شهد المشهد السياسي والبيئي الأمريكي حالياً تصادماً حاداً يهدد أحد أقدم التشريعات البيئية وأكثرها تأثيرا، قانون حماية الثدييات البحرية (MMPA)، الذي سُنّ عام 1972، فبينما يرى القادة المحافظون أن اللحظة السياسية قد حانت لإزالة الأجزاء الرئيسية من هذا القانون، الذي يحمي الحيتان والفقمات والدببة القطبية.

ومن جانب اخر تعارض جماعات الحفاظ على البيئة هذه الخطوة بشدة، مؤكدة أن إضعاف القانون سيمحو مكاسب سنوات طويلة ويقود أنواعاً مهددة، مثل الحوت الأطلسي الصائب الشمالي—الذي لا يتجاوز عدده 400 فرد والمعرض لخطر التشابك القاتل في معدات الصيد مباشرة نحو الانقراض.

يُمثّل هذا القانون حجر الزاوية في التشريعات البيئية الأمريكية، حيث صدر قبل عام واحد من قانون الأنواع المهددة بالانقراض، وكان له دور فعال في إعادة أنواع كانت على حافة الزوال؛ فبفضله، تعافى عدد فقمة الفيل الشمالية من حوالي 20 فرداً فقط إلى أكثر من 150,000 اليوم، وارتفع عدد أسود البحر في كاليفورنيا من 50,000 إلى أكثر من 300,000، وهو ما يثبت فاعلية هذا التشريع الذي يحظر بشكل مطلق صيد أو قتل الثدييات البحرية في المياه الأمريكية، ويفرض تدابير وقائية على سفن الصيد والنقل.

يكمن جوهر الجدل في أن القانون، منذ نشأته، يضع قيوداً تنظيمية على الصناعات البحرية. ولهذا، قدم النائب الجمهوري نيك بيجيتش عن ألاسكا، وهي ولاية ذات صناعة صيد ضخمة، مسودة مشروع قانون تهدف إلى التراجع عن جوانب رئيسية من القانون. يرى مؤيدو التعديل أن القانون "قيّد الحكومة والقبائل والمجتمع المنظَّم بشكل غير ضروري ومفرط" منذ سنّه.

وتتركز المقترحات التعديلية حول نقطتين لهما أثر اقتصادي وبيئي بالغ: الأولى هي تعديل أهداف تعافي الثدييات البحرية من تحقيق "أقصى إنتاجية" إلى مستوى مطلوب فقط "لدعم استمرار البقاء"، والثانية هي تخفيف تعريف "الإيذاء" ليشمل فقط الأنشطة التي تتسبب فعلياً في إصابة الحيوانات، بدلاً من التعريف الحالي الذي يشمل الأنشطة التي لديها "القدرة على إيذاء" الثدييات البحرية.

هذا التغيير الأخير له تداعيات خطيرة، خاصة على صناعات مثل التنقيب عن النفط والغاز، ويهدد حوت "رايس" النادر، الذي يقدر عدده بالعشرات فقط في خليج المكسيك. كما أن التأثير البيئي للقانون واضح في حالة الحوت الأطلسي الصائب.

فبينما تُعزى حوالي 58% من وفيات هذا النوع إلى التشابك في معدات الصيد، وزاد الإجهاد الناتج عن ذلك من متوسط الفترة بين الولادات للإناث إلى 6-10 سنوات، يقترح التعديل الجمهوري تأجيل تطبيق قواعد الحماية الجديدة عليه حتى عام 2035، ما يهدد بانهيار هذا النوع خلال العقدين القادمين.

تحظى هذه التعديلات بدعم واسع من ائتلافات صيد الأسماك على كلا الساحلين، الذين يرون في مقترحات بيجيتش "خطوة إيجابية وضرورية لنجاح مصايد الأسماك الأمريكية"، ويشتكون من أن القيود الحالية تحد من أماكن صيدهم ونوع المعدات التي يمكنهم استخدامها، ما يضر بإحدى "الصناعات المميزة" لأمريكا، كما هو الحال مع صائدي الكركند في مين.

أما على الصعيد التجاري، فإن القانون الأصلي يتيح للولايات المتحدة فرض حظر على استيراد المنتجات البحرية من الدول التي لا تلتزم بمعايير حماية الثدييات البحرية الأمريكية.

وتوضح الإحصائيات قوة القانون التنظيمية؛ ففي عام 2025، تم رفض منح قرارات السماح بالاستيراد لحوالي 240 منشأة صيد من 46 دولة، ما يثبت دور القانون كمعيار عالمي.

وتؤكد مؤسسة مصايد الأسماك الوطنية أن هذه القيود تضر بالشركات الأمريكية التي تعتمد على الاستيراد، في حين يحذر البيئيون من أن إضعاف القانون قد يؤدي إلى إغراق السوق الأمريكية بالواردات من مصايد أجنبية غير خاضعة للرقابة، ما يقوّض التنافسية الأمريكية في هذا القطاع.

 يواجه قانون حماية الثدييات البحرية أقوى تحدٍّ له منذ عقود، فبينما تؤكد جماعات الحفاظ على البيئة أن القانون "مرن وفعّال ويعمل بشكل جيد" ولا حاجة لتعديله، وأن التراجع عنه سيعرّض أنواعاً أيقونية للخطر، تصرّ الأصوات السياسية والصناعية على أن مواءمة التشريع مع المصالح الاقتصادية هو أمر لا مفر منه، في صراع يحدد ما إذا كانت حماية البيئة ستظل حجر الزاوية في القانون الأمريكي أم أنها ستُفكك تحت وطأة المصالح التجارية.