بعد أربعة أسابيع من الحصار المحكم والقصف العنيف، أعلن الجيش السوري الحر، المكون من جنود منشقين، أمس، انسحابه «تكتيكياً» من حي بابا عمرو في مدينة حمص، بسبب نفاد الذخيرة والإمدادات، متهماً القوات الموالية للنظام باستخدام دروع بشرية خلال عملية اقتحام الحي، وبارتكاب مجزرة فيه راح ضحيتها 17 شخصاً ضمن 34 قتلوا في تظاهرات بمناطق مختلفة.
وأعلن الجيش السوري الحر، في بيان أمس، أنه «انسحب تكتيكياً من حي بابا عمرو بعد أن استخدم الجيش النظامي دروعاً بشرية ونفاد الذخيرة والامدادات»، بعد اربعة أسابيع من القصف المتواصل والحصار، فيما ذكرت لجان التنسيق المحلية أن الجيش النظامي «تقدم في بابا عمرو بعد انسحاب الجيش الحر وارتكب مجزرة مروعة في بساتين الحي». وذكر ناشطون أن عدداً من مقاتلي الجيش أمنوا الانسحاب بعد ليلة من الصمود في وجه سبعة آلاف عنصر من الجيش النظامي حاصروا الحي من جميع الجهات.
وذكر النشطاء أن الجيش النظامي دخل بابا عمرو «بعد أن استخدم أكثر من مئتي مدني من أحياء حمص دروعاً بشرية وقام بتصفية المدنيين الذين وجدهم في محيط الحي». وأورد موقع الثورة السورية أسماء 17 مدنياً تم ذبحهم من قبل عناصر الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري والأمن العسكري التي اقتحمت الحي، من بينهم أفراد من عائلة واحدة، فيما قتل 17 آخرون في مدن مختلفة خلال تظاهرات مناوئة للنظام.
وكان عضو الهيئة العامة للثورة السورية هادي العبدالله صرح في وقت سابق في اتصال مع وكالة «فرانس برس» من حمص أن عناصر الجيش الحر تمكنوا من إجلاء عائلات من سكان الحي.
معارك وتصميم
بدوره، أكد مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن أن «المعارك بين الجيش النظامي والمنشقين عنه دارت في أطراف حي بابا عمرو وليس في داخله»، مؤكداً أن الجيش النظامي «صمم على اقتحام بابا عمرو مهما كلف الأمر». وأكد قائد الجيش السوري الحر العقيد رياض الاسعد لـ«فرانس برس» أن عناصره واجهوا القوات النظامية بـ«الأسلحة الخفيفة والمتوسطة».
من جانبه، ذكر عضو بالمجلس العسكري الثوري الأعلى مهيمن الرميض لوكالة «رويترز أن الجنود المنشقين «واجهوا قوات تفوقهم كثيراً من حيث التسليح مع استخدامهم الرشاشات وقذائف الهاون، في مواجهة قوات مدرعة تدعمها المدفعية الثقيلة والصواريخ».
حصار وانشقاق
وبدأت محاولة اقتحام بابا عمرو، أول من أمس، غداة توجه وحدات من الفرقة الرابعة، التي يقودها ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري بشار الأسد.
وبحسب عدد من قادة وحدات الجيش السوري الحر المرابطة حول مدينة حمص، فإن كل المسالك المؤدية الى المدينة باتت مقطوعة تماما.
وفي سياق متصل، أظهرت صور على الإنترنت بثها ناشطون انشقاق عدد من الضباط والجنود في مدينة الرستن بحمص عن الجيش النظامي. وقال المنشقون: إن ما دفعهم إلى الانشقاق هو ما شاهدوه من قصف ودمار وارتكاب مجازر من قبل الجيش النظامي. وأعلن ضابط برتبة نقيب، قال إنه ينتمي إلى الطائفة العلوية، انشقاقه عن الجيش النظامي وانضمامه إلى الجيش السوري الحر، وهي المرة الاولى التي ينشق فيها ضابط من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها معظم أركان النظام.
«الوطني» يتبنى تسليح المعارضة وتوحيد صفوف المنشقين
أعلن رئيس المجلس الوطني السوري، أبرز هيئات المعارضة السورية، برهان غليون أنه يريد تنظيم صفوف المعارضة وتنظيم تسليم الأسلحة إليها و«توحيد قواها» من خلال «مكتب استشاري عسكري» تم انشاؤه مؤخراً.وقال غليون في تصريحات صحافية أمس إن المجلس قرر «إنشاء مكتب استشاري عسكري مؤلف من عسكريين ومدنيين لمتابعة شؤون قوى المقاومة المسلحة المختلفة وتنظيم صفوفها وتوحيد قواها ضمن قيادة مركزية واحدة».
مضيفاً أن المجلس سيعمل على «توفير كل ما تحتاجه المقاومة والجيش الحر من أجل القيام بواجباته الدفاعية على أكمل وجه وتأمين الحماية اللازمة للمدنيين ورعاية الثوار».وتابع غليون أن المجلس «سيعمل على الحيلولة لمنع حالة التشتت والفوضى في انتشار واستعمال السلاح، ومنع أي اختراقات أو تجاوزات لا تصب في مصلحة الثورة السورية والمصلحة الوطنية العليا».وقال انه تباحث مع قائد الجيش السوري الحر العقيد رياض الاسعد والعميد مصطفى الشيخ الذي يتزعم «المجلس العسكري الثوري الأعلى» وهما موافقان على الانضمام إلى المكتب».ويتخذ المسؤولان العسكريان تركيا مقرا لهما. وكان الأسعد أول من انشق ضد نظام الأسد وشكل الجيش الحر.
واعلن الشيخ في فبراير تشكيل «مجلس عسكري ثوري أعلى» وحدد هدفه الاول في تحسين تنظيم المعارضة المسلحة. وانتقد بعض السوريين المجلس الوطني لعدم دعمه الصريح للمعارضة المسلحة للرئيس بشار الاسد والتي يقودها الجيش السوري الحر الذي يضم منشقين عن القوات المسلحة. وبدا في بعض الأحيان أن المجلس الوطني والجيش الحر على خلاف استراتيجي إذ احجم المجلس في بادئ الأمر عن تبني الرد المسلح الذي يتبناه الجيش الحر على الحملات التي تشنها القوات الحكومية.
