مثّل انضمام الاتحاد العام التونسي للشغل الى المعارضة في الدعوة الى حل الحكومة وتشكيل حكومة إنقاذ وطني تحوّلا مهما في الساحة السياسية التونسية نظرا للثقل السياسي والاجتماعي الذي يمثّله الاتحاد، كونه أعرق وأكبر منظمة نقابية في العالم العربي وإفريقيا، حيث تأسس في يناير 1946، وصاحب اليد الطولى في المجتمع التونسي. وما قاله رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إن التغيير في مصر قاده الجيش وما سيحل في تونس سيقوده اتحاد الشغل، يعبر عن هاجس حقيقي لدى النخبة الحاكمة التي تعرف قدرة النقابات على حسم الواقع السياسي في البلاد نظرا لدورها التاريخي الذي لعبته في معركة الاستقلال ثم في معركة بناء الدولة الحديثة وفي الحراك الاجتماعي خلال العقود الماضية.

ولكن تصريح الغنّوشي اتّصف ببعض المهادنة مع الاتحاد الذي ما انفكّ يتعرّض الى هجمات من قيادات وزعامات في حركة النهضة تتهمه بالخضوع لتأثير القوى اليسارية الراديكالية، وهو ما ينفيه قادة النقابات الذي يؤكدون أن منظمتهم ستبقى الضمانة للثورة التونسية، خاصة وأن موقف الاتحاد هو الذي سرع سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي. كما أن الاحتجاجات النقابية هي التي ساهمت في ترهّل نظام الرئيس الحبيب بورقيبة.

قوة لا يستهان بها

ويجمع المراقبون على أنه ليس من مصلحة الترويكا الحاكمة ولا حركة النهضة الاحتكاك بالاتحاد العام التونسي للشغل الذي يمتلك أدوات التغيير الفعلي في المجتمع من خلال سيطرة النقابات التابعة له على أغلبية أجهزة الدولة بما فيها الأمن والقضاء والإعلام والإدارة والخدمات العامّة ويضم حوالي 700 ألف منتسب من كل الجهات والفئات، الى جانب امتلاكه فيالق من القيادات الميدانية في كل مناطق البلاد، وعجز الإسلاميين عن اختراقه.

تحريض وتخوين

وخلال العامين الماضيين تعرّضت قيادات الاتحاد العام التونسي للشغل الى هجمات متعددة من قبل قيادات وأنصار حركة النهضة وصلت الى حد تخوين وتكفير القيادات النقابية واعتبارها «امتدادا للأحزاب اليسارية المعادية للمشروع الإسلامي» على حد قولها. وفي ديسمبر الماضي، تعرّض مقر الاتحاد الى محاولة اقتحام وانقلاب على قيادته المنتخبة، نفذتها رابطات حماية الثورة وعناصر من حركة النهضة.

وفي فبراير، أعلن «الشغل» إضرابا عاما في البلاد بعد اغتيال القيادي شكري بلعيد، كما نفّذ إضرابا عاما يوم 28 يوليو الماضي بعد اغتيال محمد البراهم.

ثم وفي خطوة حاسمة، تبنى مطالب المعارضة بحل الحكومة الحالية، غير أنه ترك شعرة معاوية مرخية بعض الشيء في علاقته بحكم الترويكا عندما دعا الى الإبقاء على المجلس التأسيسي ولكن في إطار زمني ولخطة عمل محددين.

تبني حل

أصدرت الهيئة الإدارية للاتحاد العام التونسي للشغل بيانا حول الوضع في البلاد طالبت فيه بـ«حل الحكومة وتعيين حكومة تصريف أعمال». وأكد أعضاء الهيئة أنهم «قاموا بتقييم الواقع ودراسة المستجدّات للمساهمة في تقديم المقترحات من منطلق مسؤولياتهم التاريخية والوطنية، بهدف الخروج من هذه الأوضاع واستكمال ما تبقّى من المرحلة الانتقالية بصفة توافقية وسريعة». البيان