بينما تواصل الحكومة الكويتية اجتماعاتها الطارئة لبحث آلية التعامل مع حكم المحكمة الدستورية، والقاضي ببطلات انتخابات مجلس الأمة 2012، عقدت كتلة الأغلبية النيابية أمس اجتماعاً في ديوان رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون، حذرت فيه الحكومة من العبث بالدستور، وإصدار قوانين ضرورة في غياب مجلس الأمة، فيما أعلنت القوى الشبابية أنها بانتظار الخطوات المقبلة لاتخاذ قرار النزول إلى الشارع، وقت أعلن وزير الإسكان شعيب المويزري استقالته رسمياً من الوزارة وعضوية مجلس 2009 العائد بقرار المحكمة الدستورية.

وأكد السعدون في مؤتمر صحافي أن الشعب الكويتي لا يزال مصدوماً مما حصل، وقال: «الدستور مستهدف منذ عام 1963». وتطرق السعدون لسرد تاريخي معدداً خلاله محاولات الاعتداء على الدستور، مشيراً إلى أن «المطالبات بتحقيق نظام برلماني حقيقي عبر حكومة برلمانية كان منذ عام 1963، ولكن السلطة رفضت ذلك آنذاك وزورت الانتخابات»، وأضاف مخاطباً الحكومة قائلاً: «سيكون لنا فعل وليس رد فعل، ونحذركم من العبث بقضيتي التحويلات والإيداعات، وكل الوثائق والمستندات بحوزتنا».

في غضون ذلك، أعلن وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة وزير الإسكان شعيب المويزري عن تقديم استقالته من الحكومة رسمياً، وتقديم استقالته من عضوية مجلس الأمة 2009.

وقال المويزري إن استقالته من الحكومة قدمها لرئيس الوزراء، واستقالته من عضوية المجلس قدمها لرئيس مجلس الأمة، معلناً عن عدم ترشحه لانتخابات مجلس الأمة القادمة، وأضاف «أرجو السموحة من أهل الكويت جميعاً إن قصرت بواجبي، وأسأل الله أن يحفظ الكويت وأهلها من كل مكروه».

إلى ذلك، دعا أمين عام مجلس الأمة علام الكندري النواب إلى تسليم سيارات المجلس والمكاتب، مضيفاً «إننا نمر في ظرف بطلان المجلس السابق وإعادة مجلس 2009 بدأً من يوم الخميس».

حكم المحكمة

من جهته، بيّن النائب سعدون حماد العائد بعد حكم المحكمة الدستورية ببطلان مرسوم حل مجلس 2009، وبالتالي عودته مع النواب، أن «إجراءات حل مجلس 2009 كانت باطلة، لأن رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك أقسم منفرداً أمام سمو أمير البلاد بعد تعيينه، ولم يشكل حكومته، وإنما استعان بحكومة مستقيلة، وأصدر كتاب عدم التعاون من حكومة منعدمة».

وقال حماد في مؤتمر صحافي في مجلس الأمة إنه بناءً على إجراءات الحل الباطلة، رفع دعوى إلى المحكمة الإدارية، بين فيها أن الحل كان لقرار منعدم، والإدارية حكمت بعدم الاختصاص لأن الأمر من اختصاصات المحكمة الدستورية، وأضاف «أبلغت أن أي مواطن يطعن في الانتخابات، فإن الدستورية ستأخذ بالطعن وتبطل الانتخابات، فتقدمت صفاء الهاشم ومرشحون آخرون بطعون»، مؤكداً أنه أبلغ بعض النواب أن بقاءهم في المجلس لن يتجاوز الأربعة أشهر.

ودعا حماد إلى تقبل حكم المحكمة الدستورية الذي قضى ببطلان حل مجلس 2009، معرباً عن أسفه إزاء كل من كان الحكم في غير مصلحته وقام بضرب القضاء، مشدداً على نزاهة القضاء الكويتي، ومن الواجب احترامه، خصوصاً أن الحكم صادر من المحكمة الدستورية.

صفقة الداو

وأوضح حماد أنه سيطالب بتشكيل لجنة تحقيق في صفقة الداو، ولجنة تحقيق في التحويلات من دولة قطر، مؤكداً أن «الحل وتحديد الانتخابات بيد سمو الأمير، والعودة وصناديق الاقتراع لا يرفضه أي نائب، والعودة إلى الشارع اختصاص مطلق لسمو الأمير».

وحض حماد رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي إلى توجيه الدعوة لانعقاد مجلس 2009، وحتى من يريد تقديم استقالته يقدمها إلى جاسم الخرافي أو أحمد السعدون، خصوصاً أن هناك من لديه حساسية من الخرافي، والرئيس هو من يملك النظر في الاستقالة أو تأجيلها. وقال إن «حل مجلس 2009 آت، ولكن لا نريد التدخل في صلاحيات سمو أمير البلاد».

بدوره، رأى النائب صالح عاشور إن انعقاد مجلس 2009 لا بد منه من أجل تصحيح الإجراءات الدستورية والقانونية، مبيناً أن الأمر يتطلب مدة ستة أشهر لتصحيح الأخطاء التي تمت في المرحلة الماضية. وقال عاشور: «إننا أمام قضية سياسية ودستورية تحتاج إلى وقت كاف للخروج من المأزق الذي نعيشه حتى لا ندخل في مأزق آخر، وتتجاوز سلبيات المرحلة الماضية لا يكون بالنزول إلى الشارع أو التصريحات النارية، بل بتحكيم لغة العقل وتغليب مصلحة البلد واستقراره».

أزمة سياسية

كما أعلن النائب حسين الحريتي استقالته من مجلس 2009، مشيراً إلى أن «الخروج من الأزمة السياسية الحالية، يتمثل بالعودة مرة أخرى إلى صناديق الاقتراع، ليمارس الشعب الكويتي حقه ويقول كلمته ويختار من يرى أنه يلبي طموحاته ويعمل على استقرار وأمن ورخاء الكويت». وقال الحريتي: «إننا نحترم قضاءنا الشامخ، ونثق بأحكامه وعدالته»، مشيراً إلى أن «ما صدر عن المحكمة الدستورية ببطلان انتخابات 2012، وبطلان حل مجلس 2009 سبق أن حذرنا منه في حينه، من خلال القنوات الفضائية والصحف، وبينا عدم دستوريته».

نزول إلى الشارع

في هذه الأثناء، أصدرت المجاميع والقوى الشبابية بياناً أكدوا فيه أنهم في انتظار الخطوات المقبلة لاتخاذ قرار النزول للشارع، وقالوا: «بناء على الحكم الصادر من المحكمة الدستورية والقاضي بإبطال عملية انتخابات مجلس الأمة 012 2 في الدوائر الخمس، وبعدم صحة عضوية من أعلن فوزهم فيها لبطلان حل مجلس الأمة، والتي تمت على أساسها الانتخابات، فإنهم يريدون توضيح أن قرار حل مجلس الأمة هو حق أصيل مناط لصاحب السمو، ولا يحق لأي كان حل مجلس الأمة سواه، لذا فلا يمكن للمحكمة الدستورية أن تقضي بحله بناء على إجراء شكلي تم بالخطأ من حكومة سابقة رفعت لصاحب السمو كتاب عدم التعاون». وشددت المجاميع على أنها ستتخذ خطوات تبدأ بالنزول إلى الشارع، ولن تنتهي إلا باسترجاع إرادة الأمة. ملاذ أخير

 

قال النائب فيصل الدويسان إنه «ينبغي الانحناء لأحكام القضاء، فهو الملاذ الأخير لنا كمواطنين للإحساس بالأمن، رضي من رضي، وعلينا الانصياع لهذه الأحكام».

وأضاف الدويسان «وفق ما نصت عليه المادة 50 من الدستور بأن تكون السلطات متعاونة، وبالتالي قام القضاء الشامخ بحل هذه المسألة، لذلك علينا أن نرضى بالحكم ولا نعلق على القضاء». وتوقع النائب انعقاد مجلس 2009، وأن تؤدي الحكومة القسم الدستوري والدخول في العطلة، وربما يأتي الحل بعد ذلك، مطالباً بألا يشمت البعض بالآخر، فما حدث هو لمصلحة الكويت. ودعا الدويسان إلى التهدئة وترك العقلاء يقررون مصير البلد ضمن الدستور، على حد قوله.