في زيارة تعد الأولى لزعيم عربي أو أجنبي لمصر بعد تغيير «30 يونيو» أكد العاهل الأردني عبد الله الثاني دعم بلاده للخيارات الوطنية للشعب المصري وصولاً إلى ترسيخ أمن واستقرار مصر، في وقت أكدت القاهرة أنها «ستعيد تقييم» العلاقات مع الحكومة السورية.

وشددت على أنها ترفض الدعوة للجهاد في سوريا، كما كشفت أن الحكومة الجديدة تعمل على إعادة مصر إلى مكانتها في العالم العربي، فيما قالت إنها ستتحرك للحفاظ على «الأمن المائي المصري» خلال تطرقها إلى مسألة سد النهضة الذي بدأت إثيوبيا ببنائه على منبع النيل الأزرق.

وذكر الديوان الملكي الهاشمي، في بيان صدر بعد زيارة خاطفة غير معلنة قام بها أمس الملك عبدالله الثاني إلى العاصمة المصرية القاهرة، أن الملك أكد للرئيس المؤقت عدلي منصور خلال مباحثات أجرياها في قصر الاتحادية أن «الأردن يحرص دوماً على دعم الخيارات الوطنية للشعب المصري ومساندة مصر الشقيقة لتجاوز الظروف التي تشهدها، وصولاً إلى ترسيخ أمنها واستقرارها».

وأوضح أن الملك عبدالله الثاني شدد للرئيس المصري على «أهمية أن تعمل جميع المكونات والقوى السياسية المصرية على الحفاظ على الوفاق والتوافق الوطني خلال المرحلة المقبلة، بما يعزز قوة مصر ومنعتها ومكانتها ودورها المهم في محيطها العربي والإقليمي».

وأشار البيان إلى أن مباحثات الجانبين «تناولت التطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، خصوصا فيما يرتبط بالمساعي التي تبذل لإحياء مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، استنادا إلى حل الدولتين». وأوضح البيان أن الجانبين الأردني والمصري شددا على «ضرورة عقد اجتماعات اللجنة العليا المشتركة بين البلدين بالسرعة الممكنة».

ولفت إلى أن الجانبين أكدا «حرصهما على استمرار التنسيق والتشاور حيال مختلف القضايا العربية والإقليمية، لمواجهة مختلف التحديات»، مشيراً إلى أن الملك شدد على «الدور الريادي الهام لمصر على هذا الصعيد».

ملفات عربية

وقال إن الجانبين الأردني والمصري، أشارا «إلى أهمية التطور الإيجابي الذي أعلن عنه وزير الخارجية الأميركي جون كيري في عمان، والذي يشكل أرضية لإطلاق المفاوضات في القريب العاجل».

وذكر أن الجانبين ناقشا «مستجدات الأوضاع على الساحة السورية». وأوضح البيان أن الملك عبدالله الثاني «شدد على ضرورة الوصول إلى حل شامل للأزمة السورية ينهي معاناة الشعب السوري المتفاقمة، ويحفظ وحدة سوريا أرضا وشعبا».

وحضر المباحثات عن الجانب الأردني رئيس الديوان الملكي الهاشمي فايز الطراونة ووزير الخارجية وشؤون المغتربين ناصر جودة.

بينما حضرها عن الجانب المصري، نائب رئيس الجمهورية للعلاقات الدولية محمد البرادعي ورئيس الوزراء حازم الببلاوي والنائب الأول لرئيس الوزراء وزير الدفاع والإنتاج الحربي القائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية نبيل فهمي.

الخارجية المصرية

إلى ذلك، قال وزير الخارجية المصري الجديد نبيل فهمي، في مؤتمر صحافي أمس، إن بلاده «ستعيد تقييم» العلاقات مع الحكومة السورية وذلك بعد أن عمدت القاهرة في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع دمشق.

إلا أن الوزير الجديد أكد أن السلطة الانتقالية في مصر لاتزال تدعم إرادة الشعب السوري وطموحاته من أجل الحرية، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «الحل السياسي هو الأفضل للأزمة السورية».

وأعرب فهمي عن رفض بلاده للجهاد في سوريا بعد أن كانت جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي أعلنت الشهر الماضي انضمامها إلى دعوة بعض علماء الدين السنة إلى الجهاد ضد الحكومة السورية.

وقال: «نحن نؤيد الثورة السورية وحق الشعب السوري في نظام ديمقراطي، وكان حصل خفض للعلاقات بين البلدين... كل شيء سيتم تقييمه ولا أعني أنه سيحصل تغيير أو عدم تغيير»، موضحاً أن «ما استطيع قوله من الآن إنه لا نية للجهاد في سوريا وهذا رد على المواقف السابقة».

عودة مصر العربية

وفي السياق، أكد وزير الخارجية المصري الجديد أن على الحكومة الجديدة العمل على إعادة مصر إلى مكانتها في العالم العربي، مشيراً إلى أن وزارة الخارجية تعد خطة إعلامية لتمكين المجتمع المصري من الاتصال بالخارج.

وأشار فهمي إلى انه سيعمل على استعادة دور مصر العربي والإفريقي والمتوسطي، وتنشيط هذا الدور في الساحة الدولية في مختلف القضايا وبصفة خاصة ما يرتبط بالأمن القومي المصري.

وأضاف: «إننا لا نستطيع في شهور قليلة أن ننجز كل شيء وأن نحقق كل الأهداف المرجوة لكن مسؤوليتنا ألا نتهاون مع أي موضوع، والتعامل مع تحديات الحاضر والمستقبل».

الحفاظ على الأمن المائي

كما تطرق فهمي إلى مسألة سد النهضة الذي بدأت إثيوبيا ببنائه على منبع النيل الأزرق، وقال إن الحكومة ستسعى للحفاظ على «الأمن المائي المصري»، مثنياً على جهد سلفه محمد عمرو من خلال زيارته إلى أديس أبابا والخرطوم لحل هذه القضية وقال: «سنتحرك لتأمين الأمن المائي المصري حفاظاً على حقوق مصر التاريخية ومصالحها في مياه النيل..

وفي نفس الوقت مع احترامنا الكامل وتقديرنا لمصالح دول حوض النيل الأخرى وتطلعات شعوبها للتنمية وسنسعى للوصول إلى حلول تحقق تلك الأهداف والمصالح».

مفاوضات السلام

 

قال وزير الخارجية المصري «نحن نؤيد مفاوضات جادة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وليس التفاوض من اجل التفاوض، مع توقيت زمني مستهدف، مفاوضات تسبقها خطوات من الجانب الإسرائيلي لبناء الثقة».

وأكد فهمي بشأن عملية السلام «نحن نتشاور مع السلطة الفلسطينية، وطبيعي أن تكون لنا علاقات مع (حماس) لكن في سياق مختلف عن عملية السلام»، مشدداً على أن «ما يحكمنا هو المصالح المصرية وعدالة الموقف الفلسطيني».

لا صحة لما تردد بشأن قطع العلاقات مع تركيا

نفت وزارة الخارجية المصرية صحة ما تردد بشأن بحث الإدارة المصرية الآن الإقدام على خطوة قطع العلاقات الدبلوماسية مع تركيا، على خلفية موقف الأتراك من التطورات السياسية الحادثة بمصر.

وقال الناطق الرسمي باسم الخارجية المصرية السفير بدر عبدالعاطي في تصريحات خاصة لـ«البيان»: انه «لا حقيقة لما تم تداوله بشأن قطع العلاقات مع تركيا، وكل ما يتردد في هذا الصدد ليس له علاقة بالواقع تماماً، فهناك علاقات قائمة، وستظل قائمة، كما أن السفير المصري موجود بأنقرة والسفير التركي موجود بالقاهرة، والأمور الدبلوماسية تسير في نطاقها الطبيعي».

 تابع: «هناك تصريحات تخرج من الإدارة التركية نستاء منها جداً، وعبرنا عن ذلك كثيراً.. نحن مستاؤون من التصريحات التي يدلي بها المسؤولون الأتراك عن مصر، إذ يجب على الإدارة التركية أن تعي العلاقات التاريخية بين البلدين، وأن تعلو مصالحها فوق المصالح الحزبية الضيقة».

وكانت مصادر دبلوماسية أوضحت أنهم لا يستبعدون إقدام مصر على خُطوة تحجيم العلاقة مع تركيا أو قطعها نهائياً، على خلفية الموقف التركي من الأوضاع في مصر، وانحيازهم التام لتنظيم «الإخوان».

فضلاً عن التصريحات المسيئة التي تصدر من الجانب التركي عبر كبار المسؤولين على رأسهم رئيس الوزراء نفسه رجب طيب أردوغان الذي هاجم الإدارة المصرية الحالية، وأعلن انحياز بلاده لتنظيم الإخوان بوضوح تام.