دعا الرئيس التونسي المنصف المرزوقي أمس المجلس التأسيسي (البرلمان) الى استئناف عمله مقترحا تشكيل حكومة وحدة وطنية، مقترباً بذلك من حركة النهضة، في ظل التباين الكبير في المواقف مع المعارضة، فيما استؤنفت المشاورات التي تحوّلت إلى مفاوضات يقودها الاتحاد العام التونسي للشغل مع حركة النهضة، في وقت دخلت الحكومات البريطانية والألمانية والفرنسية والأميركية والاتحاد الأوروبي على خط الأزمة من خلال مشاورات واتصالات بالفرقاء السياسيين.
ودعا الرئيس المنصف المرزوقي المجلس التأسيسي الى استئناف عمله مقترحا تشكيل حكومة وحدة وطنية لاخراج البلاد من ازمة سياسية حادة اندلعت اثر اغتيال نائب معارض.
وقال المرزوقي في خطاب ألقاه خلال حفل بمناسبة "عيد المرأة" التونسية ان على المجلس التأسيسي المكلف صياغة دستور جديد لتونس "أن يرجع الى عمله... ويعطي دستور البلاد، ويحدد لنا موعد الانتخابات حتى تتضح خارطة الطريق".
وأضاف: "لتكن هناك حكومة وحدة وطنية تمثل فيها كل الاطياف السياسية، وتشارك في صنع القرار وفي التأكد من أن هذه الانتخابات (المقبلة) ستكون حرة مئة بالمئة ونزيهة مئة بالمئة وأنها لن تشوبها شائبة، وتعطى كل الضمانات لمن يريدونها".
وفي حين من المرتقب أن يصل وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله الى تونس اليوم في زيارة يهدف من خلالها إلى الاستماع الى قيادات الحكومة وحركة النهضة وأحزاب المعارضة، أجرى مسؤولون من وزارتي الخارجية البريطانية والفرنسية اتصالات هاتفية بقيادات المعارضة والموالاة لحثهم على تجاوز الأزمة، كما أدى السفير الأميركي بتونس جاكوب لويس زيارات الى مقرات عدد من الأحزاب حيث كانت له لقاءات مع الغنوشي وزعيم حركة نداء تونس الباجي قايد السبسي وأرسلت منسقة السياسات الخارجية للاتحاد الأوروبي كاترين آشتون موفدا خاصا إلى تونس للاجتماع بمختلف الفاعلين السياسيين في البلاد.
تضحيات النهضة
وعلى إثر اجتماعه بالأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل بحسين العباسي، قال راشد الغنوشي في رده على تساؤلات الاعلاميين حول استعداد الحركة لتقديم تنازلات،: «قدمنا تنازلات في اكثر من مرة رغم أننا لا نعتبرها تنازلات بل هي تضحيات لمصلحة البلاد، وكل ما فيه مصلحة البلاد سنذهب فيه» غير أن العباسي الامين كان أكثر وضوحا عندما قال: «إلى حد الآن ليس هناك شيء ثابت او تغيير في المواقف من كلا الطرفين، والأمور لاتزال في بدايتها والحال لايزال على ما هو عليه» مضيفا أن الاتحاد ليس وسيطا بقدر ما هو صاحب مبادرة الهدف منها إخراج البلد من المأزق الذي وقعت فيه.
من جهته، قال الأمين العام المساعد للاتحاد، نور الدين الطبوبي، إنّ المبادرة تقضي بحلّ الحكومة الحالية، وتشكيل حكومة جديدة من مستقلين لا يترشحون إلى الانتخابات، مهمتها تصريف الأعمال وتأمين المرور إلى الانتخابات من خلال تحديد موعد واضح وسنّ قانون انتخابي يضمن المساواة بين كل الأحزاب ضمانا لمبدأ الشفافية.
ماراثون تشاوري
الى ذلك، دخل رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر في ماراثون من المشاورات مع وفد مجموعة الوساطة لحل الأزمة وعدد من زعماء الأحزاب السياسية بينهم محمد الحامدي عن التحالف الديمقراطي وأحمد نجيب الشابي عن الحزب الجمهوري والباجي قائد السبسي عن «نداء تونس».
ودعا بن جعفر كلاً من الغنوشي والسبسي وزعيم الحزب الجمهوري أحمد نجيب الشابي وزعيم حزب العمال حمة الهمامي وكافة النخبة السياسية والشخصيات الوطنية في البلاد إلى الذهاب إلى طاولة الحوار والعمل على إنقاذ تونس من الأزمة التي تعيشها.
وفي حين بحث بن جعفر مع الرئيس المنصف المرزوقي سبل الخروج من الأزمة وجه برئيس المجلس التأسيسي الدعوة إلى عدد من الشخصيات الوطنية المستقلة مثل أحمد المستيري ومصطفى الفيلالي وأحمد بن صالح إلى التدخل لقيادة الحوار الوطني وتقديم يد المساعدة من أجل فض كافة الخلافات بين الأحزاب، داعياً كافة المنظمات الراعية للحوار الوطني وعلى رأسها اتحاد الشغل إلى العمل على تقريب وجهات النظر ووضع حد للخلافات الحزبية.
استعراض للقوة
ميدانياً، نزل أنصار المعارضة العلمانية وخصومها الإسلاميون في إلى الشوارع أمس في استعراض جديد للقوة.
ونزل أنصار المعارضة الغاضبة من اغتيال عنصرين منها في ذكرى الاحتفال بعيد المرأة في تصعيد للضغوط على الحكومة التي يقودها اسلاميون ومطالبتها بالاستقالة وحل المجلس التأسيسي المكلف بصياغة الدستور في وقت ردت أنصار حركة النهضة بنزول مماثل حيث تظاهر أنصارها في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة بهدف إظهار حجم التأييد الشعبي الذي تحظى به.
