مع تواصل قصف القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد لمدينة الرستن بمحافظة حمص لليوم الثالث على التوالي، حشد الجيش النظامي قوته باتجاه محافظة ادلب، مرسلاً عشرات الدبابات واكثر من مئة ناقلة جند الى مدينة سراقب بالمحافظة تحضيراً لعملية عسكرية واسعة ضد معقل من معاقل الثوار، وسط مخاوف وتحذيرات من تكرار مجزرة حي بابا عمرو في حمص، في وقت خرجت تظاهرة هي الاولى من نوعها في ساحة العباسيين وسط العاصمة دمشق، فيما اعلن عن حصيلة جديدة لقتلى الثورة منذ انطلاقها قبل عام بعدد ناهز 8500.

واعلن المجلس الوطني السوري انه رصد أمس «42 دبابة و131 ناقلة جند انطلقت من اللاذقية متجهة الى مدينة سراقب في محافظة ادلب، وأرتالا عسكرية متوجهة نحو مدينة ادلب». وطالب المجلس «المجتمع الدولي والجامعة العربية والمنظمات الدولية بالتحرك السريع والعاجل على الأصعدة كافة لعدم تكرار مجازر بابا عمرو التي سقط فيها المئات من الشهداء»، مشيرا الى ان مدينة حمص «تحولت الى أنقاض تحت قصف آلة النظام العسكرية».

 كما طالب الثوار في دمشق وحلب وحماه بـ«القيام بكافة التحركات لتخفيف الضغط عن أدلب»، متوقفا عند استمرار القصف على معرة النعمان في المحافظة. بدوره، قال الناشط رامي إدلبي لوكالة الأنباء الألمانية إن قوات النظام تستعد لدخول المحافظة، مشيرا الى ان عشرات الدبابات تحاصر مناطق بالقرب من سراقب، وان سكان البلدة خاصة من النساء والأطفال بدؤوا في النزوح عنها. واردف أن «النظام الوحشي يستعد لمذبحة في إدلب تماما كما فعل في حمص». وأفادت الهيئة العامة للثورة السورية أن قوى الأمن أخرجت المدنيين من بيوتهم في جبل الزاوية بإدلب، وهددت بقتلهم ما لم يسلم الجنود المنشقون أنفسهم.

 

قتلى وحصيلة

من جهته، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل سبعة أشخاص بنيران قوات الأمن في محافظات ادلب وحلب وحمص. وقال المرصد في بيان: «قتل أربعة اثر إطلاق رصاص من قبل القوات السورية في بلدات وقرى كنصفرة وكفرومة ومعصران ومرعيان في محافظة إدلب، كما سلم جثمان مجند إلى ذويه في بلدة كفرنبل بعد أن قضى على ايدي الأجهزة العسكرية».

وبحسب البيان، قتل سوري في بلدة الأتارب في محافظة حلب اثر إصابته برصاص قناصة، في حين لقي طفل حتفه في محافظة حمص اثر إطلاق الرصاص عليه في حي الخالدية. ونوه المرصد السوري بمقتل 8500، بينهم 6195 مدنيا، منذ انطلاق الثورة في 15 مارس من العام الماضي. كما ذكرت لجان التنسيق المحلية أن القوات الموالية مدعومة بالدبابات حاصرت مدينة طيبة الإمام في محافظة حماة قبل اقتحامها واعتقال 60 شخصا.

 

وضع حمص

أما في حمص، فأكد ناشط يدعى أبو عماد لوكالة الأنباء الألمانية أن أصوات المدفعية الثقيلة والرشاشات «سمعت في مدينة القصير على مسافة 20 كيلومترا من الحدود مع لبنان». وأضاف إن أحياء في مدينة حمص تعرضت للقصف، مترافقة مع قصف مماثل لمدينة الرستن بالمحافظة لليوم الثالث على التوالي. وأوضح أبو عماد أن القصف المتواصل «يجعل من الصعب على المدنيين الفرار إلى المناطق اللبنانية القريبة»، مؤكداً أن قوات النظام «قصفت الطرق الجبلية والأنهار والجسور التي يسلكها اللاجئون».

 

دمشق وريفها

وفي دمشق وريفها، وصلت تظاهرة للمرة الأولى إلى ساحة العباسيين الواقعة في قلب العاصمة السورية، حيث شهدت الساحة انتشاراً أمنياً غير مسبوق بعد التظاهرة. وخرجت تظاهرات في حيي القابون وبرزة قبل ان يشهد الحيان حملات دهم واعتقالات رافقها اطلاق نار ما ادى الى وقوع جرحى في صفوف سكانهما. وكانت مسيرات متزامنة خرجت الليلة قبل الماضية في عدة أحياء بدمشق، حيث هتف المتظاهرون في حي العسالي ضد نظام الرئيس بشار الأسد رافعين يافطات تؤكد عدم التخلي عن دماء أطفال سوريا. وبينت لجان التنسيق المحلية أن أصوات الطلقات النارية دوت في مناطق ريف دمشق مثل الكسوة ويلدا وجسر مسرابا.

 

زيارة أموس

وفي ظل هذه الأجواء، دخلت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية فاليري أموس وفريق من الهلال الأحمر السوري والصليب الأحمر الى حي بابا عمرو في مدينة حمص «في جولة تقييمية»، بعيد وصولها إلى دمشق واجتماعها برئيس الدبلوماسية السورية وليد المعلم. وكان المعلم أكد لأموس التزام دمشق التعاون مع البعثة، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية. بدورها، قالت الناطقة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إليزابيث بايرز إن أموس «أجرت محادثات في دمشق وستتوجه إلى حمص».

 

انشقاق ثاني عميد في الجيش السوري

 

أعلن العميد ركن عدنان قاسم فرزات انشقاقه عن الجيش النظامي وانضمامه إلى المنشقين المنضوين تحت لواء «الجيش السوري الحر»، احتجاجاً على الحملة الدامية على مدينته الرستن التابعة لمحافظة حمص، ليكون بذلك ثاني ضابط برتبة عميد ينشق.

واعلن فرزات في تسجيل مصور انشقاقه عن الجيش بسبب القصف المدفعي الكثيف للمناطق التي يسيطر عليها الثوار قائلا إن هذا «ليس من أخلاق الجيش السوري»، قائلا انه من الرستن وهي معقل محاصر للثوار في محافظة حمص. وذكر فرزات الذي كان يضع نظارة طبية ويعتقد انه في منتصف الخمسينات من العمر: «أنا العميد ركن عدنان قاسم فرزات من مرتبات قيادة المنطقة الوسطى ومن أهالي مدينة الرستن. أعلن انشقاقي عن الجيش السوري وانضمامي إلى الجيش السوري العربي الحر»، عارضا بطاقة هوية عسكرية.

وقال إن انشقاقه جاء «بسبب إعلام بعض القيادات أن الرستن تقصف بالمدفعية، حيث استمر هذا القصف المدفعي وبعمق وهدمت البيوت وقتل الأطفال والنساء، وهذا ليس من أخلاق الجيش السوري، ولهذا السبب أعلن انشقاقي». وفرزات هو ثاني ضابط برتبة عميد ركن ينشق عن الجيش النظامي بعد مصطفى الشيخ المتواجد في تركيا مع العقيد رياض الأسعد. والمكان الحالي للعميد المنشق غير معروف.

وقال النقيب أحمد العربي العضو في الجيش الحر إن فرزات سيتولى على الأرجح قيادة المعارضة في الرستن إذا بقي في سوريا. أما إذا غادرها، فقد يصبح نائبا لمقاتلي الجيش الحر أو أنهم قد يتوصلون إلى اتفاق بخصوص دور قيادي جديد.