ترتدي بغداد بفنادقها المجددة وشوارعها التي فرشت بالعشب والازهار اجمل حللها لاستقبال القمة العربية التي يرى فيها العراق رمزا لصعوده مجددا كقوة اقليمية كبيرة بعد عقود من الاضطرابات.وعززت السلطات بشكل كبير التدابير الأمنية لحماية هذا الحدث الذي تعول عليه كثيرا على ما يبدو وتسعى من خلاله لجني اكبر قدر من المكاسب، فيما تشير تقديرات الى نشر مئة الف رجل لحماية العاصمة اثناء القمة.

إلا أنه بالرغم من هذه التدابير الامنية ومن انفاق الحكومة العراقية نصف مليار دولار على ترميم وتحديث المنشآت التي ستستضيف اعمال القمة، يبدو ان المتمردين ما زالوا قادرين على تنفيذ ضربات قاسية.اما البنية التحتية لهذه المدينة التي كانت في يوم من الايام رمزا للنهوض العربي، فهي في معظمها في وضع مذر.والأمن يعد الركيزة الاساس في استعدادات السلطات العراقية لاستضافة القمة، اذ تم نشر عشرات آلاف الجنود وعناصر الشرطة على الطرقات الرئيسية، فيما تحوم الطوافات باستمرار فوق العاصمة ويتم قطع عدد كبير من الجسور.

وقال نائب مستشار الامن الوطني صفاء حسين في مقابلة مع وكالة «فرانس برس» إن هناك «المزيد من الجنود المشاة على الارض، والمزيد من الدوريات»، مشيرا الى ان القمة ستحظى بتغطية أمنية من الجو.

وذكر حسين ان السلطات العراقية تلقت تقارير استخباراتية حول عزم تنظيم دولة العراق الاسلامية، وهو الواجهة الرئيسية لتنظيم القاعدة، تنفيذ هجمات خلال القمة. إلا انه قال: «اعتقد ان الوضع الامني سيكون على ما يرام»، واشار الى ان نوع الهجمات الاكثر ترجيحا سيكون «النيران غير المباشرة»، في اشارة الى قذائف الهاون او الصواريخ.

تجهيز الفنادق

وسعت السلطات الى تجديد وتحسين اجزاء من العاصمة، وخصوصا ستة فنادق ستنزل فيها الوفود الرسمية والصحافيون. كما رمّمت القصر الجمهوري الذي بات يعرف بالقصر الحكومي وهو سيكون مقر الاجتماعات الرئيسية للقمة وبنت 22 فيلا للقادة العرب. وتم تعبيد بعض الطرقات بما في ذلك طريق المطار الشهير الذي كان يسميه الجنود الاميركيون شارع الآر.بي.جي بسبب المستوى المرتفع من الهجمات.

كما تم فرش العشب على جانبي هذه الطريق وزرعت اشجار النخيل لتزين المسار الذي ستسلكه مواكب المشاركين في القمة.ونشرت على طرقات بغداد لافتات عملاقة ترحب بالقادة العرب مع اعلام الدول العربية جميعها.وقال نائب وزير الخارجية لبيد عباوي لوكالة «فرانس برس» ان تنظيم واستضافة «هذا الحدث الضخم مع البنية التحتية العراقية التي دمرت بالكامل، لم يكن بالأمر السهل».. في وقت تفيد تقديرات رسمية الى ان كلفة هذه المشاريع تصل الى ما بين 400 و500 مليون دولار.

ورغم ان انعقاد قمة بغداد يأتي بعد تأجيل استمر سنة بسبب الاضطرابات في العالم العربي والمخاوف من الاوضاع الامنية على حد سواء، لم تنته اعمال التحديث في بعض الفنادق بعد. كما ان التحسينات لم تتسبب بأي تغيير في مشكلات التغذية الكهربائية وإمدادات المياه ومجاري الصرف الصحي، الأمر الذي يصيب أعدادا كبيرة من البغداديين بالإحباط.

لكن في كل الاحوال، يرى المسؤولون العراقيون ان القمة ستشكل اعترافا بأن العراق بات اكثر استقرارا مع تراجع مستويات العنف بشكل كبير مقارنة بسنوات العنف الطائفي المريرة.