قد يبدو من المحال هذه الأيام أن يحظى المرء بصداقة النظام السوري ورسيا من جهة وقطر والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى. لكن وزير الخارجية الإسباني الأسبق ميغيل أنخيل موراتينوس من الأشخاص القلائل الذين يتمتعون بهذه الخاصية.
وكغيره من الساسة السابقين والحاليين، ظهر اسم موراتينوس كمرشح محتمل لخلافة المبعوث الدولي - العربي المشترك إلى سوريا كوفي أنان في «مهمة مستحيلة» أشبه بانتحار سياسي لدبلوماسي لا يرغب في إنهاء كتاب حياته السياسية بفشلٍ ذريع.
علاقات شخصية
ويعتبر موراتينوس من أكثر الشخصيات الغربية التي قابلت الأسدين، الأب والابن، أثناء توليه منصب مبعوث الاتحاد الأوروبي الخاص إلى عملية السلام بين عامي 1996 و2003، رغم أن مهمته لم تكن ذات مغزى بأي حالٍ من الأحوال، واكتفى حينها، من خلال زياراته المكوكية، بتوطيد علاقات شخصية مع مسؤولي دول المنطقة عادت إليه إيجاباً عندما عين رئيساً للدبلوماسية الإسبانية بين أبريل 2004 وأكتوبر 2010.
كما أنه يحتفظ بصلات حسنة مع صربيا، حليفة روسيا، والتي تضطلع من جهتها بدور مؤثر في دمشق، منذ أن كان رأس حربة الرفض الأوروبي لاستقلال كوسوفو عن بلغراد، لينال العام 2009 جائزة «مواطن فخري» للعاصمة الصربية من قبل عمدتها. ولا ينسى في هذا السياق كيف كان التلفزيون الصربي الرسمي يبث رسائل باللغة الإسبانية موجهة إلى مدريد إبان حقبة عداء بلغراد مع الغرب.
الضفة الأخرى
وعلى الضفة الأخرى، قد يدفع الإسبان والأوروبيون بموراتينوس ودعمه لتقلد المنصب الجديد كممثل عنهم، في محاولة لوضع اليد على الملف السوري والتأثير فيه والعودة إلى الشرق الأوسط من بوابة رجلهم المحنك البالغ من العمر 61 عاماً.
وفي الوقت ذاته، سيحظى الإسباني الهادئ وصاحب الوجه البشوش بدعم الدوحة، رئيسة اللجنة الوزارية العربية الخاصة بسوريا، كونه يتولى منصب المستشار الدبلوماسي لبرنامج قطر للأمن الغذائي.
وإلى الآن، تبقى الانتكاسة الوحيدة البارزة في مسيرة موراتينوس إخفاقه في انتزاع رئاسة منظمة الأغذية والزراعة العالمية «الفاو» في انتخابات يونيو العام الماضي أمام منافسه البرازيلي خوسيه غرازيانو داسيلفا.
مسؤولية عسيرة
وإن كان تكليف سوريا يختلف كلياً عن قضايا الجوع والتصحر في العالم، فإن أمام وزير الخارجية الإسباني الأسبق مسؤولية عسيرة يتوجب ألا تنتهي كما انتهى إليه انتدابه لصنع السلام في الشرق الأوسط حينما تحول إلى زيارات مجاملة وحفلات كوكتيل ومضيعة للوقت لا تحتمله الثورة السورية وشعبها.
