عادت مسألة منح روسيا اللجوء السياسي للرئيس السوري بشار الأسد وإخراجه من سوريا إلى واجهة الأحداث، كتمهيد لتطبيق اتفاق جنيف، وبدء مرحلة الانتقال السياسي، مع تقديرات بأن فرص بقاء الأسد لا تتجاوز 10 في المئة، ففي حين أفادت تقارير أن الغربيين يحاولون إقناع موسكو بمنح اللجوء للأسد، نفى مسؤول روسي صحة هذه التقارير، في وقت نصحت بريطانيا الروس بعدم الوقوف إلى جانب النظام السوري، لأنه «لا جدوى من ذلك»، بينما طالبت الصين بالإسراع في تطبيق «جوهر» اتفاق جنيف، ملمّحة إلى عدم مشاركتها في مؤتمر «أصدقاء سوريا» الذي يعقد غداً في باريس.

وأفادت صحيفة «كومرسانت» الروسية أمس أن الغربيين يحاولون إقناع روسيا بمنح اللجوء السياسي للرئيس بشار الأسد، بعدما تم التوصل إلى اتفاق دولي السبت الماضي في جنيف حول مبادىء الانتقال السياسي في سوريا. لكن موسكو لم تتجاوب حتى الآن مع الفكرة، رغم أن مصادر في الكرملين ترى أن فرص الأسد في الاستمرارية سياسياً تبلغ «10 في المئة»، كما قالت الصحيفة.

جهود حثيثة

وكتبت الصحيفة نقلاً عن مصدر دبلوماسي روسي أن «الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، تبذل جهوداً حثيثة لإقناع موسكو بمنح اللجوء السياسي للرئيس السوري». وأضاف المصدر: «لكن ليس لدينا مشاريع لاستضافة الأسد، كما لم يكن لدينا» مثل هذه الخطة. ونقلت الصحيفة عن مصدر في الكرملين قوله: «نحن لا ندافع عن الأسد». وأضاف المصدر أن «الرئيس السوري أهدر الوقت. وفرص بقائه في السلطة ليست قوية، وتقدر بـ10 في المئة. ونحن لسنا ضد المعارضة السورية، لكننا نعارض التدخل المسلح الخارجي في سوريا».

من جهته لم يؤكد مصدر دبلوماسي غربي، ولم ينف، في حديث لصحيفة «كومرسانت»، المعلومات حول «هذا الاقتراح الملحّ»، الذي يحتمل أن يكون قُدّم إلى موسكو. وكانت الدول الخمس؛ دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا).

وكذلك تركيا، ودول تمثل الجامعة العربية، اتفقت على مبادىء انتقال سياسي في سوريا، حيث تحولت الانتفاضة ضد نظام الأسد إلى نزاع مسلح. ورغم أن اسم الرئيس السوري لم يرد في هذا الاتفاق، إلا أن الوثيقة تنص على أنه يعود للسوريين تحديد مستقبلهم. ونقلت الصحيفة عن الناطق باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند القول إنه «ليس هناك أية فرصة لأن يسمحوا له بالاستمرار» في السلطة.

نفي روسي

في المقابل، نفت روسيا صحة هذه الأنباء. وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، كما نقلت عنه وكالة «إنترفاكس»: «نحن لا نبحث الوضع المتعلق بمستقبل الرئيس السوري مع الولايات المتحدة». واضاف ريابكوف: «شرحنا موقفنا أكثر من مرة؛ مسألة السلطة في سوريا يجب أن يقررها الشعب السوري. والخطط المطروحة، وخاصة عندما تكون مفروضة من الخارج، لا يمكن إلا أن تسيء للوضع».

من جهته، قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إن على روسيا أن تفهم أن الوقوف في صف الرئيس السوري بشار الأسد غير مجد. وقال هيغ في مؤتمر صحافي عقب اجتماعه مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس: «يجب أن تفهم روسيا أن الوضع في سوريا سيؤدي إلى الانهيار. لا جدوى من وقوف أحد مع نظام الأسد».

تلميح صيني

في الأثناء، طالبت الصين بالإسراع في تطبيق «جوهر» اتفاق جنيف، كما ألمحت إلى أنها لن تشارك في مؤتمر أصدقاء الشعب السوري، المقرر عقده غداً في باريس. وقال الناطق باسم الخارجية الصينية ليو ويمين، في لقائه المنتظم مع الصحافيين، إن «الصين ترى أن الأمر الملحّ الآن هو تنفيذ بيان مجموعة العمل بشأن القضية السورية». ورفضت الصين دائماً اعتبار بشار الأسد الجهة الرئيسية المسؤولة عن أعمال العنف. وقال الناطق الصيني أيضاً إن «موقف الصين من القضية السورية لم يتغير».

وألمح ليو إلى أن الصين لن تشارك في مؤتمر أصدقاء الشعب السوري المقرر عقده غداً في باريس، ويضم أكثر من مئة دولة عربية وغربية، ومنظمات دولية، وممثلين عن المعارضة السورية. وقال: «لم أبلغ بأن الصين ستشارك» في هذا المؤتمر الثالث من نوعه، والذي أعلنت روسيا مقاطعته.

 

ترحيب سوري بـ«جنيف»

 

ثمنت سوريا موقفي الصين وروسيا الداعمين لها خلال مؤتمر جنيف، ورحبت بالبيان الختامي الصادر عن هذا الاجتماع والقاضي «بتبني حل سياسي للأزمة» في سوريا، بحسب بيان لوزارة الخارجية.

وذكر بيان الخارجية أن سوريا «تثمن عالياً الموقف الروسي والصيني، الذي برز خلال الاجتماع، والذي تميز بمبدئيته وانسجامه مع أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي، مما أدى إلى تبني الاجتماع للحل السياسي للأزمة في سوريا، ودعم مهمة المبعوث الدولي الخاص (كوفي أنان) وخطته».

وأشارت الخارجية إلى «وجود نقاط غامضة في البيان الختامي تحتاج إلى إيضاح» إلا أنها اعتبرت أن كل المسائل قابلة للنقاش على طاولة الحوار الوطني «طالما أقر المجتمعون بأن الشعب السوري وحده هو صاحب القرار في تقرير مستقبله دون تدخل خارجي».