تتصدر مسألة وجود عناصر من متمردي حزب العمال الكردستاني التركي أو مقربين منه في شمال سوريا، جميع الخطب في انقره التي تتحدث عن احتمال القيام بتحركات عسكرية او حتى انشاء منطقة عازلة الامر الذي يعتبره المحللون في غاية الخطورة.
فهذه الفكرة محفوفة بالمخاطر أولا لأن سوريا ليست العراق، حيث السلطة المركزية على غرار الادارة الكردية التي تتمتع بالحكم الذاتي، تآلفت طوعا او كرها مع الغارات التي يشنها الطيران الحربي التركي بين الحين والآخر على القواعد الخلفية لحزب العمال الكردستاني.
عملية مطاردة
وحذر الخبير عثمان بهادير دينتشر من مركز الدراسات حول الشرق الاوسط قائلا: «اذا اردتم تنفيذ عملية مطاردة في هذا الظرف الساخن في شمال سوريا، فإن الحكومة السورية سترد بشكل مختلف جدا عن الحكومة العراقية».
فالعلاقات متوترة أصلا بين دمشق وجارتها أنقرة التي تطالب بإنهاء القمع ورحيل الرئيس السوري بشار الاسد. ثم تفاقم تدهورها عندما اسقطت سوريا طائرة حربية تركية في 22 يونيو الماضي قبالة سواحلها.
ويتوقع الاسوأ في هذه الحالة من نظام مسلح بقوة ويواجه وضعا حرجا ويحظى علاوة على ذلك بحلفاء لهم وزنهم. ويعتبر المحللون أن الحل الفعلي يمر عبر الدبلوماسية ولعبة النفوذ. ويقول دينتشر: «في هذه المنطقة من شمال سوريا، هناك العديد من العشائر العربية السنية التي تتمتع بنفوذ كبير على السكان الاكراد».
واضاف: «اذا استطاعت تركيا التعاون مع هذه العشائر، فستتمكن من القضاء على نفوذ حزب العمال الكردستاني أو حزب الاتحاد الديمقراطي»، في اشارة الى حزب الاتحاد الديمقراطي السوري المقرب من حزب العمال الكردستاني التركي.
وقال جنكيز جندار من صحيفة «راديكال» الليبرالية إنه «اذا أدخلت تركيا جنودا الى الاراضي السورية بمفردها وبدون غطاء عملية دولية، سيكون ذلك بمثابة استفزاز معلن لروسيا وإيران».
أضرار جانبية
وسيتسبب اسلوب القوة بأضرار جانبية اخرى، لأن أي عملية عسكرية «ستجر تركيا حتما إلى مغامرات جديدة غير مستحبة، ستقوض ليس فقط التقارب الجاري مع شمال العراق الكردي، بل ستزيد المشكلة الكردية في تركيا تفاقما». ويلفت جندار إلى أن ذلك سيحدث بين تركيا وجميع الاكراد في الشرق الاوسط.
ويحمل حزب العمال الكردستاني السلاح ضد الحكم في انقرة منذ 1984. ويطالب الآن بدلا من الاستقلال، بحكم ذاتي في جنوب شرق الاناضول المأهول باغلبية كردية. وأسفر هذا النزاع عن سقوط أكثر من 45 الف قتيل.
اتهامات
واتهم رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الاربعاء الماضي النظام السوري بانه وضع خمس مناطق في شمال سوريا «في عهدة» حزب العمال الكردستاني او حزب الاتحاد الديمقراطي، قبل أن يؤكد أن لأنقرة الحق في ملاحقة المتمردين في حال الضرورة. واعتبر أيضاً أن إنشاء منطقة عازلة في الأراضي السورية يشكل أحد الخيارات الممكنة.
ولفت هيوغ بوب من مجموعة الازمات الدولية إلى أن «الوضع اكثر فوضوية من ذلك. فالواقع هو ان حزب الاتحاد الديمقراطي لا يسيطر كليا على الوضع في شمال سوريا. ومن الواضح انهم يعملون في الوقت الحاضر بالتعاون مع مجموعات أخرى».
ووقع المجلس الوطني الكردي الذي يضم اثني عشر حزبا كرديا سوريا والمجلس الشعبي لكردستان الغربية، المنبثق عن حزب الاتحاد الديمقراطي، في اربيل بكردستان العراق في 11 يوليو الماضي اتفاقا لتوحيد الصفوف تحت رعاية رئيس الاقليم مسعود بارزاني.
مفتاح الحل
يبدو مفتاح حل مشاكل انقرة في أربيل عاصمة كردستان العراق التي يمكن ان تستخدم نفوذها لدى الحركات الكردية السورية لنزع فتيل التوترات مع تركيا.
ويبدو ايضا ان الحكومة التركية ادركت هذا الامر، وسيتوجه وزير الخارجية احمد داود اوغلو الاربعاء القادم الى اربيل لـ«يتقاسم وجهة نظر» أنقرة مع الأكراد العراقيين.
