وضعت التطورات الميدانية المتصاعدة في سوريا مزيداً من التحدي أمام مهمة بعثة المراقبة الأممية التي تخضبت بالانتهاكات للهدنة الهشّة، إذ قتل 31 شخصاً من المعارضة في عدة محافظات، بينهم عائلة من تسعة أفراد في قصف للقوات النظامية على منطقة جسر الشغور بريف ادلب والتي توجه إليها المراقبون فور ورود أنباء عن «المجزرة»، فيما تعرضت القوات الموالية للنظام إلى نكسة في ريف دير الزور بعد صد المنشقين لهجوم عسكري أسفر عن مقتل 12 جندياً، في وقت قالت الأمم المتحدة إن أكثر من 34 طفلاً قتلوا منذ سريان الهدنة في 12 أبريل الماضي.
وذكرت لجان التنسيق المحلية إن 31 شخصاً قتلوا على يد القوات الموالية للنظام، 18 قتيلاً في ادلب، وثلاثة في حماة، ومثلهم في حمص وفي درعا، كما سقط قتيل في ريف دمشق وآخر في كل من الرقة والقامشلي.
وفي تفاصيل الوضع الميداني المتجه إلى مزيد من التصعيد، شنت القوات النظامية فجر أمس حملة قصف عنيفة على قرى تابعة لمدينة جسر الشغور في ريف ادلب. وقال ناشطون إن الحملة أسفرت عن مقتل 18 شخصاً من بينهم تسعة من عائلة واحدة في سقوط قذائف هاون مصدرها قوات النظام على منزلهم في قرية مشمشان، بحسب ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان. وبين الضحايا اربع نساء وطفلان. فيما اشار المرصد الى سقوط عدد كبير من الجرحى «بعضهم في حالة خطرة».
ممرات جبلية
وقال الناشط طارق عبد الحق في منطقة الحدود السورية التركية المشتركة إن 35 شخصا اصيبوا ونقل بعضهم لمسافة 25 كيلومترا عبر الممرات الجبلية الوعرة لتلقي العلاج اللازم في مخيمات لاجئين منتشرة على الحدود.
وقال: «نقل بعضهم عبر الحدود دون علم احد الى تركيا. اضطروا لنقل الجرحى وعبور الجبال لتجنب نقاط التفتيش على الطريق. مات احدهم على الطريق وعمره 19 عاما وكانت إصابته خطيرة». وفي خبر مقتضب عقب المجرزة، قال ناشطون ان بعثة المراقبين توجهت إلى منطقة جسر الشغور. كما تجدد القصف لليوم الثالث على التوالي لمدينة أريحا التي شهدت «إطلاق نار كثيفا من حاجز شعبة التجنيد على السوق بشكل مفاجئ مما أدى إلى هروب الناس فيما بقيت بعض المحال مفتوحة» بحسب لجان التنسيق.
نكسة للنظام
وفي السياق، قتل 12 عنصرا من القوات النظامية في اشتباكات عنيفة مع منشقين في منطقة البصيرة في محافظة دير الزور. واشار المرصد الى ان «القوات النظامية استخدمت القذائف والرشاشات الثقيلة، ما ادى أيضا الى مقتل مواطن واصابة آخرين بجروح». لافتاً إلى ان القوات الحكومية ردت بقذائف «المورتر» ونيران المدفعية الثقيلة بعد أن تكبدت الخسائر، وقتلت شخصا واحدا في قرية ودمرت مبنى مدرسيا.
وذكرت لجان التنسيق أن القوات الموالية للنظام قامت «بمداهمة قرى تابعة لمنطقة البصيرة مترافقة مع سقوط قذائف على كل من قرية بريهة والصبحة وجديد عكيدات». وأضافت أن «الطيران الحربي حلّق فوق هذه القرى مع سماع أصوات إطلاق نار كثيف وتصاعد أعمدة الدخان».
وفي مدينة قطنا في ريف دمشق، قتل رجل يبلغ من العمر 80 عاما في مدينة قطنا اثر اطلاق الرصاص عليه من حافلة صغيرة، بحسب المرصد. وفي دمشق أفادت لجان التنسيق بأن إطلاق نار سُمع في ساحة العباسيين وشارع بغداد وجوبر. وتحدثت شبكة شام الإخبارية عن انشقاقات في صفوف الحرس الجمهوري بحرستا في ريف دمشق وإطلاق نار كثيف من الرشاشات الثقيلة مقابل الكازية العسكرية على طريق حرستا دوما.
34 طفلاً
وفي مؤشر آخر على هشاشة الهدنة، قالت المبعوثة الخاصة للامم المتحدة للطفولة والصراعات المسلحة راديكا كوماراسوامي إن أنباء افادت بمقتل أكثر من 34 طفلاً منذ بدء سريان وقف هش لإطلاق النار بين قوات الرئيس بشار الاسد وجماعات المعارضة في 12 من أبريل الماضي. وقالت كوماراسوامي في بيان إنه «منذ الاتفاق على وقف اطلاق النار في 12 أبريل.. ورغم نشر مراقبي وقف إطلاق النار من الامم المتحدة أفادت انباء بمقتل أكثر من 34 طفلًا». وناشدت «جميع الأطراف في سوريا الاحجام عن الاساليب العشوائية التي ينجم عنها قتل الإطفال وإصابتهم».
دمشق تتهم الغرب بالتآمر لصالح «القاعدة»
وصف نائب وزير الخارجية السورية فيصل المقداد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بـ«المنحاز»، واتهم الغرب بالتآمر لتثبيت الإسلاميين وتنظيم القاعدة في أنحاء الشرق الأوسط.
وقال المقداد في مقابلة مع صحيفة «ديلي تليغراف» البريطانية امس إن «معظم المتمردين على نظام الرئيس بشار الأسد هم مجرمون وتجّار مخدرات»، رافضاً تحميل الحكومة السورية أي لوم للانهيار الواضح لاتفاق وقف إطلاق النار. وأصرّ على أن «المتمردين هم الذين صعّدوا هجماتهم، وأن النظام السوري لديه الحق في الدفاع عن نفسه»، متهماً الولايات المتحدة وفرنسا بـ«السعي علناً لإفشال خطة السلام، وقيام وزير خارجية فرنسا الأخيرة ألان جوبيه بالدعوة للحرب».
وأضاف نائب وزير الخارجية السورية: «هذا ما يريده الغرب، أن تسيطر قوات المتطرفين وتنظيم القاعدة على المنطقة برمتها.. وهناك الآن على حد سواء عناصر من القاعدة وجماعة الأخوان المسلمين في المعارضة السورية، فضلاً عن عناصر إجرامية، خرقت وقف إطلاق النار 1600 مرة». وقال إن «المجرمين يشكلون قوة كبيرة تصل إلى زهاء 59 ألف عنصر من مهربي المخدرات وتجار المخدرات ومهربي الأسلحة والمجرمين العاديين كانوا داخل سوريا وخارجها عندما بدأت هذه التطورات».
وهاجم المقداد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وقال إنه «منحاز للغاية، وقد نغفر له بعض تصريحاته، لكن مراقبي الأمم المتحدة في سوريا الآن ويجب أن تستند تصريحاته إلى ما يقولونه». وأضاف إن «أكثر من ستة آلاف عنصر من قوات الجيش والشرطة والأمن والمدنيين الموالين للنظام لقوا مصرعهم منذ اندلاع الأزمة في سوريا في منتصف مارس 2011».
