وسّعت القوات النظامية السورية خلال الساعات القليلة الماضية حملتها على كل المناطق المنتفضة عبر قصف واقتحام بالدبابات على بلدات في ريف ادلب ودرعا وحمص وريف دمشق، تخللّها إحراق وهدم لعشرات المنازل من دون ان يكون هناك أي أثر عملي على الأرض لخطة المبعوث المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية كوفي أنان، ويأتي التصعيد الميداني للنظام السوري قبيل ساعات من اطلاع أنان مجلس الأمن الدولي على مدى التقدم الذي أحرز في تنفيذ خطته الرامية لإيجاد حل سلمي.
وقال ناشطون ولجان حقوقية أكثر من 50 شخصاً قتلوا برصاص الأمن والقوات الموالية للنظام أمس في عدة مدن. بينما تم العثور على 75 جثة مجهولة الهوية في مستشفى بحمص، واتهم المرصد السوري لحقوق الانسان القوات النظامية باعتماد «سياسة المنازل المحروقة» في المناطق التي تشهد احتجاجات وانشقاقات.
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن في اتصال مع وكالة «فرانس برس» «ان القوات السورية النظامية تنفذ في غالبية المناطق الثائرة سياسة المنازل المحروقة». واضاف: «وثقنا في المرصد حالات حرق منازل لناشطين في الحراك الثوري او لعناصر في المجموعات المسلحة المنشقة.. في درعا وحمص وريف حماة وجبل الزاوية في ريف ادلب». واستبعد ان تكون هذه التصرفات فردية «لاننا بتنا نراها بشكل يومي في كافة المناطق التي يجري اقتحامها».
30 قذيفة
في الأثناء، قال عضو المكتب الإعلامي لمجلس قيادة الثورة في ادلب نورالدين عبدو لوكالة «فرانس برس» ان القوات النظامية قصفت «قريتي دير سنبل وفركية في القسم الشرقي من جبل الزاوية بأكثر من 30 قذيفة». وأوضح أن القوات النظامية «اطلقت نيرانها بكثافة على المنازل في بلدة حاس، بشكل عشوائي وعنيف، ونفذت فيها حملة اعتقالات واسعة وهدمت وأحرقت اكثر من 12 منزلا».
وأضاف عبدو ان القوات النظامية اقتحمت قرية المغارة في جبل الزاوية بالدبابات وعربات الجند ونفذت حملة مداهمات وتفتيش وإحراق للمنازل واعتقال عدد من الشبان.
وفي حين قال المرصد السوري لحقوق الانسان في بيان ان قصف القوات النظامية على قريتي حاس ودير سنبل أسفر عن مقتل شخصين وإصابة 11 بجروح، مشيرا الى «إحراق القوات النظامية منازل ثمانية معارضين متوارين عن الأنظار واعتقال العشرات» في حاس.. دارت اشتباكات بين القوات النظامية ومنشقين في الاحراش قبالة خربة الجوز التابعة لمدينة جسر الشغور، وذلك لدى محاولة القوات النظامية اقتحام مناطق يتحصن بها المنشقون، ما اسفر عن سقوط جندي من القوات النظامية السورية، وفقا للمرصد.
حرق منازل
في ريف درعا، افادت لجان التنسيق المحلية ان القوات النظامية نفذت «عمليات دهم واعتقالات وتخريب لمنازل النشطاء في داعل» مشيرة الى ان «اعمدة الدخان تتصاعد من البلدة». وأفادت اللجان بحرق القوات الموالية للنظام أكثر من 20 منزلا بينها منازل قتلى ونشطاء. وأضافت ان الدبابات اقتحمت المدينة «وسط اطلاق نار كثيف واعتقال عدد كبير من السكان واعتلاء القناصة لأسطح المباني واستهداف أي شيء متحرك».
وقال الناشط هيثم العبدالله لوكالة الأنباء الألمانية إن «عشرات القذائف انهمرت على مدينة داعل ، بينما توجد قوات مدعومة بما لا يقل عن 50 دبابة».
وكانت مدينة داعل شهدت الأسبوع الماضى قتالا عنيفا بين المعارضين والقوات الحكومية.
وفي مدينة انخل بريف درعا أيضاً، قتل جنديان من القوات النظامية اثر استهداف مجموعة مسلحة منشقة في حاجزين عسكرين بقذائف «ار بي جي» واطلاق رصاص كثيف ما ادى ايضا الى اعطاب آلية عسكرية، بحسب عبدالرحمن. وفي مدينة جاسم، اضاف المرصد: «داهمت قوات امنية مدرسة ثانوية الصناعة وثانوية التجارة واعتقلت عددا من الطلاب» مشيرا الى «سماع اصوات اطلاق رصاص كثيف في بلدة طفس».
10 صواريخ
وفي حمص، تجدد القصف على المدنية القديمة لليوم الـ22 على التوالي وسقطت عشرة صواريخ على حي بستان الديوان والحميدية والصفصافة بحسب بيان لجان التنسيق. كما دارت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومنشقين في جورة الشياح.
انفجارات في الزبداني
وفي ريف دمشق، تعرضت مدينة الزبداني «لقصف مدفعي عنيف يستهدف جرد بلودان ومنطقة وادي شاهين» بحسب لجان التنسيق.
وقال عضو المكتب الاعلامي في مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق مرتضى رشيد لوكالة «فرانس برس»: «سمع دوي انفجارات كبيرة في المدينة يبدو انها قصف يستهدف المنطقة الشرقية من المدينة». واضاف رشيد ان القصف اسفر عن احتراق عدد كبير من الاشجار.
وذكر رشيد ان «مدينة المعضمية تشهد حملة مداهمات واعتقالات وسط سماع اصوات اطلاق نار»، فيما أشارت تقارير لاحقة إلى ان القوات النظامية اقتحمت المعضمية وأقامت عشرات الحواجر على المداخل.
وفي حلب (شمال)، قتل مدني اثر انفجار عبوة ناسفة في كشك يملكه احد الموالين للنظام في مدينة حلب، بحسب المرصد.
«الجيش الحر»: المجتمع الدولي لا يفعل شيئاً لوقف المجازر
حملت القيادة المشتركة للجيش السوري الحر المجتمع الدولي «المسؤولية الكاملة عن المجازر» التي ترتكبها القوات النظامية في سوريا، داعية إلى «حظر جوي ومنطقة عازلة وتسليح الجيش الحر».
وقال الناطق باسم القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل العقيد الركن الطيار قاسم سعد الدين لوكالة «فرانس برس»: «نحمل المجتمع الدولي المسؤولية الكاملة عن هذه المجازر، بسبب تأخرهم في الضغط على النظام ومنع تسليح الجيش الحر حتى الآن».
وأضاف سعد الدين، وهو أيضاً قائد المجلس العسكري في محافظة حمص وريفها: «نحن نطالب المجتمع الدولي بحظر جوي وإقامة منطقة عازلة، مع تسليح الجيش الحر». وقال: «عندما يؤخذ هذا القرار في مجلس الأمن الدولي، سينهار الجيش السوري النظامي مباشرة».
وقال سعد الدين، رداً على سؤال حول ما صدر عن مؤتمر «أصدقاء الشعب السوري»، الذي عقد أول من أمس في اسطنبول إن «هذه المؤتمرات لم تفعل شيئاً لحماية هذا الشعب الأعزل او تسليح الجيش الحر ليدافع عنه». واضاف أنه «لو أراد المجتمع الدولي فعل ذلك لفعله من الشهر الأول» لاندلاع الاحتجاجات في البلاد. لكنه اعتبر ان «أفضل ما خرج به مؤتمر اصدقاء سوريا هو الاعتراف بالمجلس الوطني السوري ممثلاً شرعياً» للشعب السوري.
وكان مؤتمر أصدقاء الشعب السوري الذي عقد في اسطنبول يوم الأحد دعا إلى تحديد جدول زمني لخطة الموفد الدولي الخاص كوفي أنان حول سوريا، كما اعترف بالمجلس الوطني السوري المعارض «ممثلاً شرعياً» للشعب السوري، و«محاوراً رئيسياً» مع المجتمع الدولي. لكن المؤتمر لم يأت على ذكر تسليح الجيش الحر.
وقال سعد الدين إن «خطة كوفي أنان إذا لم تطبق فوراً فإن ذلك سوف يعطي النظام فرصة جديدة في استمرار القتل». لكنه شكّك بالتزام النظام السوري بالخطة. وقال: «هذا النظام لن يقبل مقترحات كوفي أنان، وهو لا يفهم إلا لغة القوة».
وتدعو خطة أنان الى وقف القتال تحت إشراف الأمم المتحدة، وسحب القوات الحكومية والأسلحة الثقيلة من المدن التي تشهد احتجاجات، وهدنة انسانية لمدة ساعتين يومياً لإفساح المجال لوصول العاملين الإنسانيين الى المناطق المتضررة من اعمال العنف، والإفراج عن المعتقلين على خلفية الأحداث. واعلنت دمشق قبل ايام موافقتها على خطة أنان.
وكان سعد الدين أبدى امس ترحيبه بخطة أنان مضيفاً أنه «عندما يتوقف القصف على المدن وتنسحب الدبابات منها، عندها سنوقف القتال».
