حاول المبعوث الأممي العربي المشترك كوفي أنان ضخ دماء جديدة في خطته شبه الميتة، بعد إعلانه أمس الاتفاق مع الرئيس السوري بشار الأسد، خلال لقاء في دمشق، على طرح لوقف العنف سيناقشه مع «المعارضة المسلحة»، في مؤشر إلى الرقم الصعب والحاسم الذي يشكله الجيش الحر في معادلة الحل، إلا أنه أبقى خيوط الحوار السياسي رهن موافقة الأسد، الذي أكد عدم خشيته من مصير الرئيسين المخلوعين المصري حسني مبارك، والليبي معمر القذافي، فيما تمسكت دمشق بمرجعية «جنيف» كأساس للحل، عبر تشكيل حكومة انتقالية، في حين دعت روسيا إلى «حل سياسي سلمي».
وأكد أنان، بعد لقائه الأسد في دمشق، أمس، أنه اتفق والرئيس السوري على طرح لوقف العنف سيناقشه مع «المعارضة المسلحة»، في إشارة إلى الجيش الحر. ووصف أنان محادثاته بأنها «بناءة وصريحة»، دون أن يفصل الطرح الذي تم التوصل إليه خلال الاجتماع، إلا أنه شدد على أهمية المضي في «الحوار السياسي الذي يوافق عليه» الأسد.
محادثات بناءة
وقال أنان للصحافيين: «ناقشنا الحاجة إلى وقف العنف والطرق والوسائل المؤدية إلى ذلك. واتفقنا على طرح سأتشارك به مع المعارضة المسلحة». وأردف أنه شدد «على أهمية المضي قدماً في الحوار السياسي الذي يوافق عليه الأسد».
وأشار إلى أنه ناقش أيضاً مع الرئيس السوري خطة النقاط الست، مشيراً إلى «ضرورة المضي قدماً في تطبيقها بطريقة أفضل مما هو عليه الوضع حتى الآن». وذكر المبعوث المشترك أنه سيغادر دمشق إلى إيران التي يصلها اليوم الثلاثاء «لكن حوارنا سيستمر»، مشيراً إلى أن الفريق الموجود على الأرض سيواصل العمل من أجل هذا الحوار. وأردف: «أشجع الحكومة والأطراف الأخرى المؤثرة على مساعدتنا في هذا الموضوع». وكرر القول إن «الطرح الذي ناقشناه حول وقف العنف سيتم بحثه مع المعارضة المسلحة».
وكان الناطق باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي قال عبر حسابه على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي إن أنان التقى أيضاً وزير الخارجية السوري وليد المعلم. وأفاد: «في الاجتماعين، أكدنا لأنان التزام سوريا بتطبيق خطة النقاط الست، وعبرنا عن أملنا بأن يكون الطرف الآخر ملتزماً أيضاً». وأوضح مقدسي أن الطرفين يعتبران أن مؤتمر جنيف الذي أقر في 30 يونيو الماضي، واقتراح أنان حول الحكومة الانتقالية، «هو خطوة مهمة لإعطاء دفع للعملية السياسية، وإيجاد مناخ للحوار». وبعد انتهاء لقائه مع الأسد توجه أنان إلى إيران بحسب الناطق باسمه أحمد فوزي.
القذافي ومبارك
في المقابل، قال الأسد إنه لا يخشى أن يواجه مصير العقيد الليبي المقتول معمر القذافي، أو الرئيس المصري حسني مبارك الذي أطيح به وحكم عليه بالسجن المؤبد. وفي مقابلة مع شبكة تلفزيون «إيه.آر.دي» الألمانية قال الأسد إن معظم الضحايا في الانتفاضة المــستمرة منذ 16 شهراً من مؤيدي الحكومة.
وعندما سئل إن كان يخشى من أن يواجه مصير القذافي الذي قتل بأيدي معارضيه بعد فترة قصيرة من القبض عليه، رد الأسد بقوله إن ما حدث للقذافي «وحشية وجريمة»، وإنه مهما فعل، وبغض النظر عن شخصه، فلا أحد في العالم يمكن أن يقبل ما حدث، وأن يقتل شخص ما على هذا النحو.
وأضاف أن ما حدث لمبارك مختلف، مضيفاً أنها كانت محاكمة، وأن أي مواطن يتابع محاكمة على شاشات التلفزيون يتصور أنه لن يكون في هذا الوضع، والخروج من هذا المأزق هو بألا تفعل شيئاً مثله.
وقال إنه لكي يخاف المرء فإنه يجب أن يقارن ويسأل، هل هناك شيء مشترك؟. وأضاف أن الوضع «مختلف تماماً، ولا يمكن مقارنته، ولا يمكن أن يشعر المرء بالخوف، لكنه قد يشعر بالأسف أو الشفقة أو شيء من هذا القبيل».
حل سلمي
في هذه الأثناء، دعت روسيا إلى «حل سياسي سلمي» في سوريا، رافضة مجدداً أي تدخل عسكري. وصرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كلمة متلفزة: «أنا مقتنع بأن علينا بذل كل الجهود لإقناع أطراف النزاع بحل سياسي سلمي لتسوية كل الخلافات». وأضاف بوتين أمام سفراء روسيا إلى الخارج في مقر وزارة الخارجية: «بالطبع، إنها مهمة أكثر صعوبة ودقة» من اللجوء إلى «تدخل بالقوة من الخارج». وأكد بوتين معارضة موسكو لأي تدخل مسلح من دون الموافقة المسبقة لمجلس الأمن.
معارض يرشح مناف طلاس للعب دور أساسي
دعا المعارض السوري البارز ميشال كيلو، أمس، روسيا إلى الإسهام في «استقرار الوضع»، كما رشح العميد المنشق عن النظام السوري مناف طلاس للعب دور أساسي في سوريا، وذلك أثناء محادثات أجراها في موسكو مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
وقال كيلو، وهو من المعارضين المطالبين بالديمقراطية في سوريا، بحسب وكالات أنباء روسية، إن «سوريا أصبحت ساحة نزاع دولي. ونعتبر بصفتنا ممثلين عن القوى الديمقراطية أن من مصلحة روسيا التوصل إلى استقرار الوضع» في سوريا.
وأضاف: «نحن جزء لا يتجزأ من الحوار الوطني الذي أطلق في 2001. للأسف لا يستجيب النظام لمطالبنا». وقال لإذاعة صوت روسيا أن العميد مناف طلاس المقرب من الرئيس بشار الأسد والذي انشق الجمعة الماضي عن الجيش السوري، قد يضطلع بدور أساسي في سوريا. ونقلت وكالة انترفاكس عن كيلو قوله في المقابلة: إن «العميد مناف طلاس الشخص المناسب للعب دور أساسي في سوريا».
وقال لافروف من جهته بحسب وكالة «ايتار تاس»: إن روسيا «من البلدان النادرة، إن لم تكن الوحيدة، التي تعمل بشكل ناشط مع الحكومة السورية ومختلف قوى المعارضة سعيا لتطبيق خطة كوفي أنان».
وأضاف: «نراهن على أن يكون اللقاء مع كيلو خطوة على طريق تطبيق الاتفاقات التي تم التوصل إليها في جنيف» في 30 يونيو الماضي حول مبادئ عملية سياسية انتقالية في سوريا اقترحها أنان.
وينتظر وصول الرئيس الجديد للمجلس الوطني السوري المعارض الكردي عبد الباسط سيدا غداً الأربعاء إلى العاصمة الروسية لإجراء محادثات أيضاً.
تأجيل
نقلت وكالة الإعلام الروسية عن هيئة التعاون العسكري الروسية قولها، إن روسيا لن تسلم مقاتلات من طراز «ياك 130» إلى سوريا مادام الوضع هناك «دون حل». وأضافت أن نائب مدير الهيئة فياتشيسلاف جيركالن قال للصحافيين في معرض فارنبورو الجوي: «في ظل الوضع الحالي فإن الحديث عن تسليم طائرات إلى سوريا أمر سابق لأوانه». وأفادت تقارير بأن روسيا وقّعت أمراً بتسليم 40 مقاتلة بنهاية العام الماضي، رغم الجدل المثار حول مبيعاتها للأسلحة إلى سوريا.
