رغم انتقادات المندوب السوري في الأمم المتحدة بشار الجعفري وذهابه إلى تشويه المساعي العربية لحقن دماء الشعب السوري وهجومه المباشر على كل من المملكة العربية السعودية وقطر والبحرين، أقرّت الجمعية العمومية، بموافقة 133 عضوًا واعتراض 12 وامتناع 33 دولة عن التصويت، قرارًا يدين استخدام العنف في سوريا من قبل الحكومة ويطالب في الوقت ذاته بانتقال سلمي سياسي.

ويرى مراقبون أن القرار انطوى على كثير من الألم المستحق للنظام السوري لبشار الأسد الذي أمعن في القتل بلا هوادة، مستخدما ذرائع كلمات جوفاء ضد معارضيه واصما إياهم مثلاً بـ«الإرهاب» واضعا «ما ليس في محله في ما ليس موضعه».

وذهب المندوب السوري قبيل التصويت على القرار ليحول دفة التطاحن الداخلي إلى صراع إقليمي بعيدا عن الساحة الداخلية للثورة السورية التي تتعاطى معها الحكومة السورية بشكل يعمل على تصفيتها دمويا، بدلا من العمل على احتوائها سلميا.

وينتظر السوريون بفارغ الصبر ما بعد قرار الأمم المتحدة غير الملزم، رغم اعتراض روسيا الراعي الرسمي لجرائم النظام الذي اتهم القرار بأنه ينحاز للمعارضة، وتحذير مندوب الصين بالأمم المتحدة من أن القرار سيعرقل التسوية السياسية للأزمة وسيؤدي إلى تصعيد وسيجر دولاً أخرى في المنطقة إلى هذه الأزمة.

إذ لا يزال الغموض يكتنف آليات التحرك الدولي، رغم بعض المؤشرات الدولية الغامضة وغير صريحة المعالم، مثل موقف الولايات المتحدة والتسريبات التي ذكرت بان الرئيس الأميركي باراك أوباما وقع على وثيقة لدعم الجيش الحر، في وقت تشير بعض التسريبات.

ومن بينها ما قاله مسؤولون في فرنسا منذ بضعة أيام، الى أن الجيش السوري الحر يدعم بالأسلحة من أطراف إقليمية، فضلا عن دعم عواصم غربية وعربية تشكيل حكومة انتقالية تعمل على مزيد من تفكيك البنية الأساسية للنظام السوري وإلغائه أمام المجتمع الدولي ككيان غير معترف به ومطارد.

مشكلة وإشارات

والمشكلة النوعية هنا التي يغفلها النظام السوري هو أن القتل وتصفية الشعوب ليس أمرا حصريا وسياديا للأنظمة التي تستبد بشعوبها أو تتحول في مجرى عملها الوطني الذي أساسه الحفاظ على السيادة والأمن وحقوق الإنسان، لا أن يتحول الشعب برمته بالنسبة إليها إلى هدف للقتل بناء على رغبة النظام لمعارضتهم بقاءه على سدة السلطة.

والإشارات التي أرسلها المندوب السعودي إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة واستجابت لها بالتصويت على القرار، استعادت جزءا من هيبة المجتمع الدولي المفقودة تجاه تعاطيه مع الأزمة السورية، رغم ان المبعوث الاممي ـ العربي كوفي انان استبق بشكل متوقع ما حصل بإعلانه العزوف عن استكمال مشوار عمله نهاية أغسطس الجاري، بسبب تعنت الحكومة السورية واستمرارها في استخدام خيار القوة وسفك الدماء.

وكذلك فشل مجلس الأمن في تحمل مسؤولياته واستصدار قرار يوقف نزيف الدم في سوريا، ويوفر الأساس لحل سياسي للأزمة يلبي طموحات الشعب السوري. وهذا الأمر ما أكد عليه مشروع القرار غير الملزم الذي أدان مجلس الأمن لفشله في اتخاذ إجراءات لوقف العنف أو الاتفاق على إجراءات لضمان إذعان السلطات السورية لقراراته.

 

نهاية

 

تبقى حزمة من التساؤلات المباشرة بشأن ما إذا كان بمقدور أي قرار أممي غير ملزم تغيير الواقع، فيما بات على مجموعة أصدقاء سوريا أكثر من ذي قبل دعم المقاومة السورية ضد مشروع القتل المنهجي الذي يحرق الأخضر واليابس في الأراضي السورية.