"تلامذة أمام الأستاذ"، كان هذا وصف وتحليل تداوله النشطاء من أنحاء العالم لصورة نشرها حساب "البيت الأبيض" على "إكس"، صورة حملت عنوان "السلام بالقوة" ولكن فحواها ورسالتها بطريقة اصطفاف قادة أوروبا واستماعهم لكلام ترامب، بدت وكأنها أستاذ يلقي تعاليمه على تلاميذ ينصتون لحكمته، فما قصة هذه الصورة؟!
الصورة التقطت خلال اجتماع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بحضور قادة أوروبا في البيت الأبيض، من أجل التوصل لاتفاق ينهي الحرب الأوكرانية، وهي الصورة التي أصبحت رائجة على وسائل التواصل الاجتماعي، مثيرة للجدل لما تحمله من دلالات.
وجاء اجتماع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس، في البيت الأبيض مع قادة أوروبيين والرئيس الأوكراني، في محاولة لتوحيد الصفوف حول مسار السلام في أوكرانيا، بعد أيام قليلة على القمة التاريخية بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا.
طرح ترامب على ضيوفه صيغة جديدة لمفهوم "السلام عبر القوة"، وهو المفهوم الذي تعود جذوره إلى الحرب الباردة، والقاضي بأن إظهار القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية يخلق الردع ويمنع الخصوم من المغامرة بالتصعيد. لكن النسخة "الترامبية" للمفهوم تحمل أبعاداً مختلفة؛ فهي تقوم على تقديم ضمانات أمنية مباشرة لأوكرانيا، على أن تكون أوروبا "خط الدفاع الأول"، فيما تكتفي واشنطن بالمساندة الاستراتيجية والدعم الاستخباراتي، من دون نشر قواتها على الأرض.
القادة الأوروبيون أبدوا مواقف متباينة، المستشار الألماني شدد على أن "أمن أوروبا يبدأ من أوكرانيا"، بينما أيد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المقاربة الأمريكية لكنه حذر من "مخاطر التورط المباشر مع روسيا". رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر دعا إلى "توازن بين الردع والانفتاح على التفاوض".
وفي تطور لافت، أعلن البيت الأبيض أنّ بوتين وافق على الشروع في "المرحلة المقبلة من المحادثات"، مشيراً إلى أنّ الترتيبات جارية لعقد لقاء مباشر بين زيلنسكي وبوتين، على أن تتولى واشنطن تنسيق الضمانات الأمنية مع الأوروبيين.
غير أنّ رؤية ترامب لا تزال محل جدل داخل العواصم الأوروبية؛ فبينما يرى البعض أنّ "القوة هي الطريق الأقصر إلى السلام"، يحذر آخرون من أنّ المبالغة في إبراز القوة قد تجعل من الردع عامل تأزيم لا تسوية.
ومع تصاعد الحديث عن "لحظة دبلوماسية حاسمة"، تبدو إدارة ترامب عازمة على الدفع قدماً بمبدأ "السلام عبر القوة" كإطار ناظم لعلاقاتها مع أوروبا وروسيا على السواء. ومع ذلك، يبقى العنوان العريض الذي تجمع عليه التحليلات: لا سلام بلا قوة، ولا قوة بلا استعداد دائم للحرب.
