تلقى النظام السوري أمس ضربة جديدة، ولكنها هذه المرة من العيار الثقيل، مع إعلان أعلى مسؤول سياسي في تركيبته، وهو رئيس الحكومة رياض حجاب، رسمياً انشقاقه عن النظام وانضمامه إلى صفوف الثوار، برفقة عدد من الوزراء والضباط، متهماً النظام بارتكاب جرائم إبادة، ما رأى فيه كثيرون مؤشراً إلى «تآكل النظام من الداخل»، وكان الأردن محطته الأولى فيما ستمون قطر مقر إقامته الأخير.
وتلا محمد عطري الناطق باسم رئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب بياناً مقتضباً بثّته قناة «الجزيرة» القطرية جاء فيه «يا أبناء الوطن أطل عليكم اليوم في هذا الوقت العصيب من تاريخ سوريا، حيث القتل الوحشي والأعمال الهمجية بسبب مطالبة الشعب بحقوقه بالعيش الكريم».
وأضاف الناطق على لسان حجاب: «أعلن انشقاقي عن النظام المجرم في سوريا وانضمامي إلى صفوف الثوار وأبناء الشعب المطالبين بالحرية والكرامة»، وتابع: «أنا جندي من جنود الثورة». وختم بيانه بالقول: «عاشت سوريا حرّة أبية وعاش أبناء شعبنا الحر المغوار».
تنسيق مع «الحر»
وذكر عطري بعد انتهائه من تلاوة البيان، أن حجاب، أعلى مسؤول سوري ينشق، قد «حمل روحه على كفه من أجل هذه الثورة.. ليقول للعالم كنا مع هذا النظام مجبرين والسيف على رقبتنا». واضاف أن عملية تحضير انشقاق حجاب وتهريبه تمت بالتنسيق مع الجيش الحر وأنّها استغرقت «شهوراً»، وأن «الثوار في الداخل هم من أمنوا له هذا الخروج المشرف».
إلى قطر
في الأثناء، أوضح العطري أن حجاب سيتوجه الى العاصمة القطرية الدوحة اليوم أو غداً الأربعاء لوجود الوكالات الاعلامية هناك، موضحاً أن حجاب «سيخرج للاعلام وهو بكامل صحته وعائلته سليمة معه».
من جانبه، اكد مصدر في المعارضة السورية أن «حجاب سيسافر الى الدوحة خلال الساعات القليلة المقبلة، في حين سيبقى أشقاؤه» في المملكة.
وأعلنت المعارضة أن حجاب انشق ولجأ مع عدد من الوزراء (تواترت تقارير عن اثنين لكن لم تكشف أسماؤهما) وضباط في الجيش إلى الأردن. وذكرت أن حجاب في «مكان آمن» مع عائلته إضافة إلى عائلات 10 أشخاص من أقربائه، وأنه سيتكلم عبر وسائل الإعلام قريبا.
وقال عضو المجلس الوطني السوري خالد زين العابدين لوكالة فرانس برس: إن «رئيس الوزراء رياض حجاب وعائلته إضافة إلى وزراء وثلاثة ضباط بالجيش عبروا الحدود إلى الأردن ليل الاحد بالتنسيق مع الجيش السوري الحر».. في وقت أكد مصدر رسمي أردني لجوء حجاب إلى الأراضي الأردنية. وقال المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه امس، إن «حجاب وصل إلى الأردن ترافقه عائلته».
رئيس وزراء جديد
وكان التلفزيون السوري الرسمي أذاع صباح أمس خبراً استباقياً أعلن فيه إقالة رياض حجاب من منصبه كرئيس لمجلس الوزراء وتكليف نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الإدارة المحلية المهندس عمر غلاونجي تسيير أعمال الحكومة مؤقتاً. وكانت الصحف السورية أبرزت امس خبرا حول ترؤس حجاب يوم الأحد اجتماعا لبحث إعمار المناطق المتضررة.
وكان الرئيس السوري بشار الأسد عيّن حجاب في منصب رئيس الوزراء في يونيو الماضي خلفاً لعادل سفر الذي تولى رئاسة الوزراء في الرابع من أبريل العام 2011، بعد شهر من بدء الاحتجاجات الشعبية ضد النظام. وجاء تشكيله حجاب للحكومة بعد الانتخابات التشريعية الاخيرة التي جرت في السابع من مايو بحسب الدستور الجديد الذي اقر في استفتاء واصبح نافذاً اعتباراً من 27 فبراير.
تآكل النظام
وفي الأثناء، رحب رئيس المجلس الوطني الانتقالي السوري عبدالباسط سيدا في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس «بانشقاق رئيس الوزراء وبكل الانشقاقات سواء العسكرية أو المدنية. هذه اشارة إلى أن النظام يتآكل من الداخل ونؤكد انها بداية النهاية».
واضاف سيدا: «نقول للجميع إنها ساعة الحسم، لا بد من تحديد المواقف، هذا النظام لم يعد له إلا القتل لغة يخاطب بها الشعب. هنا نتوجه بصورة خاصة للاخوة في الطائفة العلوية الكريمة والمسيحيين لنقول لهم: إن سوريا المستقبل ستكون للجميع».
انشقاق لواء
أفادت وكالة أنباء «الأناضول» التركية أن لواء آخر في الجيش السوري وصل إلى تركيا لينضم الى قوات المعارضة المسلحة ومعه خمسة ضباط كبار واكثر من 30 جنديا.
وأضافت الوكالة أن اكثر من 400 مدني سوري معظمهم من النساء والأطفال رافقوا العسكريين. وبذلك يرتفع عدد كبار الضباط السوريين الذين لجأوا إلى تركيا إلى 31 منذ بداية الاحتجاجات السنة الماضية في مارس.
«الوطني»: قطر والسعودية وليبيا تقدم أسلحة للمعارضة
أكدت ناطقة باسم المجلس الوطني أمس أن قطر والسعودية وتركيا تزود المعارضة السورية بالأسلحة، معتبرة أن «انتظار الحل العسكري» أمر «كارثي».
وأكدت مسؤولة العلاقات الخارجية في المجلس بسمة قضماني في مقابلة مع إذاعة أوروبا الأولى أن «الثوار على الأرض يبحثون جاهدين عن أسلحة من اي مكان». وقالت إن «بعض الدول توفر بعض الأسلحة الخفيفة التقليدية» للمعارضين.
ولدى سؤال عن هذه الدول، قالت «انها قطر والسعودية وبشكل محدود ليبيا مع ما تبقى لديها بعد انتهاء المعركة لديها. لكننا نعلم أيضا انه مع الحصول على بعض المبالغ ستسعى (المعارضة المسلحة) عبر السوق السوداء، بجميع الوسائل للتزود بما يمكنها العثور عليه». وذكرت «أن انتظار الحل العسكري أمر كارثي اليوم».
وأشارت قضماني إلى عدم توازن القوى في سوريا، فمن جهة يقف «نظام بكامل قواته التي تشمل الطيران ويستعين بطائرات ميغ ضد شعبه» ومن جهة اخرى يقف «جيش حر أي شبان مزودون بأسلحة خفيفة وليسوا قادرين فعلاً على الذهاب أبعد من المواجهة بهذه الأسلحة ومن انتهاج حرب عصابات في المدن».
كما أشارت إلى أن المعارضة المسلحة لا تملك «أسلحة أكثر تطورا تتيح لها التصدي للطيران». وتابعت: «انه قرار سياسي على الدول الكبرى اتخاذه، وهو لم يتخذ»، مؤكدة أنها تتوقع «مجزرة» في حلب كبرى مدن شمال سوريا التي يستعد الجيش السوري لشن «هجوم حاسم» عليها.
