اندلعت مواجهات عنيفة في غرب بيروت بين أنصار المعارضة والموالاة بعد امتدادها إلى البقاع ما أسفر عن مقتل فتاة وجرح أربعة أشخاص آخرين، فيما أعاد الجيش اللبناني فتح طريق إلى دمشق بعدما أغلقه أتباع «تيار المستقبل» بزعامة سعد الحريري، ورفضت قيادة الجيش إعلان الطوارئ.
وقعت اشتباكات عنيفة مساء أمس بين أنصار المعارضة اللبنانية والموالاة في أحياء كورنيش المرزعة والبسطة والنويري وراس النبع استخدمت فيها «الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية» وفقا لمراسل «وكالة فرانس بيرس».
وامتدت المواجهات بين مناصري «حزب الله» و«تيار المستقبل» من بيروت إلى البقاع (شرق) حيث قتلت فتاة وجرح أربع نساء في بلدة سعد نايل وفق مصدر أمني. كما قطع مناصرون ل«تيار المستقبل» ابرز قوى الأكثرية النيابية التي تمثلها الموالاة الطريق الرئيسي المؤدي إلى جنوب لبنان.
وقال مصدر أمني إن نحو ثلاثين شابا من أنصار التيار مزودين بقساطل مياه معدنية وعصي ومسدسات قطعوا الطريق بعد بلدة الجية الساحلية على الطريق بين بيروت وصيدا. وتوقفت حركة الطيران في مطار رفيق الحريري الدولي أمس لليوم الثاني كما أفاد مصدر ملاحي. وقال المصدر إن «المطار مفتوح إنما لا حركة جوية.
وان أي حركة أقلاع أو هبوط لأي شركة غير واردة على الجدول باستثناء رحلة إلى لندن جرت في ساعة مبكرة». وبدت الحركة شبه معدومة أمس في بيروت، فيما أشعل شبان معارضون مجددا النيران في بعض المستوعبات والإطارات. وتشاهد في بعض المناطق عناصر مسلحة ومقنعة. كما تواصل القوى الأمنية انتشارها الواسع في بيروت.
إلى ذلك، أفاد مصدر أمني بأن اشتباكات بالأسلحة الرشاشة وقعت صباحاً بين مناصرين ل«تيار المستقبل» ومحازبين ل«حزب الله» في بلدة سعدنايل في منطقة البقاع حيث قطع مناصرو التيار الطريق التي تربط شتورة بمدينة بعلبك الشيعية.
وأفاد مراسل «فرانس برس» بأن عشرات من الشبان أشعلوا مجددا النيران في الإطارات قرب بلدة بر الياس السنية على بعد مئات الأمتار من المصنع، نقطة العبور الحدودية بين لبنان وسوريا. وتمكن الجيش اللبناني من إعادة فتح الطريق الدولية التي تصل بين بيروت ودمشق.
بدوره قال مصدر من المعارضة طلب عدم نشر اسمه، إن الاحتجاجات ستتواصل إلى أن تتراجع الحكومة عن قرارات استهدفت «حزب الله» بينها تحرك لإزالة شبكة اتصالات تديرها الجماعة. واستبعدت مصادر حكومية ذلك. وأفادت مصادر سياسية بأن قائد الجيش الجنرال ميشال سليمان رفض فكرة الحكومة إعلان حالة الطوارئ وفرض حظر على التجول. وكان السنيورة أبلغ قناة «المستقبل »الإخبارية بأن حكومته تدرس مثل هذا التحرك.
وانتشر الجيش الذي بقي على الحياد خلال الأزمة بكثافة لكنه لم يحاول إزالة العوائق من الطرق المغلقة ووقف الاشتباكات. وظل مئات من أنصار «حزب الله» وحلفائه ساهرين يراقبون حواجز الطرق التي أقيمت بالتراب والكتل الخرسانية والسيارات القديمة. وواصلوا حملتهم أمس إذ حرقوا المزيد من إطارات السيارات وأقاموا متاريسهم. وظل معظم سكان بيروت في بيوتهم.
وعلى صلة، وقع إشكال أمني في مدينة الميناء ـ ساحة المدافن على خلفية تعليق صور في المنطقة أدى إلى تبادل لإطلاق النار مما أدى إلى إصابة شخصين بجروح. وقال مصدر أمني إن الجريحين هما محمد الحداد ونوري الصيداوي، الذي وصفت جروحه بأنها خطيرة. وتم نقلهما إلى مستشفيي المنلا والإسلامي في طرابلس.
صحف موالية ومعارضة تتخوف من فتنة طائفية
شبهت صحف لبنانية موالية ومعارضة أمس مشاهد العنف التي تشهدها بيروت ببدايات الحرب الأهلية السابقة (19751990) متخوفة من اندلاع فتنة مذهبية بين الشيعة والسنة. وعنونت «النهار» في صدر صفحتها الأولى «بيروت تستعيد فصول الرعب المذهبي والميليشيوي».
وعنونت صحيفة «اللواء» الموالية «الأربعاء الأسود بيروت تحت الحصار والنار». ورأت صحيفة «السفير» المعارضة بان «قرار السلطة تجريم المقاومة يشعل خطر الحرب الأهلية». وكتبت «السفير»: «مشهد الأربعاء أعاد تذكير اللبنانيين بالمشاهد السوداء التي عاشوا فصولها أكثر من 15 سنة وظنوا أنها ذهبت إلى غير رجعة فإذا بخطوط التماس المذهبية ترتفع».
واعتبرت صحيفة «الأخبار» المعارضة أن الطرفين «تجاوزا كل الخطوط الحمر وسارا بقوة نحو مواجهة تأخذ طابعا مسلحا»، متوقعة استئنافها الخميس «ما لم يبرز إلى الضوء أي تفاهم سياسي». أما صحيفة «الأنوار» المستقلة فشددت على المأزق الذي يواجهه الجميع.
وكتب المحلل السياسي رفيق خوري في الافتتاحية «المأزق مزدوج: مجلس الوزراء لا يستطيع التراجع وإلا سقط عمليا ولا السير إلى النهاية بسبب الواقع على الأرض، وحزب الله لا يستطيع التراجع عن موقفه وإلا سلم بقصقصة أجنحته ولا الذهاب في العصيان إلى النهاية لان مخاطر الفتنة الطائفية خطيرة».
بيروت ـ علي بردى والوكالات
