شنّت روسيا هجوماً واسعاً على أوكرانيا بمئات المسيّرات والصواريخ وفق ما أعلنت كييف، ما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص على الأقل وإصابة العشرات. في المقابل، نشرت بولندا مقاتلات في مجالها الجوي كإجراء "احترازي".
يأتي هذا الهجوم بعدما حذّرت روسيا حلف شمال الأطلسي (الناتو) من اتخاذ إجراءات أكثر صرامة رداً على التوغلات المزعومة في المجال الجوي الذي يغطيه التحالف العسكري. كما جاء بعد إعلان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن كييف تلقت نظام دفاع جوي من طراز باتريوت أمريكي الصنع من إسرائيل لاستخدامه ضد الهجمات الروسية.
وقال زيلينسكي عقب الضربات التي استمرت 12 ساعة: "موسكو تريد مواصلة القتال والقتل ولا تستحق سوى الضغط الشديد من العالم أجمع". وأضاف أن "الكرملين يستفيد من استمرار هذه الحرب والرعب طالما أن هناك أرباحاً من مبيعات الطاقة"، داعياً إلى اتخاذ إجراءات أقوى ضد روسيا. وأجرى زيلينسكي عقب الضربات القوية اتصالات مع حلفاء، منهم الأمين العام لحلف الناتو مارك روته، والرئيس الفنلندي ألكسندر ستاب، ورئيس الوزراء النرويجي يوناس غار ستور.
في المقابل، قالت روسيا الأحد إنها ضربت أهدافاً عسكرية في الهجوم الجوي المكثف الذي نفّذته. وأوضحت وزارة الدفاع في بيان: "شنت القوات الروسية الليلة الماضية ضربة كبيرة... ضد مؤسسات تابعة للمجمع الصناعي العسكري الأوكراني".
روى مارك سيرغيف، أحد سكان كييف (35 عاماً)، لوكالة "فرانس برس" كيف أصاب صاروخ شقته منتصف الليل بينما كان نائماً مع عائلته، قائلاً: "ما زلت لا أصدق أن الأطفال على قيد الحياة. إنها نعمة. كانوا تحت السقف عندما سقط الصاروخ، سقط السقف فوق سرير ابني الأكبر مباشرة".
بدورها، قالت آنا (26 عاماً): "سمعت صاروخاً يحلّق لفترة طويلة، ثم دوّى انفجار وتحطمت النوافذ". ونشر الرئيس الأوكراني مقطع فيديو يُظهر مبانيَ سكنية تشتعل فيها النيران، فيما أفادت السلطات بإصابة 40 شخصاً في مناطق زابوريجيا وأوديسا وسومي وتشيركاسي وميكولايف.
وكتب وزير الخارجية الأوكراني أندري سيبيغا على منصة "إكس": "شنت روسيا هجوماً جوياً مكثفاً جديداً على المدن الأوكرانية بينما كان السكان نياماً. ومرة أخرى، دمّرت مئات المسيّرات والصواريخ مبانيَ سكنية وتسببت في سقوط ضحايا مدنيين"، ونشر صوراً تظهر نيراناً تتصاعد من مبنى سكني متعدد الطوابق.
وأفاد رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو بأن العاصمة تتعرض لهجوم "ضخم"، طالباً من السكان البقاء في الملاجئ. وفي منطقة كييف، أسفرت الضربات الروسية عن إصابة 27 شخصاً على الأقل، بحسب رئيس الإدارة العسكرية ميكولا كالاشنيك. وكان المصدر نفسه أشار سابقاً إلى مقتل أربعة أشخاص بينهم فتاة تبلغ 12 عاماً.
وقال مدير المكتب الرئاسي الأوكراني أندري يرماك: "مرة أخرى، تُستهدف المباني السكنية والبنية التحتية. مرة أخرى، إنها حرب على المدنيين"، مضيفاً: "سيكون هناك رد (...) لكن الضربات الاقتصادية الغربية لروسيا يجب أن تكون أقوى أيضاً".
أفادت القوات البولندية بأنها نشرت مقاتلات في مجالها الجوي ووضعت أنظمة الدفاع الجوي الأرضية في حالة تأهب قصوى رداً على الضربات الروسية في أوكرانيا، موضحة أن هذه التدابير احترازية وتهدف إلى تأمين المجال الجوي وحماية المواطنين.
في الأسابيع الأخيرة، اتهمت دول أوروبية عدة روسيا بانتهاك مجالها الجوي، وهو ما اعتبره حلف الناتو اختباراً لعزيمته. ونفت روسيا مسؤوليتها عن هذه التوغلات.
في المقابل، حذّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف السبت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة من "رد حاسم" على أي "اعتداء" تتعرض له بلاده، وذلك بعدما دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إسقاط الطائرات الروسية التي تنتهك أجواء حلف شمال الأطلسي. وتوعد لافروف بأن أي دولة "ستندم كثيراً" في حال أسقطت أجساماً وهي في أجواء روسيا.
من جهته، أعلن زيلينسكي السبت أن بلاده تلقت من إسرائيل منظومة دفاع جوي من طراز باتريوت، وهو سلاح أمريكي حيوي لصد الهجمات الروسية، قائلاً: "منظومة (باتريوت) إسرائيلية دخلت الخدمة في أوكرانيا، لقد دخلت الخدمة قبل شهر"، دون أن يوضح ما إذا كانت كييف ابتاعتها أم حصلت عليها مجاناً.
وذكر كل من كييف وموسكو السبت أن محطة زابوريجيا النووية، الأكبر في أوروبا والتي تسيطر عليها روسيا، فُصلت عن الشبكة الكهربائية منذ أربعة أيام، مما يثير مخاوف من وقوع حادث نووي محتمل.
كما أعلن مارتن أودونيل، وهو ناطق باسم حلف الناتو، أن الحلف عزز "اليقظة" في منطقة البلطيق بعد إعلان كوبنهاغن رصد توغل مسيّرات في المجال الجوي الدنماركي، وشملت الإجراءات المعززة "منصات للاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، وفرقاطة دفاع جوي واحدة على الأقل" في المنطقة الواقعة إلى الغرب من روسيا.
