تابعة للجيش العراقي.
تقارير المزاج
وباستثناء منطقة الصقلاوية، لم يسجل ظهور لافت لمقاتلي «الصحوات الجديدة» في معظم المناطق التي شهدت مواجهات مسلحة على امتداد حوض الفرات بين مدينتي الرمادي والفلوجة.
وفي مركز الرمادي، يؤكد سكان مناطق جنوب المدينة أن عناصر من «القاعدة» ما زالوا يشاهَدون هناك، إذ تشير التقديرات الحالية إلى أن مناطق عدة تقع بين الرمادي والفلوجة شهدت زيادة ملحوظة خلال الأيام الماضية في معدل انتشار العناصر المسلحة المناهضة للحكومة، من دون أن تتوافر إحصاءات دقيقة.
وتلفت معلومات استخباراتية مؤكدة إلى أن الوضع الأمني في الأنبار «ما زال مقلقاً، ويتطلب معالجة حقيقية وسريعة»، موضحة أن «الكثير من قادة الميدان يعرفون مزاج المالكي، فيقدمون تقديرات تناسب ذلك، ما يبعث على القلق، لأن عدد الضحايا يتزايد، والحكومة تلتزم الصمت».
فوج طوارئ
ويأتي ذلك في وقت تسرب تقرير سري للتحالف الوطني يحمّل المالكي مسؤولية كبيرة في تفاقم الأوضاع الأمنية والسياسية في الأنبار، بسبب القرارات «الانفعالية» التي اتخذها قبيل وأثناء وبعد فض الاعتصام في المحافظة.
ويؤكد التقرير أن «عمليات هروب سجناء القاعدة المتكررة من السجون العراقية، وتغاضي الحكومة عن تدهور الأمن، ودخول الجماعات المسلحة من سوريا، وعدم اعتماد الخطط الاستباقية المهنية، أدت دوراً في انحراف المسار الأمني عن اتجاهاته الصحيحة».
ويشير بشكل خاص إلى طلب المالكي من قائد شرطة محافظة واسط اللواء رائد شاكر إرسال فوج «طوارئ واسط - فهد واسط»، خلال 24 ساعة، ما أدى إلى حدوث خسائر جسيمة بالأرواح والمعدات.
خلافات
هددت الحكومة العراقية بمقاطعة كل الشركات التركية العاملة في البلاد، وإقامة دعوى قضائية ضد حكومة أنقرة، على خلفية سماحها بتصدير نفط عراقي من إقليم كردستان بدون موافقة بغداد.
وقال وزير النفط عبد الكريم لعيبي في بيانان «الحكومة بصدد اتخاذ مجموعة من الإجراءات، منها مقاطعة كل الشركات التركية (النفطية وغيرها)، وإلغاء كل العقود الحالية معها، إثر سماح تركيا بتصدير نفط الإقليم من أراضيها».
الجيش يقصف الفلوجة و«صحوة العراق» تتوعد باقتحامها
شنت مروحيات الجيش العراقي أمس، غارات جديدة على مناطق في الفلوجة بمحافظة الأنبار، ما أوقع عدداً من القتلى والجرحى في وقت تستعد «الصحوات»، للمشاركة في اقتحام المدينة، التي يسيطر أبناء العشائر على أطرافها، حيث فجّر مسلحون تابعون لتنظيم «القاعدة» مركزي شرطة في الفلوجة، على الرغم من نفي قيادات عشائرية وجودة «القاعدة»، معتبرها أنها «أكذوبة حكومية».
وقالت مصادر عسكرية إن الجيش العراقي قصف مناطق في الفلوجة وأطراف المدينة، حيث طال القصف النعيمية وزوبع في جنوب الفلوجة، التي يتمركز فيها مسلحو دولة العراق، والشام «داعش».
وقتل ثلاثة أشخاص وأصيب آخران بجروح بقصف مدفعي على المدينة. وقال مصدر أمني محلي، إن «قذيفتين سقطتا، على مضيف شيخ قبائل جميلة رافع الجميلي في منطقة الكرمة شرقي الفلوجة، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة اثنين آخرين بجروح».
إلى ذلك، فجّر مسلّحون مركزين للشرطة، الأول في حي الشهداء جنوب مدينة الفلوجة، والثاني في الحي العسكري شرقها، ما أدّى إلى تدميرهما بالكامل من دون تسجيل وقوع إصابات.
ويأتي تجدد القصف في وقت يستمر الجيش في فرض طوق حول الفلوجة، وسط أنباء عن عزم الجيش اقتحام المدينة، حيث يتحصن مسلحون مناهضون للحكومة التي تقول إنهم مرتبطون بالقاعدة.
قرب الاقتحام
في السياق، قال رئيس مؤتمر صحوة العراق، أحمد أبو ريشة، إن «مسلحي العشائر وقوات الجيش يسيطرون على أطراف الفلوجة، بينما يسيطر عناصر من التنظيم على وسط المدينة».
وأضاف أن «مسلحي العشائر وبعد نجاحهم في تطهير مناطق شارع الستين والملعب في مدينة الرمادي، بدأوا عملية تمشيط واسعة لتلك المناطق، بحثاً عن مسلحي الدولة الإسلامية». وكشف أن «تواصلاً استخباراتياً بدأه مع قوات الشرطة المحلية لجمع المعلومات من داخل مدينة الفلوجة، تمهيداً لعملية الاقتحام».
إلا أن بعض الزعماء الآخرين ينفون سيطرة «داعش» على بعض مدن المحافظة، ويقول في هذا السياق أمير عشائر الدليم، علي حاتم السليمان إن «الحديث عن وجود هذا التنظيم في المحافظة هو أكذوبة حكومية وصنيعة مخابراتية».
وأضاف أن الحكومة تسعى من خلال الأكذوبة إلى تبرير قمع المعارضة. واعتبر سليمان أن «المالكي نجح في تمزيق وحدة النسيج العشائري في المحافظة من خلال استمالة بعض الشيوخ إلى جانبه».
10
أفاد مصدر في شرطة محافظة كركوك، بأن عشرة أشخاص سقطوا بين قتيل وجريح بتفجير مزدوج، استهدف سوقاً شعبياً جنوب المحافظة. وقال المصدر، إن «عبوتين ناسفتين كانتا مزروعتين في سوق دوميز الشعبي، جنوبي كركوك، انفجرتا بشكل مزدوج».
