تقترب الأطراف الدولية من بلورة صيغة لتشكيل «مجموعة اتصال» دولية تحمل على عاتقها حل الأزمة في سوريا، وبعد ساعات من تصريح المبعوث الأممي العربي كوفي انان من محادثات تجرى حول إمكانية تشكيل المجموعة، أعلنت فرنسا عن تأييدها للمبادرة التي لم تتضح معالمها بخصوص الأطراف التي ستشارك فيها، لكن واشنطن وباريس سارعتا إلى التشديد على ان إيران هي جزء من المشكلة.

وفيما تبدو فكرة «مجموعة الاتصال» طبخة سياسية لإشراك كل من الصين وروسيا في جهود حل الأزمة، أكدت موسكو انه لا علم لديها بأي خطط من قبل الرئيس بشار الاسد للتنحي عن السلطة وذلك خلال محادثات مع وفد أميركي وصفت بأنها «فشلت» في تغيير موقف روسيا، في حين دعت الصين «طرفي الصراع» في سوريا إلى وقف العنف وتنفيذ خطة السلام التي وضعها المبعوث الدولي.

وأكد المبعوث الأممي العربي كوفي انان أن «محادثات تجرى حول إمكانية تشكيل مجموعة» اتصال دولية بشأن سوريا.

وقال انان خلال مؤتمر صحافي في نيويورك إن مجموعة الاتصال هذه يجب أن «تضم دولا لها نفوذ على هذا الطرف وذاك، الحكومة والمعارضة» ولكنه لم يوضح أعضاء هذه المجموعة. وردا على سؤال، قال انان مع ذلك إن «إيران بلد مهم في المنطقة» واعرب عن «أمله في أن تشارك إيران في حل» الأزمة السورية.

وأضاف أن «المحادثات حول مشاركة هذه الدولة أو تلك في مجموعة الاتصال هذه ما زالت في بداياتها». وقال انان أيضا: «ليست الخطة التي انتهت ولكن تطبيقها يتعثر» موضحا أن مجلس الأمن أشار إلى ما «يجب عمله من اجل تسريع الخطة والنتائج التي سيتم استخلاصها في حال عدم تطبيق الخطة». وأشار أيضا إلى خطر انتقال الأزمة السورية إلى الدول المجاورة. وقال: «سوريا ليست ليبيا، هي لن تنفجر من الداخل بل ستفجر خارج حدودها».

فكرة جيدة

ومن جهته، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن مجموعة الاتصال الجديدة هي «فكرة جيدة جدا» ولكن لم يتم بعد تحديد المشاركين فيها. وأشار كي مون إلى انه «يتوجب على الأسرة الدولية أن تتحرك منذ الآن» من اجل فرض احترام خطة انان.

وأضاف أن هذه الخطة «ما زالت في صلب جهودنا» ولكن تدهور الوضع يفرض اجراء «محادثات حول طريقة التقدم». واعتبر ان القمة المقبلة لمجموعة الـ20 في المكسيك قد تكون المناسبة لذلك. وأضاف: «بطلب من مجلس الأمن، سوف اقدم قريبا سلسلة خيارات حول المستقبل».

أما الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي الذي شارك في المؤتمر الصحافي فاعتبر أن «أية مجموعة اتصال تركز على العمل وعلى قيادة اجراءات لوقف أعمال العنف سيكون مرحبا بها».

الدول المرشحة

وحسب دبلوماسيين، فإن مجموعة الاتصال قد تضم الغربيين وقوى إقليمية مثل تركيا والسعودية وكذلك روسيا والصين الحليفتين لدمشق. ولكن مشاركة إيران في المجموعة تثير جدلا حيث إن واشنطن وباريس ولندن أعلنت معارضتها ضم إيران إلى المجموعة.

وردا على سؤال حول هذه المسألة، اعتبرت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سوزان رايس أن إيران «جزء من المشكلة» في سوريا من خلال «دعمها القوي» للنظام. وأضافت أن طهران «لم تظهر أنها مستعدة للمساهمة بطريقة بناءة في حل سلمي».

تأييد فرنسي

في الأثناء، أعلنت فرنسا أنها تؤيد مبادرة انان لتشكيل مجموعة اتصال على ما اعلن الناطق باسم الخارجية الفرنسية بيرنار فاليرو. وقال فاليرو: «نحن نؤيد كل المبادرات الكفيلة بتسهيل تطبيق فعلي لخطة انان». غير أن باريس ما زالت تعارض مشاركة إيران حليفة دمشق في المجموعة التي قد تشمل بحسب دبلوماسيين، دول الغرب وقوة إقليمية على غرار تركيا والسعودية إلى جانب روسيا والصين حليفتي سوريا.

وقال فاليرو ان «ما قاله قبل يومين (وزير الخارجية) لوران فابيوس ما زال صالحا». وكان فابيوس قال لوكالة «فرانس برس» إن «إيران لا يمكن أن تشارك بأي شكل لأن مشاركتها ستتعارض أولا مع الهدف الذي ترمي إليه الضغوط القوية التي تمارس على سوريا، كما سيكون لهذا الأمر تأثير على المحادثات حول البرنامج النووي الإيراني وهذا الأمر ليس مستحبا».

تنحي الأسد

وفي السياق، اعلن دبلوماسي روسي رفيع المستوى في ختام مباحثات مع وفد من وزارة الخارجية الأميركية في موسكو أن روسيا لا علم لديها بأي خطط من قبل الرئيس بشار الاسد للتنحي عن السلطة تحت ضغط الغربيين. وصرح مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف لوكالة أنباء «نوفوستي»: «لا علم لدي بشأن نوايا الرئيس السوري».

وكانت وزارة الخارجية الروسية أعلنت في وقت سابق أن موسكو لا تتباحث مع واشنطن بشأن تنحي الرئيس السوري. وكان بوغدانوف يتحدث في ختام اجتماع حول الأزمة السورية بين دبلوماسيين روس ووفد أميركي برئاسة موفد وزارة الخارجية الأميركي فريديريك هوف.

وقالت تقارير إعلامية إن واشنطن سعت إلى إقناع موسكو بضرورة الضغط على دمشق لتنحي الأسد. وأشار مسؤولون أميركيون إلى أن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أوفدت هوف إلى موسكو في إطار جهود وضع استراتيجية لانتقال السلطة تتضمن أن ينقل الأسد السلطة بالكامل.

وقال بوغدانوف إن روسيا مستعدة لدعم «تعديلات» محتملة على خطة انان «لضمان افضل الشروط الممكنة لتطبيقها من كافة الأطراف». ولم يوضح نائب الوزير طبيعة هذه التعديلات.

من جهة اخرى، رفضت الصين دعم نداء كوفي انان لمضاعفة الضغط على النظام السوري، مكتفية بتأكيد ضرورة التزام النظام ومجموعات المعارضة على حد سواء، بوقف إطلاق النار. وردا على سؤالين عما إذا كانت الصين تؤيد دعوة انان تجنب الناطق الصيني الإجابة.

وقال الناطق باسم الخارجية الصينية ليو وي مين «يتعين على الحكومة السورية والمعارضة أن تنهضا بحق بمسؤوليتهما لوقف إطلاق النار ومنع العنف، والمسؤولية تقع على عاتقهما لأنهما تعهدتا بهذا الالتزام». وأضاف «في الظروف الراهنة نرى أن أهمية جهود الوساطة التي يقوم بها المبعوث أنان لم تتراجع بل زادت، يجب أن يتضاعف تأييد جميع الأطراف للمبعوث أنان بدلا من أن يضمحل».

ولم يرد ليو وي مين على أسئلة متكررة عما إذا كانت بلاده تتبنى دعوة أنان بشأن ممارسة ضغوط أكبر، واكتفى بالقول «إن على الجانبين في سوريا وقف القتال. نعبر عن الإدانة الشديدة للأعمال الهمجية الأخيرة التي تضمنت هجمات على مدنيين أبرياء لا سيما النساء والأطفال، ونأمل بإنزال العقاب بأسرع ما يمكن بالجناة إعمالا للقانون».

 

 

صدمة ألمانية

 

 

أعلنت الحكومة الألمانية أنها «صدمت» للمجرزة الجديدة في سوريا وطلبت مجددا رحيل الرئيس بشار الاسد مشددة على «المسؤولية الخاصة» لروسيا. وقال الناطق باسم الحكومة ستيفن سايبرت خلال مؤتمر صحافي في برلين إن «الحكومة الألمانية مصدومة لهذه المجزرة الجديدة».

واضاف: «هناك مجددا عدد كبير من الأشخاص يرجح بان يكون 80 على الأقل قتلوا بينهم نساء وأطفال. علينا القول ان البعض قتل بوحشية». وقال الناطق الألماني إن «اي مسؤول يسمح بارتكاب مثل هذه الأعمال في بلاده فقد شرعيته».

ووجهت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل نداء عاجلا لمجلس الأمن الدولي للعمل على وقف العنف في سوريا. وقالت ميركل عقب لقائها مع رئيس الوزراء النيوزيلندي جون كي في برلين: «الوضع في سوريا مروع». الوكالات

 

 

عقوبات سويسرية

 

 

 

أعلنت السلطات السويسرية أنها فرضت سلسلة جديدة من العقوبات على سوريا تستهدف خصوصا قطاعي المال والنفط والمعادن الثمينة. وقالت سكرتارية الدولة للاقتصاد ان العقوبات الجديدة ستدخل حيز التنفيذ اليوم.

وتشمل هذه العقوبات توسيع القيود التجارية المفروضة ومن بينها منع تصدير المواد الخاصة بصناعة النفط والغاز وببناء محطات جديدة لتوليد الكهرباء وبمراقبة الاتصالات الهاتفية والانترنت. ومنعت سويسرا أيضا تقديم خدمات او تمويل إلى سوريا في إطار نشاطات كهذه، كما حظرت تجارة المعادن الثمينة والالماس مع سوريا.

وسيتم منع رحلات الشحن لشركات الطيران السورية من وإلى سويسرا. وفي القطاع المالي ستفرض عقوبات على المصرف المركزي السوري بما يسمح بتجميد موجوداته في سويسرا. ومنعت سويسرا ايضا المتاجرة بالسندات الجديدة التي تصدرها الدولة السورية. من جهة اخرى، لا يمكن للهيئات المالية العاملة في سويسرا إقامة علاقات جديدة مع مصارف سورية بينها منع ابرام بوالص تأمين أو إعادة تأمين جديدة مع الدولة السورية.