اختتمت امس على شاطىء البحر الميت في الأردن، النسخة السابعة من المنتدى الاقتصادي العالمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا (دافوس) الذي انعقد تحت عنوان: «تحسين ظروف النمو والمرونة»، وكان لملفات التنمية والإصلاحات الاقتصادية في المنطقة حصة الأسد من مناقشات اليوم الختامي الذي مرّ بهدوء ودون ضجيج، حيث دعا خبراء إلى مد جسور الثقة بين القطاعين العام والخاص لتشييد لبنة أساسية للتنمية الاقتصادية في دول المنطقة.

وكان ملف التنمية هو الحاضر الطاغي في فعاليات اليوم الختامي، حيث خصص المنتدى لهذا الملف عدة جلسات بمشاركة خبراء عرب وأجانب. وأكد الخبراء المشاركون أن مد جسور الثقة بين القطاعين العام والخاص اللبنة الأساسية بالتنمية الاقتصادية لبلدان المنطقة. بينما ناقش المشاركون آفاق المتغيرات الاقتصادية التي تشهدها دول الربيع العربي في ظل الأوضاع السائدة.

وأكد رئيس مؤسسة التمويل الدولية جين يونغ كاي في إحدى جلسات المنتدى إن «النجاح الأمثل لدول هذه المنطقة هو الشراكة الفعالة بين القطاع العام والخاص ومد جسور الثقة بينهما من خلال تشريع القوانين التي تدعم هذه الشراكة من قبل القطاع العام في حين يتوجب على القطاع الخاص أن يعرف دوره في الاقتصاد ويعمل جنبا لجنب مع القطاع العام».

وبيّن أن هذه المنطقة تفتقر الى رأس المال وهي بحاجة خلال العشرين سنة القادمة الى حوالي 100 مليار دولار للنهوض باقتصادياتها وتوفير فرص عمل للشباب والذي يستوجب إيجاد بيئة مهيئة لأداء الأعمال وتوفير أدوات للدعم المالي لافتقارها للتمويل وتقديم المساعدة للمصارف ورجال الأعمال لتقديم التمويل اللازم للأفراد والشركات الصغيرة.

نجاح أردني

وأكدت فعاليات اقتصادية أردنية وعربية وأجنبية نجاح الأردن في تنظيم واستضافة المنتدى للمرة السابعة بحكم الأمان والاستقرار الذي تشهده المملكة الهاشمية مقارنة بدول المنطقة ودول أخرى.

وشهد المنتدى الذي شارك فيه أكثر من 900 شخصية عالمية وإقليمية وعربية، توقيع عدة اتفاقيات اقتصادية بين بلدان ومؤسسات وشركـات عربيـة وأجنبيـة.

وناقش المنتدى الأوضاع الاقتصادية والتنموية في العالم العربي في ضوء المستجدات والمتغيرات السياسية في المنطقة مع التركيز على تنشيط النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل. ومثل المشاركون في المنتدى أكثر من 23 دولة من أنحاء العالم، وأكثر من 40 شركة عالمية في مجالات الاستثمار والبنوك والطاقة والتكنولوجيا والبنية التحتية والاستشارات، وبعض الجامعات العالمية العريقة.

وتضمنت أعمال المنتدى 34 جلسة على مدار يومين، فضلاً عن نشاطات موازية وأخرى تتم بالشراكة مع جهات أخرى.

قضايا عربية

وأجمع متحدثون رئيسيون في لقاءات المنتدى الاقتصادي العالمي أن تحقيق النمو المستدام في المنطقة يبدأ من معالجة قضايا البطالة وإيجاد فرص عمل للشباب الذين يشكلون نسبة كبيرة من السكان.

وفي مؤتمر صحافي عقده المنتدى لأبرز شخصيات الحضور والمتحدثين الرئيسيين قال نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي للشركة السعودية للصناعات الأساسية «سابك» محمد بن حمد الماضي إن «جلسات المنتدى ركزت على المواضيع المتعلقة بالنمو»، مبينا أن «هناك إشارات جيدة في العالم العربي للخروج بحلول للقضايا المتعلقة بالنمو والأمن الغذائي».

 

صندوق النقد: الإصلاحات الاقتصادية متعثرة في دول الربيع العربي

حذّر مسؤول بصندوق النقد الدولي إن دول الربيع العربي تواجه توترات اجتماعية متصاعدة قد تحبط أي تعافٍ اقتصادي مبكر بعد عامين من الاضطرابات السياسية التي أدت إلى تفاقم الضغوط المالية وتهدد استقرار الاقتصاد الكلي.

وقال مدير صندوق النقد للشرق الأوسط وشمال أفريقيا مسعود أحمد إن المغرب وتونس ومصر والأردن (وجميعها دول مستوردة للنفط) تواجه «ضربة مزدوجة» نتيجة ارتفاع تكلفة استيراد الطاقة والغذاء وتأثير التراجع الاقتصادي العالمي إلى جانب تنامي الاستياء الشعبي منذ بداية موجة الانتفاضات العربية قبل عامين.

التحدي الكبير

وأضاف أحمد في مقابلة مع «رويترز» على هامش المنتدى الاقتصادي في البحر الميت: «التحدي الكبير هذا العام هو التعامل مع توقعات مواطنين يقل صبرهم بشكل متزايد وأخذ الإجراءات التي تحقق الاستقرار الاقتصادي وتبدأ في إرساء أسس تحول اقتصادي من شأنه أن يوفر مزيداً من فرص عمل ويحقق نمواً شاملاً».

ومضى قائلاً: «تلك التحولات السياسية بدأت تصبح أطول أمدا وفي بعض الحالات مثار خلاف في حين ترتفع نسبة البطالة وتتصاعد القلاـقل الاجتماعيـة».

اضطرابات سياسية

وتابع أحمد أن «مشكلة الدول التي تشهد احتجاجات تفاقمت نتيجة زيادة الإنفاق على دعم الغذاء والطاقة ما اضطر الحكومات للسحب من احتياطيات النقد الأجنبي والتوسع في الاقتراض الداخلي بأسعار فائدة مرتفعة زادت من الدين العام». وذكر المسؤول أن الاضطرابات السياسية تضر بالاستثمارات الخاصة التي تحتاج إليها الدول بشدة.

وأضاف أحمد: «لم تترسخ ثقة القطاع الخاص في عدد من هذه الدول لذا فإن التعافي الذي تحقق في عام 2012 ناجم عن استمرار الإنفاق الحكومي وليس تعافي الأنشطة الخاصة».

وقال إنه «بعد عامين من زيادة الإنفاق على الأجور والمواد الغذائية والوقود، سيرتفع العجز في الميزانية أكثر ليصل إلى ثمانية في المئة في المتوسط في العام الجاري». وفي مصر على سبيل المثال يتوقع أحمد أن ينمو العجز إلى ما بين 10 و12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للعام الحالي.

وتابع: «نتيجة لذلك بدأ عجز الموازنة يرتفع وفي بعض الحالات بلغ مستويات لا يمكن أن تدوم في المستقبل».

هامش المناورة

وقال أحمد: «في خضم تحول سياسي واجتماعي يصبح من الصعب تبني الإصلاحات اللازمة لخفض العجز في الموازنات او محاولة التحرك لحماية احتياطياتك ولكن خيار تأجيل مثل هذه الخطوات لفترة أطول ليس قائما بالنسبة لكثير من الدول». وأضاف: «هامش المناورة محدود جداً. يجدون اليوم ان القدرة على الاقتراض من السوق المحلية تتقلص وتراجعت الاحتياطيات لمستويات لا تتحمل ان تنخفـض أكثـر».

وهوى احتياطي مصر من النقد الأجنبي منذ الثورة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك في عام 2011 بفعل تراجع إيرادات السياحة والاستثمار الأجنبي كما انخفضت احتياطيات الأردن انخفاضا حاداً ولكنها تعافت هذا العام بفضل ضخ أموال من دول خليجية.

 

إضاءة

تأسس المنتدى الاقتصادي العالمي عام 1971 هو منظمة دولية مستقلة وغير ربحية، يشارك فيها قادة الأعمال والفكر والسياسة والاقتصاد بهدف تحسين الأوضاع في العالم.

ويوفر المنتدى منبراً فكرياً وإعلامياً مهماً للقضايا الاقتصادية والسياسية والتنموية، كما يصدر عنه مجموعة من التقارير والمؤشرات في مجالات قياس الأداء والتنافسية. وينظم المنتدى مجموعة من الاجتماعات الإقليمية المتخصصة، مثل اجتماع الشرق الأوسط، واجتماعات أخرى لدول شرق آسيا وأميركا اللاتينية.

 

دعم الطاقة

قال مدير صندوق النقد الدولي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا مسعود أحمد إن الصندوق يدعو دول المنطقة الى إعادة النظر في هيكلة الدعم الحكومي للطاقة، مشيراً أن تكلفة الدعم في المنطقة حوالي 240 مليار دولار.

وأوضح أن إعادة النظر في الدعم الحكومي في المنطقة يعتبر أولوية خاصة وأن الدراسات تظهر ان الحصة الأكبر من الدعم تذهب للأغنياء. وقال أحمد إن إصلاح الدعم سيؤدي إلى إعطاء دفعة للنمو والحد من الفقر وتحقيق قدر من المساواة إذا ما اقترن بشبكة أمان جيدة التصميم وزيادة الإنفاق لصالح الفقراء كما سيساهم اصلاح دعم الطاقة على تحسين الحوافز لاعتماد تكنولوجيات موفرة للطاقة. بترا