في أجواء ساخنة، هيمن على بدايتها ملف قضية «تمويل منظمات المجتمع المدني»، والتي توعد رئيس مجلس الشعب المصري سعد الكتاتني بمساءلة كل من تدخل بهدف السماح للناشطين الأجانب، وبينهم أميركيون بمغادرة الأراضي المصرية، معلناً استدعاء رئيس الحكومة أمام المجلس في 11 الجاري لإيضاح هذا الأمر.. أقر البرلمان بغرفتيه (الشعب والشورى) تشكيل لجنة لتلقي اقتراحات أعضاء البرلمان والمؤسسات والهيئات والجمعيات والنقابات حول وضع دستور جديد، على أن تنتهي من تبويب جميع المقترحات في 16 الجاري، فيما عزت تقارير غياب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي عن هذه الجلسة لـ«دواع أمنية».
وأعلن الكتاتني أن المجلس «سيحقق ويُخضع للمساءلة كلَّ من تدخل في قضية التمويل غير المشروع للجمعيات الأهلية بهدف السماح للناشطين الأجانب وبينهم أميركيون بمغادرة البلاد». وأردف القول خلال اجتماع مشترك لمجلسي الشعب والشورى إن البرلمان سيستدعي المسؤولين لشرح حيثيات القرار، وسيقوم «بمحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة التي مثلت تدخلًا سافراً في شؤون القضاء». وقال رئيس مجلس الشعب إنه «لا يمكن القبول بأي نوع من التدخل الأجنبي.. هذه القضية لا يمكن إنهاؤها بقرار سياسي».
وأوضح الكتاتني: «ستتم دعوة رئيس الحكومة والوزراء المسؤولين إلى مجلس الشعب يوم 11 مارس الجاري»، مشدداً على أهمية «الحفاظ على كرامة الشعب المصري واستقلال القضاء ورفض أي تدخل أجنبي». وطرح الكتاتني مجموعة من الأسئلة حول عملية السفر، متسائلًا: «كيف يمكن تفسير وصول طائرة خاصة قبل صدور قرار رفع الحظر؟»، مشيراً إلى أن رئيس المحكمة المستشار محمود شكري التي كانت تنظر القضية «تعرض لضغوط وطالب بالتحقيق في واقعة تنحي هذا القاضي».
في غضون ذلك، أقرّ البرلمان تشكيل لجنة لتلقي اقتراحات أعضاء البرلمان واقتراحات المؤسسات والهيئات والجمعيات والنقابات حول وضع دستور جديد للبلاد، على أن تنتهي من تبويب جميع المقترحات في 16 الجاري. ووافق أعضاء البرلمان خلال اجتماع مشترك عقده المجلسان، أمس، على اقتراح يقضي بأن تبدأ لجنة مكوَّنة من اللجنتين العامتين في مجلسي البرلمان اعتباراً من أمس، وحتى بعد غد الثلاثاء، لتلقي المقترحات الخاصة بالدستور الجديد.
ووفقاً للاقتراح الذي قدَّمه رئيس مجلس الشعب سعد الكتاتني الذي ترأَّس الاجتماع المشترك لمجلسي البرلمان، فإنه يتعين على اللجنة البرلمانية المشتركة الانتهاء من تصنيف وتبويب جميع المقترحات التي تَرِد إليها من دون تجاهل أي اقتراح، بحد أقصى يوم 16 مارس الجاري، لينعقد اجتماع مشترك لمجلسي البرلمان في اليوم التالي مباشرة لمناقشة المقترحات وإقرارها. وبحسب الاقتراح، فإن عملية مناقشة المقترحات وإقرارها سيكون خلال أسبوع، يبدأ من 17 وحتى 23 من مارس، ليعقد مجلسا البرلمان اجتماعاً في اليوم التالي 24 مارس لبدء إجراء انتخابات الجمعية التأسيسية المنوط بها وضع مشروع الدستور الجديد.
في هذه الأجواء، غاب رئيس المجلس العسكري عن حضور جلسة الاجتماع المشترك لمجلسي الشعب والشوري، والتي كان مقرراً أن يلقي فيها كلمة كما جرت العادة. وتسود كواليس الاجتماع أقوال عن أن طنطاوي قرر في آخر لحظة الغياب عن الاجتماع «لأسباب أمنية، وعلى ضوء التطورات التي جرت أخيراً في قضية التمويل الأجنبي».
واشنطن دفعت 330 ألف دولار كفالة
ذكرت وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة تعمل من أجل التخلي عن ملاحقات للقضاء المصري ضد النشطاء الأميركيين والمصريين في منظمات أهلية متهمة «بالحصول على تمويلات غير شرعية»، مشيرة إلى أن الكفالة التي دُفعت للإفراج عن النشطاء الأميركيين والمقدرة بحوالي 330 ألف دولار، تحملتها الولايات المتحدة.
وقالت الناطقة باسم الخارجية فكتوريا نولاند إن 13 موظفاً أجنبياً في هذه المنظمات، بينهم ستة أميركيين، غادروا مصر بعد رفع قرار منعهم من مغادرة الأراضي المصرية الذي صدر في إطار محاكمتهم. وأضافت أن أميركياً واحداً قرر البقاء.
وقالت نولاند إن الحكومة الأميركية وضعت «قيمة الكفالة المقررة بـ330 ألف دولار، بتصرف رعاياها». وأوضحت أن حكومة الرئيس باراك أوباما «وافقت على التعامل مع المصروفات القانونية المرتبطة بالواقعة كجزء من الأنشطة التي تمولها الحكومة». وأضافت: «دفعت المنظمات غير الحكومية الكفالة من أموال حصلت عليها من الحكومة الأميركية، وافقنا على هذا لأن الوضع نشأ في سياق عمل الترويج للديمقراطية الذي كانوا يؤدونه، والذي مولناه ودعمناه». وأردفت القول إن بلادها «ستواصل العمل مع الحكومة المصرية لترى الإمكانات المتوفرة للتخلي عن الملاحقات، ليس فقط تلك التي تطال رعايانا، بل المصريين أيضاً لأننا نرى أن هذه الملاحقات لا أساس لها».
ورأت الناطقة الأميركية أن «المنظمات غير الحكومية وجدت نفسها في هذا الوضع لأنها تعمل على تشجيع الديمقراطية، وهذا ما تفعله في 70 بلداً». وقالت نولاند إن قرار العودة إلى مصر لمواجهة التهم «متروك للنشطاء الأميركيين». وقالت: «نأمل ونتوقع أن نتمكن من إسقاط تلك القضية»، مضيفة أنه «حال إسقاطها ستحل التساؤلات بشأن الكفالة على الأرجح».
