شكري بلعيد، هو ذاك الرجل السياسي اليساري الذي عرف بمعاداته للإسلاميين ومشروعهم المجتمعي، فهو لم يفوت فرصة إلا وهاجم من يخالفه التوجه الفكري، فقد كان يتحدث دائماً عن عدم ديمقراطية خصومه الإسلاميين، والدكتاتورية التي يبطنوها مستعملين في ذلك «التقية» السياسية.
لقد عرف بلعيد، وهو المحامي والقيادي في كتلة الجبهة الشعبية المعارضة للحكومة التونسية، بمواقفه المناهضة لحركة النهضة الإسلامية التي تقود الائتلاف الثلاثي الحاكم في تونس. وتنبأ بلعيد أن تدخل بلاده في دوامة عنف سياسي ممنهج.
ولد بلعيد في 26 سبتمبر 1946 بضاحية جبل الجلود قرب تونس العاصمة، وعرف بنضاله السياسي خلال حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وعرف بمواقفه في أحداث الحوض المنجمي بقفصة.
وبعد قيام الثورة، انضم إلى الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي. وشغل بلعيد منصب الأمين العام للتيار الوطني الديمقراطي المعارض الذي أنشئ بعد الثورة، حيث يعد أبرز قياديي الجبهة الشعبية، التي تضم شخصيات مستقلة و12 حزباً من الأحزاب القومية واليسارية والعلمانية.
واشتهر بمداخلاته التلفزيونية المتعددة، ونقده اللاذع لحركة النهضة، وشجبه المستمر لأعمال العنف التي تستهدف معارضي الحركة الإسلامية.
واتهم بلعيد في آخر مداخلة تلفزيونية له على قناة «نسمة» الخاصة، الحركة بالتشريع للاغتيال السياسي بعد ارتفاع اعتداءات رابطات حماية الثورة التي تتهم بكونها الذراع العسكري للحركة.
وبسبب مواقفه هذه، تلقى اليساري الناقد في مناسبات عدة تهديدات بالقتل. وأنشئت صفحات على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» تتهمه بالعمالة والإلحاد وتطالب بقتله، غير أنها حذفت بعد مقتله مباشرة.
يتهمه خصومه بـ «الشذوذ في أطروحاته السياسية التي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتفاعل معها الشعب التونسي المتجذر في هويته العربية الإسلامية». كما يرون أن للجميع الحق في الاصطفاف إلى جانب الفريق الحاكم، أو إلى جانب المعارضة.
ويرى آخرون أن بلعيد «يعارض من أجل المعارضة فقط، فهو لم يقدم أي مشاريع بديلة عن تلك التي يطرحها الفريق الحاكم»، معتبرين أنه «قدم خطاباً إقصائياً فقط».
