كشفت المؤشرات الأولية للانتخابات الرئاسية في مصر عن مؤشر هام وخطير، هو أن عددا من المرشحين «رسبوا» أو خسروا في حصد أصوات الناخبين في «عقر» دارهم، أو بمثابة القلاع التي كانت مغلقة أو مقفلة عليهم فحسب، وأبرز تلك المؤشرات خسارة مرشح حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي لأصوات محافظة الشرقية، معقله.

كما اكتسح المرشح حمدين صباحي محافظة الإسكندرية التي يراه البعض «معقل» حزب النور السلفي الذي أعلن تأييده لعبدالمنعم أبوالفتوح.ومن أبرز هؤلاء المرشحين هو مرشح حزب الحرية والعدالة ومرشح جماعة الإخوان المسلمين د. محمد مرسي الذي خسر جولة محافظة الشرقية، التي ولد فيها والتي تزخم بالإسلاميين أيضًا، مخالفًا بذلك كافة التوقعات والتكهنات التي أكدت على «اكتساحه» لأصوات المحافظة، رغم أنه تقدم في المؤشرات الإجمالية في باقي المحافظات بشكل عام.

وأعلنت اللجنة المشرفة على أعمال فرز أصوات الناخبين في المحافظة تقدم أحمد شفيق عن أقرب منافسيه مرسي وأبوالفتوح وحمدين صباحي، حيث حصل شفيق على 627808 أصوات، بينما حصل مرسي على 536634 صوتًا وأبوالفتوح على 20945 صوتًا وصباحي على 21116 صوتًا، فيما جاء موسى متأخرا بـ69725 صوتًا.ورغم كون المحافظة تزخم بالاسلاميين وتعتبر أحد معاقل جماعة الإخوان المسلمين إلا أن الغالبية العظمى من نتائجها آلت في الأخير لأحد المرشحين المحسوبين على النظام السابق وهو شفيق، ما اعتبره محللون «عامل تهديد لمرسي» في جولة الإعادة بعد أن خسر في عقر داره.

وباتت شعبيته متراجعة هناك.وفي الإسكندرية، والتي تعد عقر دار التيار السلفي خاصة حزب النور الذي يدعم أبوالفتوح رسميًا في الانتخابات، راح حمدين صباحي يكتسح النتائج هناك وهي الدائرة التي يبلغ عدد أصواتها نحو مليون ونصف المليون صوت. وأشارت الأرقام إلى حصول صباحي على 602634 صوتا، يليه أبوالفتوح بـ387747 صوتا، ثم موسى بـ291950 صوتا.

وأتى مرسي بـ269455 صوتا، ثم الفريق شفيق بـ212197 صوتا، وذلك من اصل 1763983 إجمالي الأصوات الصحيحة بنسبة 60 في المئة.ويشير مراقبون إلى أن حزب النور السلفي لم يدعم أبوالفتوح «بالشكل المناسب» واكتفى بالتصويت له ومحاولة حشد أنصاره للتصويت إلا أن عددا منهم راح يعلن أنه يدعم محمد مرسي، فباتت فرص أبوالفتوح داخل الاسكندرية «قليلة».

صدمة

في السياق، تملك المصريون حالة من الصدمة عقب ظهور المؤشرات الأولية.ولم يكن أكثر الناخبين تفاؤلا أو تشاؤما يتوقع أن تفرز صناديق الانتخاب هذه النتيجة التي أقصت عمرو موسى، من المربع الذهبي لكبار المرشحين كما أطاحت بأبوالفتوح وتفوق حمدين صباحي عليه.ورغم حملات التشويه التي تعرض لها شفيق خلال الفترة الأخيرة .

والتي ازدادت بصورة كبيرة خلال يومي التصويت إلا أنه استطاع أن يحصل على نسبة كبيرة من الأصوات خاصة في محافظات الصعيد في الوقت الذي هددت فيه قوى سياسية وثورية بالقيام بثورة ثانية حال فوزه في جولة الإعادة. يتزامن ذلك، مع التصريحات التي أدلى بها وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم أن الوزارة «مستعدة بخطط تأمينية متكاملة حال فوز أحد المرشحين المحسوبين على النظام السابق»، في محاولة لتأمين كافة التظاهرات التي من المقرر أن تندلع وضمان عدم خروجها عن مبدأ «السلمية».

 

كلينتون: الانتخابات تاريخية ونتطلع لحكومة ديمقراطية

 

 

لا تزال ردود الفعل العالمية والعربية تتوالى على الانتخابات الرئاسية المصرية، وبينما وصفت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الانتخابات بأنها «تاريخية»، معربة عن الاستعداد للعمل مع حكومة مصرية منتخبة ديمقراطية، رأت المسؤولة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون الانتخابات بأنها «خطوة كبيرة على طريق الانتقال الديمقراطي»، فيما أكد رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل أن استقرار مصر يعد استقراراً للأمة العربية كلها والمغرب العربي خصوصاً.

وقالت كلينتون في بيان الليلة قبل الماضية: إن الشعب المصري أنهى يومين تاريخيين من التصويت في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية مسجّلاً حدثاً مهماً جديداً في انتقاله إلى الديمقراطية. وأضافت كلينتون ان الولايات المتحدة تتطلّع إلى العمل مع حكومة مصرية منتخبة ديمقراطياً. وأردفت الوزيرة الأميركية القول: إن بلادها ستواصل الوقوف إلى جانب الشعب المصري في عمله على بناء ديمقراطية تعكس قيمه وتقاليده وتحترم حقوق الإنسان العالمية وتحقق تطلعاته نحو الكرامة وحياة أفضل.

بدورها، وصفت المسؤولة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون الانتخابات المصرية بأنها «خطوة كبيرة على طريق الانتقال الديمقراطي».ونقل الناطق باسم آشتون عنها وصفها الانتخابات هذا الأسبوع بأنها «خطوة كبيرة باتجاه الانتقال الديمقراطي في مصر، لأول مرة يكون لدى المصريين الفرصة لاختيار رئيسهم في انتخابات حقيقية وتنافسية».

وأضاف ان آشتون «متفائلة جداً من التقارير المبكرة من شهود دوليين وخبراء.. والملايين من المصريين وقفوا في الصف للإدلاء بأصواتهم وتقرير مستقبلهم بطريقة سلمية ومنظمة». وقالت المسؤولة الأوروبية «يبدو حتى الآن أن الناخبين استطاعوا التعبير عن مرشحهم المفضل بطريقة ديمقراطية وفعّالة».

وهنّأت آشتون الشعب المصري وحيّت نضاله السلمي لاستعادة حقوقه وتطلعاته الديمقراطية. وقالت ان الطريق التي بدأت مع ثورة العام الماضي والتي استمرت مع الانتخابات البرلمانية والانتخابات الرئاسية المستمرة يجب أن تقود الآن إلى الاستجابة القوية لمطالب الشعب للحرية والكرامة والتنمية.. فالشعب هو الفائز في هذه الانتخابات». وأردفت القول: ان الاتحاد الأوروبي «سيواصل الوقوف إلى جانب مصر وشعبها في سعيهم إلى ترسيخ الديمقراطية والفرص الاقتصادية».

من جانبه، أكد رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل أن استقرار مصر استقرار للأمة العربية كلها والمغرب العربي خصوصاً. وأردف القول في تصريحات بثتها وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية بإن العالم وليبيا شاهد خلال اليومين الماضيين إقبال المصريين المتميز في الانتخابات الرئاسية بشكل مميز وآمن ونتمنى أن يختار الشعب المصري الرئيس الذي يخدم مصر وقيادتها بشكل آمن ويخدم وطنه في هذا الوقت الحرج في تاريخ مصر والعالم العربي والشرق الأوسط. ووصف عبد الجليل العلاقات بين بلاده والقاهرة بأنها «علاقات تاريخية راسخة على مدى التاريخ».

ولا يمكن أن تنفصل مصر عن ليبيا ولا ليبيا عن مصر، لافتاً إلى وجود علاقات مصاهرة بين الشعبين وتجانس كبير في الغرب المصري والشرق الليبي فضلاً عن وجود تاريخ جهاد كبير.وأشاد عبد الجليل بالدور المصري التاريخي في مساعدة الشعب الليبي ضد الاحتلال الإيطالي لليبيا والدور المصري الرسمي والشعبي خلال أحداث ثورة 17 فبراير الليبية، وتقديم المساعدة للشعب الليبي، بالإضافة إلى أن هناك عدة أشياء نتواصل بها مع مصر وهي العروبة والجوار والإسلام.وثمن عبد الجليل اللقاءات المصرية الليبية العديدة بين مسؤولي البلدين واصفاً إياها بـ«الهامة» والتي تسلتزمها المرحلة الحالية.