لا يخفي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سعيه للفوز بجائزة نوبل للسلام. يقول مؤيدوه إنه يستحقها بالفعل، بينما يسخر منتقدوه من سعيه هذا تماماً، مشيرين إلى سياساته المثيرة للجدل بأنها تقصي المرشح.
وإذا استطاع ترامب إنهاء حرب غزة ومواصلة الضغط على موسكو، إلى جانب تشكيل معالم الصفقة لإنهاء الحرب، فسيكون التوصل إلى تسوية ممكناً قبل أن تختار لجنة نوبل، جائزة نوبل لعام 2026 بعد عام من الآن.
وورث ترامب اثنين من أسوأ صراعات هذا القرن، حربي غزة وأوكرانيا. وعلى كلتا الجبهتين، تلوح الآن ملامح تسوية. ليس من الواضح ما إذا كان ترامب وفريقه قادرين على تحقيق السلام. ولكن إذا نجحوا، فإن لجنة نوبل تستطيع، بل ينبغي عليها، الاعتراف بهذا الإنجاز ومنح ترامب الجائزة المنشودة.
لكن ليس هذه السنة. إذا استطاع من الآن المضي قدماً وعدم فقدان التركيز خلال العام المقبل، فسيحقق ترامب بجدارةٍ جائزة نوبل للسلام رقم 125.
تمنح جائزة نوبل للسلام الجمعة عند الساعة 11:00 (12:00 بتوقيت غرينتش) في أوسلو، في ظل أجواء قاتمة، إذ لم يسبق أن وصل عدد النزاعات المسلحة التي تشمل دولة واحدة على الأقل إلى مستوى مرتفع كما كانت الحال في 2024، منذ بدء جامعة أوبسالا السويدية إحصاءاتها في هذا المجال سنة 1946.
أمر واحد يبدو مؤكداً، وهو أن الرئيس الأمريكي لن يحصل على الجائزة، على الأقل ليس هذه السنة، برأي مراقبين، ولو أنه يدعي استحقاقه لها لمساهمته في حل ثمانية نزاعات.
يرى خبراء أن ادعاء الرئيس الأمريكي بأنه «صانع سلام» ينطوي على مبالغة كبيرة، مبدين قلقاً إزاء تداعيات سياسته القائمة على مبدأ «أمريكا أولاً».
توضح مديرة معهد أبحاث السلام في أوسلو (PRIO) نينا غرايغر، أنه «أبعد من محاولاته للوساطة في غزة، نشهد سياسات تتعارض مع النوايا والمبادئ المنصوص عليها في وصية نوبل»، وهي التعاون الدولي والأخوة بين الشعوب ونزع السلاح.
من الانسحاب من المنظمات الدولية والمعاهدات المتعددة الأطراف، إلى الحرب التجارية على بلدان العالم بما يشمل «الأصدقاء والحلفاء القدامى»، مروراً بمطامعه حيال جزيرة غرينلاند في الدنمارك، وقناة بنما، ونشر قوات من الجيش في المدن الأمريكية، وليس انتهاءً بالمساس بالحرية الأكاديمية وحرية التعبير... قائمة طويلة من المآخذ على ترامب قد تحول دون منحه الجائزة العريقة.
يقول يورغن واتن فريدنس رئيس لجنة جائزة نوبل للسلام المكونة من خمسة أعضاء، «ننظر إلى الصورة الكاملة»، مضيفاً: «ما يهم إجمالاً هو المنظمة أو الفرد من منظور شامل. لكن ما نركز عليه قبل كل شيء هو ما أنجزوه فعلياً في خدمة السلام».
فائز لا يثير الجدل
هذا العام، رشح 338 فرداً ومنظمة لجائزة نوبل، مع الإشارة إلى أن قائمة أسماء المرشحين تبقى سرية لخمسين عاماً. عشرات الآلاف من الأشخاص، بينهم برلمانيون ووزراء من كل البلدان وفائزون سابقون بالجائزة وبعض أساتذة الجامعات وأعضاء لجنة نوبل، مؤهلون لتقديم أسماء يرشحونها للفوز بالجائزة.
عام 2024، منحت جائزة نوبل إلى «نيهون هيدانكيو»، وهي مجموعة ناجين من الهجوم بالقنبلة الذرية على هيروشيما وناغازاكي، تقديراً لنضالهم ضد الأسلحة النووية.
في ظل غياب مرشح ينظر إليه على أنه الأوفر حظاً، يجري التداول في أوسلو بأسماء عدة: شبكة «غرف الطوارئ» السودانية (ERR)، أو الروسية يوليا نافالنايا أرملة زعيم المعارضة أليكسي نافالني، أو مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا (ODIHR).
ويقول مدير الأبحاث في المعهد النرويجي للشؤون الدولية هالفارد ليرا: إنه في السنوات الأخيرة «عادت لجنة جائزة نوبل للسلام للتركيز على قضايا +مصغرة+ أكثر، أقرب إلى الأفكار الكلاسيكية للسلام، مع الحفاظ على ارتباطها بحقوق الإنسان والديمقراطية وحرية الصحافة والمرأة». ويتابع ليرا: «حدسي يشير إلى أننا نميل هذا العام على الأرجح إلى فائز أقل إثارة للجدل».
منظمات دولية
وقد تعيد لجنة نوبل تأكيد التزامها بنظام عالمي لا يتماشى مع تطلعات دونالد ترامب، من خلال مكافأة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أو وكالة تابعة للأمم المتحدة مثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أو وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وقد تختار اللجنة أيضاً منح الجائزة إلى جهات معنية بالعدالة الدولية، مثل محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية، أو لهيئات ناشطة في مجال حرية الصحافة مثل لجنة حماية الصحافيين CPJ، أو ربما تعمد، مثلما تفعل في كثير من الأحيان، إلى منح الجائزة لجهة غير متوقعة، من خارج الأسماء المتداولة.
