أمست الدولة اللبنانية، منذ الجمعة الماضية في إجازة مفتوحة حيث يبقى الرئيس ميشال سليمان شبه معتكفا، لأن الحكومة «تمرّدت» على رغبته في تأليف هيئة الإشراف على الانتخابات النيابية. فيما استقال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ربما اغتناماً لفرصة ما. في وقت يبقى المجلس النيابي في إجازة مفتوحة حتى تتوافق الطوائف المختلفة على قانون انتخابي جديد، بينما عادت طاولة الحوار إلى الضوء بقوة دفعا من رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي طالب بالتئامها قبيل مشاورات التكليف. ولليوم الثالث على التوالي، بقيت صدمة استقالة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ترخي بمفاعيلها على الوضع اللبناني، استرخاء لا رخاءً، وتشكّل محور قراءات وتحليلات متناقضة، تتراوح بين حصر قرار الاستقالة بملف التمديد لمدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، أو ربطه ببعض الحسابات المحلية والطائفية والمناطقية الضيقة.
غموض حول الاستقالة.
وقد ذهب البعض إلى اعتبار أن الأسباب الداخلية الموجبة لاستقالة ميقاتي من رئاسة الحكومة اللبنانية خرجت عن كونها مسألة تعيين لجنة إشراف على الانتخابات النيابية، أو التمديد للواء ريفي، إلى مكان آخر، حيث تتشابك خطوط الصراعات الداخلية مع هوامش القرارات الدولية، وتتلاقى مع ملامح الصورة التي تُرسم لهذه المنطقة، ذلك أن مشهدية التلاقي الثلاثي، سليمان- ميقاتي- النائب وليد جنبلاط، في الإصرار على قانون الستين المرفوض من معظم اللبنانيين وتمديد ولاية مدير عام، لا تستوجب اللجوء إلى الاستقالة حسب معايير الأعراف المتّبعة.
وبحسب مصدر سياسي واسع الاطلاع، فإن «مشهدية التلاقي الثلاثي تعكس سلسلة من المعطيات الواجب أخذها في الاعتبار قبل الحكم على النتائج المتوقعة من الاستقالة، وأبرزها: زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى المنطقة، إنتاج حكومة شكلية للمعارضة السورية في الخارج، الكلام الذي تردّد أكثر من مرة عن توزيع مناطق نفوذ بين الأميركيين والروس على مستوى المشرق العربي، والتجاذبات الإعلامية المتعلقة بعملية استخراج الثروات النفطية والغاز الطبيعي من البحر الأبيض المتوسط.. وذلك، في انتظار استئناف الحوار الوطني، الذي هو الاحتمال الأرجح حالياً، كونه يشكل القاسم المشترك الأبرز بين جميع القوى المحلية في هذه المرحلة، قبل الخوض في معمعة التكليف والتأليف».
وكانت طاولة الحوار عادت إلى الضوء بقوة دفع من رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي طالب بالتئامها قبيل مشاورات التكليف، بين حدَّي نظرة المتفائلين إلى كون استقالة ميقاتي خفّفت على الأقل من حدّة الاحتقان المذهبي وفتحت نافذة على تسوية تتسع للجميع، وبين توقع المتشائمين أن تكون هذه الاستقالة أدخلت البلد في أزمة سياسية- وطنية تشمل الحكومة والانتخابات النيابية، حتى إشعار آخر، من دون استبعاد أن يكون الأمن مدخلاً لجعل العواصم الكبرى والإقليمية تعطي شيئاً من «وقتها السوري» للبنان.
الإجماع على الحوار
وفي حين تستعدّ الساحة السياسية لاستحقاق اختيار اسم الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة، والأفضلية هي لمن يستطيع تأمين أكثرية نيابية حوله، تجدر الإشارة إلى أن لكلّ رؤيته وشروطه، حيال الحوار المنشود، وإن كانت رغبة البعض تريد حكومة جديدة قبل أي حوار. وفي المحصلة، الكل مع الحوار، وهم يتوجسون من قادم الأيام. ومع أن الوضع يستلزم، بحسب آراء مصادر مراقبة، الإسراع في الاستشارات النيابية توصلاً إلى تسمية رئيس جديد للحكومة، لكن المعطيات التي توافرت لـ«البيان» تؤكد أن آلية الاستشارات مؤجلة إلى الثاني من أبريل المقبل ذلك أن رئيس الجمهورية سيشارك في القمة العربية في الدوحة.
موعد الاستشارات
وفي حين فتحت استقالة الحكومة الأبواب على مصراعيها لمرحلة جديدة يصعب تحديد مسارها ومعالمها، تتوجه الأنظار إلى بعبدا، لمعرفة موعد بدء الاستشارات النيابية بعد عودة الرئيس سليمان من قطر، وإلى رصد اتجاهات النائب وليد جنبلاط، وإلى الأكثرية (قوى 8 آذار) لمعرفة اسم مرشحها للحكومة العتيدة، وإلى سوريا التي لم تعلق حتى الساعة على استقالة ميقاتي. ووفق مصادر الأكثرية، فإن الأزمة الحكومية ربما ستكون طويلة الأمد. لكن ما اصطلح على تسميته «الشر المستطير» هو تاريخ العشرين من يونيو المقبل، فإذا وصل اللبنانيون إلى ذاك الزمن ولم تحصل الانتخابات النيابية، فإن البلاد ستكون أمام فراغ مؤسّساتي غيـر مسبوق.
شربل: الوضع في طرابلس بدأ بالعودة إلى النظام
أكد وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية مروان شربل أن الوضع في مدينة طرابلس بدأ بالعودة إلى النظام بعد تنفيذ الجيش خطة انتشار واسعة في المحاور القتالية. وأشار شربل إلى أن الجيش اللبناني يقوم بواجباته ضمن الإمكانيات المتوفرة، لافتاً إلى أن ما يجري في طرابلس مرتبط بالأحداث في سوريا.
وأوضخ وزير الداخلية أن الجيش اللبناني عزز انتشاره في طرابلس وانتشر في شوارع جديدة في المدينة بالقوة، واشتبك مع المسلحين، وأوقف بعض المسلحين وعالج الوضع الأمني، لافتاً إلى أن هذا العلاج ليس كافياً. ليدعو إلى تشديد الرقابة الأمنية على كل المناطق خوفا من عودة التوتر الأمني.
من جهتها نفت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن سقوط جريح في محلة الغرباء في طرابلس برصاص القنص، مؤكدة أن «ما جرى في المحلة المذكورة، هو اشكال فردي بين شبان من المنطقة من دون حصول إطلاق نار ودون سقوط أي جريح».
وأشارت إلى ان الوضع الأمني في المدينة جيد وكل الطرق سالكة في ظل انتشار وحدات الجيش اللبناني في الطرق والساحات الرئيسية للمدينة وفي داخل المناطق التي كانت مسرحا للاشتباكات حيث يقيم حواجز ويعمل على ضبط الأمن.