أثار إصدار المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر، والذي يدير شؤونها خلال المرحلة الانتقالية، إعلاناً دستورياً مُكمّلاً يرسم ملامح المرحلة الانتقالية الجديدة من خلال جداول زمنية لصياغة الدستور، جملة من الشكوك حول مدى جديته في تطبيق جداول صياغة الدستور، والذي من المقرر الفراغ من صياغته مطلع العام 2013، لا سيما في ظل الصراع المحتدم بين المجلس العسكري والتنظيمات السياسية من جهة، وبينه والقوى الثورية من الجهة الأخرى، إذ تعتبر جماعة الإخوان المسلمين أبرز القوى المصارعة لـ «العسكري» باعتبارها صاحبة أكبر وجود في الشارع المصري، وصاحبة الأغلبية أسفل قبة البرلمان المنحل.

كشف نوايا

ولعل من أبرز العوامل التي أثارت الشك والريبة في نوايا «العسكري» الالتزام بالجدول الزمني المحدد، تتمثل في موقفه من الجمعية التأسيسية للدستور في تشكيلها الحالي، بعد غياب ممثل الجيش عن أولى اجتماعات الجمعية المخولة صياغة الدستور المصري الجديد، ما اعتبره البعض كشف قناع من قبل «العسكري» في رغبته عدم اتفاق القوى السياسية حول الدستور، بما يتيح له، وفقاً للإعلان الدستوري المكمّل الذي أصدره منذ أيام، أن يقوم بتشكيلها، وبذلك يشكلها من خلال أشخاص يرتضيهم، وهو السيناريو الذي حذّر منه زعيم الأغلبية بالبرلمان المنحل النائب حسين إبراهيم القيادي بجماعة الإخوان المسلمين.

واعتبرت القوى السياسية أن وضع العراقيل أمام تأسيسية الدستور يعني في الأساس إرجاء إنهاء المرحلة الانتقالية الجديدة، وإطالة مدتها، وخاصة أن إعطاء الحق للمجلس العسكري وللمحكمة الدستورية العليا في الاعتراض على بعض نصوص الدستور الجديد يفتح الباب أمام الطعون المقدمة ضده، بما يفتح الباب لمزيد من الوقت في مناقشة الدستور، الأمر الذي يرجئ أيضاً إجراء الانتخابات البرلمانية الجديدة، ما يطيل المرحلة الجديدة، ويطيل من بقاء العسكر في السلطة، واستمرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة في التمسك بسلطة التشريع.

مخاوف مماطلة

ويؤكد القيادي بحزب النور السلفي المهندس محمود عباس في تصريحات خاصة لـ «البيان»، أن «الإعلان الدستوري المكمّل أعطى المجلس العسكري الصلاحيات كاملة، وجعل له قدماً ويداً في المرحلة الانتقالية الجديدة، بما يعني أنه لن يخرج من السلطة، وقد يماطل ويرجئ ذلك الخروج، مستخدماً كارت الجمعية التأسيسية للطعن عليها أو تسييرها لخدمته»، معرباً عن تخوفه «بشأن إمكانية استغلال العسكري لصلاحياته بالإعلان الدستوري في إطالة المرحلة الانتقالية». وشدد عباس، أن «المجلس الأعلى بما حدّده من صلاحيات لنفسه في الإعلان الدستوري المكمل، يؤكد للساحة السياسية أنه لن يخرج من الساحة السياسية، وأنه مصمم على لعب دور سياسي جديد، وحجز مساحة له، تخوفاً من تغيير موقفه خلال عهد الرئيس الجديد، عن موقفه ووضعه خلال حقبة الرئيس السابق حسني مبارك».

احتجاجات

 

دفعت الشكوك في نوايا المجلس العسكري الكثير من القوى السياسية والثورية المعارضة للإعلان الدستوري إلى التظاهر ضد «العسكري»، بقيادة جماعة الإخوان المسلمين، وهي الاحتجاجات التي بدأت منذ أيام قلائل، ولا تزال مستمرة إلى حين ما أسموه عدول «العسكري» عن حل البرلمان وإعادة إعطائه سلطة التشريع، وعودة الجيش إلى ثكناته فوراً، دون ممارسة أي لعب سياسي مطلقاً، وهي المطالب التي يرفضها «العسكري» ويطالب بضرورة الالتزام بقرارات المحكمة الدستورية العليا، التي أقرّت بطلان بعض مواد قانون انتخابات مجلس الشعب، بما يعني حل البرلمان، الأمر الذي قد يؤدي إلى صدام قوي بين العسكري وعدد من القوى، وهي معركة تكسير العظام التي بدأت خلال المرحلة الانتقالية الأخيرة، لكن مراقبين يتوقعون أن تكون أكثر شراسة خلال المرحلة الحالية، تزامناً مع تنصيب رئيس جديد للبلاد.