بينما يُجبر مئات آلاف الموظفين الفيدراليين على العودة إلى مكاتبهم، تقود وزارة كفاءة الحكومة بإشراف إيلون ماسك، خطة لإنقاذ البلاد من الإفلاس، ولا طريق إلى ذلك سوى تقليص الإنفاق بحسب تصريحات الملياردير الأمريكي.
لكن بالنسبة للمتضررين تبدو القصة مختلفة ومصممة لإجبارهم على الاستقالة طوعاً! فمقرات العمل الحكومية الفيدرالية في الولايات المتحدة تشهد تغيرات هائلة منذ دخول خطة العودة إلى المكتب حيّز التنفيذ.
وتصف شهادات العشرات من الموظفين الفيدراليين، الذين تحدثوا إلى صحيفة "نيويورك تايمز"، مشاهد من مكاتب مكتظة، ونقص في ورق التواليت والمناشف الورقية، كافتيريات بلا طعام، مقصورات مكتبية محجوزة تختفي فجأة، وموظفون يجلسون على الأرض أو يُعادون إلى منازلهم لعدم توفر مكان عمل. وفي بعض المباني، تبيّن وجود الرصاص في مياه الشرب.
في إدارة الغذاء والدواء، امتدت طوابير الموظفين حول المبنى بانتظار عبور نقاط التفتيش الأمنية في أول أيام العودة، وسط أزمة مواقف سيارات وغياب واضح للتجهيزات الأساسية. أما في مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فقد طُلب من الموظفين الجلوس في المساحات الاحتياطية والعمل من أجهزة محمولة، رغم أن المباني لم تُصمم أصلًا لاستيعاب الجميع.
وفي مصلحة الضرائب، شهد اليوم الأول حالات إعادة الموظفين إلى منازلهم بعد حضورهم إلى مكاتب غير جاهزة، مما تسبب بهدر يوم عمل كامل. بعضهم اضطر إلى الاختيار بين مخالفة التعليمات بالعمل من المنزل أو الذهاب إلى مكتب لا يتسع له. وقال موظف إنه قضى ساعات جالسًا على الأرض، بعدما ضاعت مقصورته المحجوزة.
هذه السياسات، بحسب مراقبين، تتجاهل عقود النقابات التي تتيح العمل عن بعد، وتؤثر بشكل مباشر على نحو مليون موظف كانوا يعملون بنظام هجين أو عن بعد كليًا. بينما تُظهر بيانات رسمية أن أكثر من نصف الموظفين المدنيين عادوا إلى العمل حضوريا، إلا أن حالة من الإرباك وانعدام الكفاءة تهيمن على المكاتب.
وترى إدارة ترامب في العودة الكاملة وسيلة لضمان إنتاجية الموظفين، لكنها تُقر في الوقت ذاته بأنها قد تؤدي إلى نتائج "إيجابية" على حد وصف ترامب، منها تقليص أعداد العاملين بسبب الاستقالات، بما يخدم هدف تقليص حجم الحكومة.
وفي سياق إعادة الهيكلة، شهدت الأجهزة الفيدرالية موجات تسريح، تلتها عمليات إعادة توظيف بأوامر قضائية، إلى جانب تجميد للإنفاق طال حتى مستلزمات النظافة.
ومع استمرار موجة العودة، يواجه آلاف الموظفين قرارات مصيرية، كترك مدنهم للالتحاق بمقرات العمل الجديدة دون ضمانات مستقبلية، أو المخاطرة بالتسريح في أي لحظة ضمن جولات مقبلة من تقليص الجهاز الحكومي.
