أدلى الرئيس دونالد ترامب، ، بأقوى تلميح حتى الآن حول اختياره لخلف رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول.
يثير هذا الأمر قلق المستثمرين. فبعد أشهر من التكهنات حول أسماء نحو اثني عشر مرشحاً، قال ترامب أخيراً الأسبوع الماضي إنه يعرف من سيعينه ليكون الشخصية الأقوى في الاقتصاد الأمريكي.
وبعد أيام فقط، وخلال اجتماع لمجلس الوزراء، خص ترامب مدير المجلس الاقتصادي الوطني، كيفن هاسيت، قائلاً إنه "مرشح محتمل لرئاسة الفيدرالي"، مضيفاً: "هل يُسمح لنا بقول ذلك؟".
ارتفع عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار 11 نقطة أساس بعد تقرير نشرته وكالة "بلومبيرغ" في 25 نوفمبر2025، ذكر خلاله أن هاسيت هو "المرشح الأوفر حظاً" لرئاسة البنك المركزي.
وذكر مستثمرون في السندات لوزارة الخزانة في وقت سابق من الشهر الماضي أنهم يخشون أن يضغط هاسيت لخفض تكاليف الاقتراض بقوة لإرضاء ترامب، وفقاً لصحيفة "فاينانشال تايمز"، نقلاً عن مصادر مجهولة مطلعة على الأمر.
وقد انعكس هذا الشعور في المحادثات الفردية التي أجرتها الوزارة مع "مديرين تنفيذيين في كبرى بنوك وول ستريت، وعمالقة إدارة الأصول، واللاعبين الكبار الآخرين في سوق الدين الأمريكي"، وفقاً للتقرير.
ويأتي هذا القلق في وقت ينقسم فيه صانعو السياسات حول كيفية المضي قدماً في أسعار الفائدة، وهم يخشون من أن هاسيت، الحليف القديم لترامب، سيهتم باتباع مطالب الرئيس أكثر من اهتمامه بالحفاظ على استقلالية الفيدرالي في تحديد أسعار الفائدة دون تدخل سياسي، حتى لو كان لرئيس الفيدرالي صوت واحد فقط!!
والجدرير بالذكر أن مخاوفهم مهمة لأن الأسواق قد تصاب بنوبة غضب وتجبر ترامب على سحب ترشيح هاسيت، في تراجع محرج.،وفي هذا السياق وقال أنجيلو كوركافاس، كبير محللي استراتيجيات الاستثمار العالمية في إدوارد جونز: "تعمل الأسواق حقاً كفحص للسلامة للسياسات والقرارات الرئيسية الأخرى".
ومن جانب اخر كان اختيار ترامب لرئيس الفيدرالي معقداً بالفعل بسبب قواعد الفيدرالي بشأن من يمكنه تولي المنصب، وستضيف إعادة تشكيل كبار مستشاريه الاقتصاديين طبقة أخرى من التعقيد، كما أن مستقبل حاكمة مجلس الاحتياطي الفيدرالي ليزا كوك في المجلس غير مؤكد أيضاً بينما تحدد المحاكم ما إذا كان بإمكان ترامب إقالتها.
تزداد تعقيدات المشهد بوجود شبكة من مستشاري ترامب قد يتم تبديل مناصبهم في مناورات متداخلة.
المناورة الأولى تتعلق بهاسيت نفسه؛ فإذا اختير لقيادة البنك المركزي، سيتعين على ترامب أن يجد شخصاً آخر لقيادة المجلس الاقتصادي الوطني (NEC).
وقد أشار مستشارو ترامب إلى احتمال أن يقود وزير الخزانة سكوت بيسينت المجلس الاقتصادي الوطني مع بقائه وزيراً للخزانة، رغم أن بيسينت قال مراراً إنه يفضل الاحتفاظ بدوره الحالي.
المناورة الثانية تشمل مجلس المستشارين الاقتصاديين (CEA)، حيث يتغيب رئيسه ستيفن ميران حالياً في إجازة مؤقتة ليخدم كعضو في مجلس محافظي الفيدرالي، في ترتيب غير مسبوق. ومنذ وصوله في سبتمبر2025، دعا ميران إلى تخفيضات كبيرة في أسعار الفائدة، معارضاً قرار الأغلبية.
وتنتهي فترة ميران في يناير2026، لكنه قال إنه لن يلتزم بالاستقالة حتى يتم ترشيح وتأكيد خلف له.
المناورة الثالثة والأكثر خطورة هي الدعوى القضائية للمحافظة ليزا كوك، والتي تتحدى محاولة ترامب إقالتها بسبب مزاعم غير مثبتة بالاحتيال العقاري. قال ترامب في أغسطس إنه أقال كوك، وهي المرة الأولى في تاريخ الفيدرالي الممتد لأكثر من قرن التي يحاول فيها رئيس إقالة محافظ حالي.
وقد ردت كوك في المحاكم، ومن المقرر أن تبت المحكمة العليا في القضية العام المقبل،وإذا خسرت كوك قضيتها وتم استبدالها، فسيكون ترامب قد شكّل فعلياً أغلبية المجلس، مما يفاقم القلق بشأن تسييس الفيدرالي وما قد يترتب عليه من مستوى عالٍ غير مرغوب فيه من التضخم.
في النهاية، يحذر الخبراء من أن السوق يمكن أن يثور إذا وصل رئيس جديد ووافقت اللجنة، لأي سبب كان، على خفض الأسعار أكثر مما ينبغي، على الرغم من أن هيكل اللجنة يضمن أن رئيس الفيدرالي هو مصوت واحد فقط من بين 12، مما يوفر حاجزاً نظرياً ضد النفوذ السياسي.
