تضاربت الأنباء، أمس، حول مصير اللواء رستم غزالي، أحد أهم الشخصيات الأمنية في النظام السوري، مع وصول أفراد من عائلته لاجئين إلى الأردن، فيما تبادلت سوريا والمغرب طرد السفراء، تزامناً مع تصريحات للسفير السوري في بغداد، المنشق عن النظام، نواف الشيخ فارس بمسؤولية الرئيس السوري بشار الأسد عما يجري، وتنسيق السلطة مع تنظيم القاعدة وتأييده لتدخل عسكري يطيح بالنظام.
ونقلت قناة «العربية» عن مصدر في المعارضة السورية، قوله إن عدداً من أفراد أسرة العميد رستم غزالي وصلوا إلى الأردن، وهم موجودون في أحد مراكز إيواء اللاجئين في العاصمة الأردنية عمان. فيما انتشر على موقع «يوتيوب» مقطع مصور يظهر فيه شخص قدم نفسه على أنه زوج شقيقة اللواء غزالي، يعلن انشقاقه عن جهاز المخابرات الجوية وانضمامه للجيش السوري الحر.
تضارب الأنباء
وفيما أفادت مصادر للقناة، أن شبيحة اقتحموا قرية قرفا في منطقة درعا مسقط رأس القائد الأمني البارز، وقاموا بحرق السيارات والمنازل، نقلت قناة «الدنيا» عن غزالي نفيه كل الأخبار التي بثت حوله وحول عائلته، مؤكداً أنها عارية عن الصحة ودليل إفلاس القنوات المحرضة والشريكة في سفك الدماء السوري، حسب تعبيره.
من جانب آخر، أعلنت السلطات السورية، أمس، أن السفير المغربي المعتمد لديها «شخص غير مرغوب فيه»، بحسب ما أوردت وزارة الخارجية السورية في بيان، وذلك بعد ساعات من إجراء مماثل أعلنه المغرب تجاه السفير السوري المعتمد لديه.
وذكرت وزارة الخارجية والمغتربين، أمس، في بيان تلقت وكالة «فرانس برس» نسخة عنه، أنها «استدعت القائم بأعمال السفارة المغربية في دمشق وسلمته مذكرة رسمية تتضمن قرار سوريا اعتبار سفير المملكة المغربية محمد الاخصاصي شخصاً غير مرغوب به اعتباراً من يوم أمس الاثنين، وذلك عملاً بمبدأ المعاملة بالمثل».
طرد متبادل
ويأتي القرار بعيد طلب المغرب من السفير السوري نبيه اسماعيل المعتمد لديه مغادرة المملكة بـ«اعتباره شخصاً غير مرغوب فيه»، مؤكداً أن الوضع في سوريا لا يمكن أن يستمر على ما هو عليه.
وقالت وزارة الخارجية المغربية، إنها طلبت من السفير السوري مغادرة البلاد، وأعلنت أنه شخص غير مرغوب فيه، ودعت إلى التحول الديمقراطي الذي يلبي تطلعات الشعب السوري في الحرية.
وجاء طرد السفير السوري بعد انشقاق سفير سوريا في العراق الأسبوع الماضي. وفر قبل هذا بأسبوع عميد بارز كان مقرباً من الرئيس السوري بشار الأسد، وهي تطورات قال مسؤولون غربيون، إنها تظهر أن الأسد بدأ يفقد قبضته على السلطة مع استمرار المعارضة المسلحة ضده.
وأضافت الخارجية المغربية أن الرباط تتطلع «إلى تحرك فاعل وحازم من أجل تحقيق انتقال سياسي نحو وضع ديمقراطي يضمن وحدة سوريا واستقرارها وسلامتها الإقليمية ويحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق نحو الكرامة والحرية والتنمية».
تصريحات فارس
إلى ذلك قال السفير السوري المنشق نواف الشيخ الفارس، إن الرئيس السوري بشار الأسد هو الشخص الوحيد الذي يتخذ القرارات في دمشق، وأن من حوله ينفذون أوامره فقط، متهماً النظام السوري بالتنسيق مع تنظيم «القاعدة»، معرباً عن تأييده لتدخل عسكري يطيح بالنظام الحالي.
وذكرت شبكة «سي إن إن»، أنها أجرت مقابلة مع الفارس في مكان لجوئه بالعاصمة القطرية الدوحة، بعد نحو أربعة أيام من إعلان انشقاقه، بعدما خدم النظام السوري لنحو 34 عاماً، كان خلال السنوات الأربع الأخيرة منها سفيراً في بغداد.
وأضافت أن السفير المنشق، رفض الحديث عن تفاصيل اختياره للدوحة ملجأ آمناً له، واكتفى بالقول إن لديه بعض «الأصدقاء والمعارف في المعارضة السورية الذين قاموا بمساعدته».
وحول أسباب انشقاقه واختياره هذا التوقيت لإعلان ذلك، قال الفارس «ما حصل في سوريا خلال العام ونصف العام الماضي من قتل وتدمير وتشريد دفعني لاتخاذ هذا القرار، لأن أي إنسان عاقل لا يستطيع البقاء صامتاً أمام كل ما يجري، لذا قررت إنهاء علاقتي كلياً مع النظام السوري»، مضيفاً القول إنه التقى الأسد في بداية الثورة حين كان سفيراً في بغداد، وأضاف القول «تحدثنا طويلاً وبكل صراحة، وقلت له إن العالم تغير، وأن الشعب السوري جزء من هذا العالم، كما أن هناك ضرورة أساسية لانتخابات وصندوق اقتراع وعمليات محاربة للفساد في المؤسسات».
صاحب القرار
وتابع فارس «كان الأسد شبه إيجابي بشأن حديثنا، ووعدني بإجراء الإصلاحات اللازمة، غير أن الأيام اللاحقة أثبتت كذب الرئيس بشأن ما قاله، فهذا الرجل شخص يجيد الكذب ويمارسه».
وشدد على أن الأسد هو الشخص الوحيد الذي يتخذ القرارات في دمشق، ومن حوله ينفذون أوامره فقط.
واتهم الفارس نظام الأسد بإقامة علاقات مع تنظيم «القاعدة»، وقال إن «النظام السوري مسؤول بصورة مباشرة عن مقتل آلاف العراقيين وقوات التحالف، فقد قدم الكثير من التسهيلات عبر تدريب مقاتلي القاعدة وتوفير مخبأ آمن لهم.. لقد شجعت الاستخبارات الشباب المتحمس في سوريا من أجل الذهاب إلى العراق للجهاد مع القاعدة».
وعبر السفير المنشق صراحة عن وقوفه إلى جانب أي تدخل عسكري خارجي لإسقاط نظام الأسد، وقال إن «معاناة الشعب السوري كبيرة جداً، وهم يريدون إنهاءها بأي شكل، أنا مع التدخل العسكري في سوريا لأن طبيعة النظام تحتم ضرورة إسقاطه بالقوة».
ملاحقة السفير المنشق
أعلنت بغداد، أمس، أنها ستلاحق السفير السوري السابق لديها، والذي أعلن انشقاقه عن النظام، لاعترافه بالمشاركة بتسهيل عمليات انتقال وحدات جهادية من سوريا إلى العراق.
وقال علي الموسوي مستشار رئيس الوزراء نوري المالكي لوكالة «فرانس برس»، «سنلاحق السفير المنشق نواف الفارس بكل الوسائل المحتملة، لأن التستر على تسهيل عملية دخول الإرهابيين جريمة».
وأعلن الفارس في مقابلة نشرتها «صنداي تلغراف» البريطانية أنه ساعد نظام بلاده حينما تولى منصب محافظ منطقة دير الزور على إرسال ما وصفها بوحدات جهادية إلى العراق لتنفيذ هجمات مسلحة، خلال السنوات التي أعقبت الإطاحة بنظام صدام حسين.
وقال الموسوي: «سنعمل بكل الاتجاهات القضائية والسياسية من أجل أن نستعيد حقوقنا كمواطنين وكدولة تعرضت إلى إرهاب من السفير المنشق وكل من ساهم ويثبت أنه دعم العمليات الإرهابية ضد أبناء الشعب العراقي».
