لم يكمل بعد الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، المعروف برجل الصفقات، الشهر الأول في البيت الأبيض، إلا أنه أصبح حديث العالم مستخدماً الصدمة والترويع كسلاح استراتيجي لإرباك خصومه وحلفائه على حد سواء، فمن تصريحاته بخصوص شراء غزة، التي أربكت جهود السلام في الشرق الأوسط، ومساعيه لضم بنما وكندا وعدم استبعاد استخدام «الإكراه العسكري أو الاقتصادي» للحصول على غرينلاند، كل هذه الأمور أدت إلى تأزيم العلاقات الدولية، بالرغم من أنه حرص خلال حملته على التعهد بإنهاء الحروب بالتسويات وأن بلاده لا يمكنها التدخل في شؤون العالم إلا إذا كانت مصالحها مهددة، لكنه وجه صفعة جديدة لطموحات العالم في تعديل سياسته بعدما تبنى سياسة أحادية الجانب، وتوجهات غير ثابتة تهدد استقرار العالم.

كشفت المنشورات الأخيرة لترامب على منصة «تروث سوشيال» التي يمتلكها عن رؤية توسعية تشمل 4 محاور رئيسية، وهي ضم كندا كولاية أمريكية جديدة، واستعادة السيطرة على قناة بنما، والاستحواذ على غرينلاند، وشراء غزة بعد استلامها من إسرائيل وتوطين أهالي غزة في مناطق أخرى.

السطر الأول من كتابه «ترامب: فن الصفقة» يؤكد قطب العقارات، دونالد ترامب، أن إتمام الصفقات يعد «عملاً فنياً» أكثر من كونه طريقة لكسب الأموال.

وبالنسبة له الحياة مسابقة يجب أن يفوز بها، ليس لديه مشاعر عاطفية تجاه أي شيء سوى مصلحته الذاتية المباشرة، وقضى حياته في محاولة السيطرة على الآخرين».. هكذا وصف الصحفي توني شوارتز، كاتب السيرة الذاتية لدونالد ترامب «فن الصفقة» شخصية الرئيس الأمريكي.

وغني عن القول، إن صيغة «البيع والشراء»، التي اقترحها ترامب في الآونة الأخيرة وما يتخللها من عقود وتنازلات، تمثل طرحاً غير مسبوق في العلاقات الدولية، في ظل مبدأ سيادة الدولة.

ولا شك أن ترامب يتعمد إثارة الهجوم عليه من مختلف الأطياف السياسية، ليبقى مركز الاهتمام.

ويذكر أيضاً أن ترامب يفضل أن يتعرض للهجوم بدلاً من تجاهله، ما يظهر عدم اهتمامه بالعواقب الحقيقية لسياساته، سيما ما يتعلق بالآثار السلبية للحروب التجارية التي يشنها على الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية، من خلال فرض تعريفات جمركية جديدة على عدد من البلدان والتي خلقت وضعاً خاسراً للجميع.

للإشارة فإن ترامب تبنى خطاباً يميل إلى «إحلال السلام وتعزيز الاستقرار الإقليمي» و«وقف الحروب» خلال حملته الانتخابية، مع تأكيد الدعم لإسرائيل، لكن الحديث عن نهج توسعي خلق بعض الغموض حول الصفقات التي يريد الرئيس الأمريكي إبرامها، حيث يمزج في التعامل مع الملفات الخارجية بين التهديدات الصريحة بشراء مناطق والمناورات الدبلوماسية.

ففي الوقت الذي كان ينأى فيه بنفسه عن السياسات، التي ورطت الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب على العراق وأفغانستان، إلا أنه أبدى حرصاً على الاستيلاء المباشر على أراضي الغير، ومحاولة فرض واقع جديد على الأرض.. فهل سيفرض بالفعل القرارات السريعة التي وعد بها، أم أن تعقيدات الصراعات العالمية ستقاوم الحلول السريعة؟