مرسي..عامُ من الفشل وتمزيق مصر
على ما يبدو أن الرئيس المصري محمد مُرسي قد بدأ أولى خطوات «التنازلات الرئاسية» على غرار سلسلة التنازلات التي قام بها الرئيس السابق حسني مُبارك مع هبوب ثورة يناير ضده، فكان أول تنازل لمُرسي وجماعته هو ما ألمح إليه ناطق الرئاسي بشأن قيام الرئيس بمراجعة شاملة لسياساته و»تصحيح أخطاء العام الماضي»، في مُحاولة أولية منه؛ لاحتواء الحركة المُعارضة التي تقوى ضده الآن، وتدفع بالمواطنين إلى الشوارع والميادين؛ اعتراضاً على سياسته وسياسة جماعته في إدارة البلد.
وقد أكد الناطق باسم رئاسة الجمهورية عمر عامر أول من أمس كون مُرسي «يدرك أن هناك أخطاءً تمت في العام الأول ويعمل على إصلاحها وتصحيح الأوضاع بوجه عام»، مشيراً إلى أن مرسي قد دعا غير مرة إلى «حوار وطني عام»، وكشف عامر عن نية مرسي لـ«مراجعة» أخطاء الماضي، وأن تلك المراجعة بدأت بالفعل، وظهرت لها جملة من النتائج والقرارات.
موقف المعارضة
مُحاولات الرئاسة المصرية لامتصاص الأزمة الحالية لم تلق ترحيبًا من جانب صفوف المعارضة المصرية التي تفقد الثقة منذ البداية في الإدارة الإخوانية، وخاصةً أنهم يرون أن جماعة الإخوان لم تبدِ من جانبها أي مؤشرات لـ«الجدية» في التعامل مع الأزمات والمواقف المختلفة والملفات المفتوحة على مصراعيها في البلد.
وفي هذا الإطار، أكد القيادي البارز بجبهة الإنقاذ الوطني رئيس الحزب المصري الاجتماعي محمد أبوالغار في تصريحات خاصة لـ«البيان» أن مؤسسة الرئاسة دائمًا ما تلجأ إلى كارت «الحوار الوطني»، ولطالما دعت إلى تلك النوعية من الحوارات، لكن دون جدوى، وخاصة أنها لم تبدِ من جانبها الجدية، قائلاً: «نرفض الدخول في أي حوار مع مؤسسة الرئاسة، فلقد تمت الدعوة كثيرًا لحوارات؛ بقصد إحداث التوافق الوطني، لكن جميعها كانت غير جادة، ومن هنا تولدت رؤية المعارضة في مقاطعة أي حوارات تجريها مؤسسة الرئاسة، وخاصةً أن تلك الحوارات الهدف الرئيس منها هو تضييع الوقت وتزييف الواقع».
إصرار على الرحيل
وتُصر حملة «تمرد» التي نجحت في جمع ما يزيد على 22 مليون توقيع لسحب الثقة من الرئيس وجماعته على خيار رحيل مُرسي، ولن ترتضى سواه حلًا، إذ أكد منسق الحركة محمود بدر أن مُرسي يجب أن يلتزم بما خرج إليه الشارع بالملايين، وأن يُعلن تنحيه والدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية مُبكرة بعد ذلك، مشيرًا إلى أنه مع نزول كل تلك الأعداد الغفيرة إلى ميدان التحرير ومختلف ميادين الثورة بالقاهرة والمحافظات فإن شرعية الرئيس مُرسي قد انتهت تمامًا.
وقد أمهلت حركة تمرد المصرية الرئيس المصري محمد مرسي حتى اليوم الثلاثاء؛ للتنحي، مهددة بحملة عصيان مدني في حال بقائه في السلطة، وهو الأمر الذي يضع الإدارة المصرية الحالية على شفا التهاوي، إذا لم تتخذ قرارات واضحة لمواجهة هذا السيل من المتظاهرين المعارضين والحركات الاحتجاجية التي باتت تنمو ضدهم بصورة واضحة للعيان.
مساعد لمرسي: الانتخابات المبكرة تدمِّر ديمقراطيتنا
أعلن مساعد الرئيس المصري للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي عصام الحدَّاد أن «اللجوء إلى انتخابات رئاسية مبكرة في مصر سيدمِّر ديمقراطيتها». وأضاف الحدَّاد، في بيان صحافي باللغة الانجليزية بعنوان «المشهد في مصر 30 يونيو» أصدره فجر أمس: «إن تظاهرات الأحد 30 يونيو، شهدت تطوراً كبيراً بزيادة أعداد المتظاهرين المؤيدين والمعارضين للرئيس».
وأعرب عن أسفه لما أسماه «استمرار وجود حالات عنف تتضمن حرقاً للمكاتب والمحال»، غير أنه اعتبر أن «القسم الأكبر من المتظاهرين استطاع تنظيم تظاهرات سلمية، فيما يُعتبر يوماً لممارسة الديمقراطية التي نعتز بها جميعاً».
واستطرد الحدَّاد قائلاً: «لكن ذلك لا يعني أننا خرجنا من عنق الزجاجة؛ فالمتظاهرون مدفوعون باعتراضاتهم على سياسات وقرارات الحكومة، أو بتصوراتهم الخاصة لممارسات الحكومة، لكنهم يمثلون مجموعة واسعة من الانتقادات والمظالم، وليسوا متفقين على بدائل، وأن الأهم من ذلك هو أن المعارضة ليست قادرة على وضع آليات الاتفاق على الحلول».
وأعرب عن اعتقاده بوجود ثلاثة سُبُل «يمكننا من خلالها تغيير المشهد، أولها المضي قدماً لبناء ديمقراطيتنا اليافعة بخوض الانتخابات البرلمانية التي هي قاب قوسين أو أدنى».
وأضاف إن «السبيل الثاني يتمثل في صلاح الديمقراطية من خلال حوار وطني». ويتمثَّل السبيل الثالث بلجوء المعارضة إلى الشارع للمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وهذا الأمر ببساطة «يُدمِّر ديمقراطيتنا»، على حد قول مساعد مرسي.
مقارنة بمبارك
أكد مراقبون أن لجوء مرسي إلى أي تنازلات عملية جديدة كأن يُقيل الحكومة والنائب العام سوف يجعله في مواجهة عنيفة مع الشارع إذ يتم مقارنته مباشرةً بتنازلات مبارك في يناير 2011، وبالتالي تعد تلك التنازلات تمهيدًا عمليًا لإسقاطه، في الوقت نفسه يقف مرسي أمام رفض هائل من قبل قوى المعارضة لأية إصلاحات وإصرار تام على «رحيل النظام».
