في حادثة نادرة ومثيرة للقلق، ضرب "تسونامي الشبح" جنوب شرق ألاسكا في العاشر من أغسطس، حيث وصلت المياه إلى ارتفاع قياسي بلغ 100 قدم في بعض المناطق، ما أثار جدلاً واسعًا بين العلماء وأدى إلى تحذيرات عاجلة للسكان المحليين.

في البداية، تلقى مركز الزلازل في ألاسكا تقارير عن تسونامي مفاجئ ومحلي في منطقة إنديكوت آرم النائية، حيث سجلت أمواج ارتفاعها بين 10 و15 قدمًا بالقرب من جزيرة هاربور، بينما ارتفعت المياه إلى 100 قدم في جزيرة سوير القريبة. وما زاد من الغموض أن هذه الموجات لم تكن نتيجة نشاط زلزالي كبير، وهو السبب التقليدي لحدوث التسوناميات.

وبعد دراسة دقيقة، كشف الباحثون أن السبب الرئيسي هو انهيار أرضي هائل وقع قرب نهر ساوث سوير الجليدي، بلغ حجمه أكثر من 3.5 مليارات قدم مكعب، أي ما يعادل حجم نحو 40 ألف حمام سباحة أوليمبي. وعلق مايكل ويست، مدير مركز الزلازل في ألاسكا، قائلًا: "هذا أكبر انهيار أرضي في العقد الأخير بالولاية، وما يميزه هو قدرته على إحداث موجات تسونامي قوية حتى في مناطق محلية نائية."

وأوضح أليك بينيت، الأستاذ المساعد في جامعة ألاسكا فيربانكس، أن الانهيارات الأرضية مثل هذه تحدث نتيجة عدة عوامل، منها النشاط الزلزالي، ذوبان الجليد، أو هطول أمطار غزيرة. وأضاف: "عندما تنهار كتل ضخمة من الصخور والتربة بسرعة إلى الماء، تحل محل جزء من المياه مسببة موجات مرتفعة بسرعة هائلة."

وقد تدحرجت أجزاء من الانهيار إلى نهر سوير الجليدي، بينما سقط الباقي في ذراع تريسي، محدثة تسونامي محصور "سيش" داخل المضيق. ويعتبر هذا الانهيار والتسونامي الأكبر في ألاسكا منذ عام 2015. وقد أجرى خفر السواحل الأمريكي مسحًا جويًا لتوثيق حجم الانهيار ومساره وتأثيره على البيئة المحلية، وفق تقرير لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية.

وأشار العلماء إلى أن الخلجان الضيقة والمنافذ البحرية والبحيرات أكثر عرضة لمثل هذه الأحداث، حيث يمكن للكتل الصخرية الكبيرة أن تحل بسرعة محل المياه، محدثة موجات شديدة القوة. ولحسن الحظ، لم تقع هذه الظاهرة في مناطق مأهولة بالسكان، لكن خبراء الجيولوجيا يحذرون من احتمالية تكرارها مستقبلًا مع تغير المناخ وذوبان الجليد المتزايد.

ويأتي هذا التسونامي بعد أيام قليلة من فيضانات مدمرة في عاصمة ألاسكا نتيجة انهيار سد جليدي في نهر قريب، أدى إلى تدفق كميات كبيرة من المياه الذائبة والثلوج، ما أغرق الطرق وألحق أضرارًا بالبنية التحتية.

استجابت سلطات مدينة جونو بسرعة، حيث تم نصب حوالي 10 آلاف حاجز "هيسكو" على طول 2.5 ميل من ضفة النهر لحماية أكثر من 460 عقارًا، وهو ما ساعد في تقليل حجم الخسائر مقارنة بالفيضانات السابقة في 2023 و2024. كما فرضت المدينة على أصحاب المنازل تغطية 40% من تكاليف حماية ممتلكاتهم، مع طلب تبرعات إضافية لتعزيز الضفاف وحماية المجتمعات المحلية.

وحذر مسؤولو الطوارئ السكان من الاقتراب من ضفاف النهر أو القيادة عبر المياه الراكدة، مشددين على أن أي تجاهل لهذه التحذيرات قد يؤدي إلى وقوع أضرار إضافية على المباني والممتلكات.