لم يكن هناك في مصر مادة خصبة لانقسام المصريين مثل (البرلمان)، الذي كان أداؤه وقودا ومادة دسمة للشارع في كل المواقف والأوقات. حتى في أعقاب حل المجلس انقسم الشارع حيال هذه الخطوة، عقب 140 يوماً من الجدل والتجاذبات. وأفرزت أول انتخابات تشريعية نزيهة عقب ثورة 25 يناير، برلمانًا ثوريًا سيطرت على أغلبيته قوى التيار الإسلامي المختلفة.
وتمكنت جماعة الإخوان المسلمين من السيطرة على نسبة الأكثرية بـ222 مقعدًا، تلاها حزب النور السلفي بـ112 مقعدًا، وتم عقد أولى جلساته في 23 يناير 2012؛ أي عقب عام كامل من الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس السابق حسني مبارك.
وكانت الجلسة الأولى مؤشرا على دلالات خطيرة بشأن أداء النواب الجدد الذين مارس معظمهم العمل السياسي أسفل القبة لأول مرة، فكانت أبرز تجاوزاتهم خلال تلك الجلسة أن قام معظمهم بـ«تحريف» القسم القانوني للنواب، بإضافة جملة «بما لا يخالف شرع الله» لهذا القسم، أو بكلمة «حماية الثورة».
وعلى مدار نحو ما يقرب من 140 يومًا مر على انعقاد أولى جلسات مجلس الشعب وجّهت إليه جملة من الانتقادات بأنه تجاهل عددًا من الملفات وراح يستدرج في صراعات جانبية وأنه صار «بوقًا» للتيار الإسلامي. وعزّز تلك الاتهامات هو عدد من المواقف الغريبة التي لم تحدث مطلقًا في تاريخ البرلمان أبرزها قيام نائب النور السلفي ممدوح إسماعيل برفع الأذان أسفل القبة.
ورغم وصف عدد من المراقبين لأداء البرلمان بـ«الرعونة السياسية»، إلا أنه أنجز عددًا من القوانين في المجال التشريعي أبرزها قانون تعويض أسر الضحايا وأيضًا المصابين بالعجز الكلي وزيادة التعويضات إلى 100 ألف جنيه، واعتماد تثبيت جميع العمالة المؤقتة حفظًا لحقوق العاملين ويستفيد من ذلك أكثر من 700 ألف عامل، واعتماد تعديل نظام الثانوية العامة الجديد، وأن تكون صالحة لمدة خمسة أعوام واعتماد الحد الأدنى للأجور 700 جنيه في المرحلة الأولى والحد الأقصى للأجور 35 مثل الحد الأدنى في كل مؤسسة وبحد أقصى 50 ألف جنيه.
كما وافق البرلمان أيضًا على قانون عدم إحالة المدنيين للقضاء العسكري، وإصدار قانون التأمين الصحي على المرأة المعيلة بما يحقق العدالة الاجتماعية، وتستفيد منه 5 ملايين امرأة، وإصدار قانون إجراءات الطعن أمام محكمة النقض في صحة عضوية مجلسي الشعب والشورى والذي أنهى أسطورة «سيد قراره».
وبذلك تكون محكمة النقض هي المختصة في الفصل في صحة عضوية النواب وليس البرلمان نفسه. كذلك، تم تعديل قانون تنظيم الانتخابات الرئاسية لإعلان النتائج باللجان الفرعية والعامة بالمحافظات، وتعديل قانون الجنسية والذي سيحقق حماية لحق المواطن في إثبات جنسيته المصرية وتسهيل الإجراءات، وإصدار قانون التأمين الصحي على الأطفال دون السن المدرسي ويستفيد منه 8 ملايين طفل، وتعديل أحكام قانون هيئة الشرطة لتحسين أوضاعهم الوظيفية والمالية.
