بعد أن حملت النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية الإسرائيلية (الكنيست) صفعة لرئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتانياهو بتحقيق فوز خجول في معركة اعتبر أمرها محسوماً لصالحه مستنداً إلى استطلاعات الرأي، يبدو جليا أن زعيم التحالف اليميني المتطرف: "الليكود- إسرائيل بيتنا" يواجه صعوبة في تشكيل ائتلاف حكومي يضمن له البقاء على رأس السلطة، لاسيما وأنه يحتاج دعم 80 نائباً في الكنيست من أصل 120. ورغم توسيعه الاستيطان بشكل غير مسبوق لاستقطاب أصوات الناخبين وضمان تأييد أحزاب وتكتلات إسرائيل اليمينية له، إلا أن ذلك أيضا لم يضمن لنتانياهو أغلبية مريحة تجنبه متاهات الحكومة الائتلافية، لاسيما مع تحديد رئيس حزب «هناك مستقبل» يائير لابيد، الأوفر حظاً في تشكيل ائتلاف من بعد نتانياهو بحصوله على 19 مقعداً في الكنيست، ثلاثة شروط للدخول في تحالف مع رئيس الوزراء الذي فاز بـ31 مقعدا، أبرزها استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، ولاسيما أيضا مع تلويحه بالانضمام لصفوف المعارضة في حال تجاهل «الليكود- بيتنا» شروطه.
وفي خضم هذا المشهد، بدأ نتانياهو باستخدام «فزاعة» الخطر الإيراني والسوري بل واللبناني أيضاً لإرهاب الإسرائيليين، الذين لا تفارقهم الهواجس الأمنية، لإقناعهم بالانضمام إلى ائتلاف حكومي «واسع ومستقر» برئاسته، بعد ان كان قد وعدهم بحكومة «قوية» برئاسته. ورغم أنه لم يتطرق خلال حملته الانتخابية إلى أخطار البرنامج النووي الإيراني والسلاح الكيماوي السوري، بل إنه لم يذكر اسم إيران ولا مرة واحدة خلال الحملة، إلا أن نتانياهو دأب على التذكير بذلك بعد إعلان نتائج الانتخابات غير المرضية بالنسبة إليه ولمؤيديه، وبعد الحديث عن قرب التوصل لاتفاق بين لابيد وزعيم حزب «كاديما» شاؤول موفاز لاندماج الأخير في حزب «يوجد مستقبل»، بهدف تقوية نفوذ حزب «يوجد مستقبل» ووصوله الى 21 مقعدا في الكنيست بعد هذا الاندماج، ما يساعده على تحقيق شروط أفضل في المفاوضات مع نتانياهو، وتحقيق مكاسب أكثر في الائتلاف الحكومي الجديد.
هذا الزعيم اليميني وجد القشة التي يتعلق بها من خلال رفع وتيرة التوتر الأمني إلى حد يصل إلى ضرورة إعلان تشكيل حكومة طوارئ واسعة، تمكنه من تشكيل حكومة مؤقتة قد تستمر إلى فترة طويلة، ومن ثم يؤمن لنفسه عنصري القلق والوقت لمحاولة إقناع بعض الأحزاب بإبقاء حكومة الطوارئ أو الانخراط فيها لتشكيل ائتلاف جديد، يبقى هو بالطبع في قمة هرمه.
نتانياهو أو «بيبي»، كما يحلو للإسرائيليين مناداته، يواجه أيضا احتمال فك التحالف مع «إسرائيل بيتنا»، ما سيبقيه في نطاق 20 مقعداً فقط، أي مقعد واحد أكثر من لبيد.
وفي حال حدوث ذلك او بقاء التحالف قائما، فإن نتانياهو لا يملك العدد الكافي من أعضاء الكنيست لإقامة حكومته «القوية»، ما يجعله مضطرا للتوصل إلى اتفاق مع أحزاب وشخصيات قد يكون «يبغضها» ولا يتفق معها في برامجها السياسية والعسكرية، ولكن تأتي صناديق الاقتراع أو الرياح بما لا تشتهي السفن..!