تمخض اليوم الدبلوماسي الماراثوني الذي شهدته جدران جامعة الدول العربية عبر اجتماع وزراء الخارجية العرب رالذي ترأس وفد الدولة خلاله معالي د. أنور محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية بنظيرهم الروسي سيرغي لافروف لبحث الملف السوري، عن «خطة عمل» مؤلفة من خمس نقاط كأساس لحل الأزمة، يستند إلى المبادرة العربية ذات الصلة، التي تطلب تنحي الرئيس بشار الأسد، فيما كانت شهدت أروقة الاجتماع سجالاً علنياً بين وزيري الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل والقطري الشيخ حمد بن جاسم من جهة ولافروف من جهة أخرى، والذي تعرضت بلاده إلى انتقادات حادة على خلفية دعمها لدمشق.

وقال رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني في مؤتمر صحفي مشترك عقده أمس في القاهرة مع رئيس الدبلوماسية الروسية سيرغي لافروف والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي: إن «هناك نقاطاً تم الاتفاق عليها مع روسيا كأساس للحل». وعدّد الشيخ حمد بن جاسم النقاط الخمس وهي: «وقف العنف من أي مصدر كان، وآلية رقابة محايدة، وعدم التدخل الأجنبي، وإتاحة وصول المساعدات الإنسانية لجميع السوريين بدون إعاقة، والدعم القوي لمهمة المبعوث الأممي العربي المشترك كوفي أنان لإطلاق حوار بين الحكومة والمعارضة استناداً إلى المرجعيات التي اعتمدت من قبل الامم المتحدة والجامعة العربية»، في إشارة إلى المبادرة العربية في هذا الصدد التي تطلب تنحي الرئيس الأسد وتسليمه السلطة إلى نائبه فاروق الشرع. وأعاد لافروف التأكيد على تصريحات رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري. وتلى تصريحات الشيخ حمد بن جاسم ولافروف مؤتمر صحافي للعربي ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح رئيس الدورة الحالية الـ137 لمجلس الجامعة.

وقال العربي: إن روسيا ستوافق على مشروع القرار الأممي الذي يتم الحديث عنه حالياً، موضحاً أن أنان سيزور دولاً عربية بعد انتهاء مهمته في دمشق. أما الشيخ صباح الخالد، فدعا المعارضة إلى الوحدة، متهماً النظام بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في حي بابا عمرو بحمص.

 

الاجتماع العربي

وقبل المؤتمرين الصحفيين، عقد مجلس جامعة الدول العربية اجتماعاً على مستوى وزراء الخارجية، بمشاركة لافروف، وبرئاسة الشيخ صباح الخالد. وقال الشيخ حمد بن جاسم، الذي ألقى خطابه قبل تسليم الرئاسة إلى الكويت، إنه «آن الأوان للأخذ بالمقترح الداعي الى إرسال قوات عربية ودولية إلى سوريا»، داعياً إلى الاعتراف بالمجلس الوطني المعارض كممثل لسوريا، ومستطردا: «صبرنا نفذ وزمن السكوت ولى ولابد من تقديم المساعدات للشعب السوري للدفاع عن نفسه». وطالب رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري المعارضة السورية بـ«الاتحاد، حتى تتمكن من مجابهة قمع النظام».

 

كلمة الكويت

أما الشيخ صباح الخالد، فلفت إلى أن «ما يجري في سوريا «انتهاك للقيم والأعراف واعتداء صارخ على حقوق الإنسان»، مشيراً إلى أنه «رغم دور الجامعة العربية وتبني الجمعية العمومية للأمم المتحدة الخطة العربية بما يجنب سوريا الانزلاق إلى الحرب الأهلية، فإن الحكومة السورية لم تتجاوب». ودعا صباح الخالد دمشق إلى «الاستجابة إلى صوت العقل والتعامل بإيجابية مع أنان».

 

كلمة لافروف

من جهته، قال لافروف في كلمته: إن موسكو «مستعدة للتعامل مع كل من يطالب بالإصلاح في سوريا»، مشيراً إلى أن بلاده «متمسكة بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وتشجع حلاً سريعاً»، حيث لفت في هذا الصدد إلى إقناع روسيا للنظام السوري بالقبول باستقبال المراقبين العرب. واستطرد: «نحن لا نحمي أي نظام بل القانون الدولي، ولا نبحث عن مصالح اقتصادية»، داعياً إلى «وسيلة لإدخال مساعدات إنسانية تحت مظلة الأمم المتحدة، وآلية لإخلاء المدن والبلدات من المسلحين والجيش بالتزامن». وكان لافروف حذر في وقت سابق قبيل الاجتماع من أي «تدخل سافر في شؤون سوريا»، معتبراً في تصريحات أنه «من غير المقبول الاستخفاف بمعايير القانون الدولي».

رد قطر

وعاد الشيخ حمد بن جاسم إلى التحدث للرد على كلمة لافروف، معتبراً دعوة الأخير إلى إعطاء الأولوية لوقف إطلاق النار «غير كافية بعد ما تمت الإبادة». وتحدث عن ضرورة وجود «عملية متكاملة تلبي رغبات السوريين ومعروفة النتائج». وقال: «هناك إبادة ممنهجة من قبل الحكومة السورية في ظل حديثنا الآن عن وقف إطلاق النار»، مضيفاً: «بعد ما تم من قتل لا يمكن أن نقبل فقط بوقف إطلاق النار ولا نريد أن يكافأ أحد بهذه الطريقة»، في إشارة إلى النظام.

في المقابل، دعا حمد بن جاسم إلى «محاسبة من قام بإطلاق النار والإفراج عن المعتقلين والموافقة الصريحة على الخطة العربية»، منتقداً «الفيتو» الروسي، حيث اعتبر أن «وتيرة القتل زادت بعد فشل مجلس الأمن وتشجعت الحكومة السورية».

وأشار إلى أن الفيتو المزدوج «كان بمنزلة رسالة خاطئة للنظام السوري شجعته على التمادي في قمع شعبه».

بدوره، شن رئيس الدبلوماسية السعودية الأمير سعود الفيصل هجوماً عنيفاً في كلمته على موسكو، قائلاً: إن الوضع «بلغ حداً يحتم علينا التحرك بسرعة لإعطاء الشعب السوري المنكوب بصيص أمل»، ومؤكداً أنه «لا يجوز إصدار مواقف متخاذلة وقرارات جوفاء».

وأردف الأمير الفيصل القول: إن «بعضاً ممن عبروا عن مساندتهم للمبادرة العربية لمعالجة الأزمة اختاروا ان يجهضوها عندما جرى طرحها أمام مجلس الأمن لتسجيل موقف أقل ما يقال عنه إنه يستهين بأرواح ودماء المواطنين الابرياء في انحاء مختلفة من سوريا». وأفاد بأنه يجب أن لا تقتصر مهمة المبعوث الأممي العربي كوفي أنان «على الجانب الإنساني»، مشيراً إلى أن «الجهات المعطلة ستتحمل المسؤولية الأخلاقية»، ومختتماً كلامه بالقول: إن المبادرة العربية «ما زالت بانتظار التطبيق»، وإن «أوجه القصور من مجلس الأمن تسمح باستمرار القتل، والفيتو الروسي الصيني منح النظام السوري رخصة للتمادي في الوحشية ضد الشعب دون شفقة أو رحمة»، في تعنيف شديد لموسكو.

وطالب الأمير سعود الفيصل بـ«وقف الإبادة التي يمارسها النظام وتطبيق قرارات الجامعة العربية الصادرة في فبراير وفتح قنوات الاتصال مع المعارضة وتوفير كل سبل الدعم للمعارضة وضمان إيصال المساعدات الإنسانية».