تمكنت الشرطة البريطانية من تفكيك عصابة دولية يشتبه في تورطها في تهريب ما يصل إلى 40 ألف هاتف مسروق من المملكة المتحدة إلى الصين، بعد أن كان كل شيء يبدأ بجهاز آيفون واحد. تصف شرطة العاصمة العملية بأنها الأكبر من نوعها في تاريخ المملكة المتحدة لمكافحة سرقة الهواتف المحمولة.

بدأ التحقيق في ليلة عيد الميلاد العام الماضي، عندما تتبع أحد الضحايا هاتفه الآيفون المسروق إلكترونياً إلى مستودع بالقرب من مطار هيثرو. هناك، وجد الضباط الهاتف محاطا بـ 894 جهازا آخر، معظمها مسروق، في طريقها إلى هونغ كونغ. هذا الاكتشاف شكل نقطة الانطلاق لعملية استقصائية واسعة النطاق كشفت شبكة إجرامية منظمة تمتد على مستويات مختلفة، وفقاً لـ "BBC".

على مدار التحقيق، قامت الشرطة بمداهمة 28 عقارا في لندن وهيرتفوردشاير، وألقت القبض على 18 مشتبها في البداية.

و اعتمدت التحقيقات على الأدلة الجنائية المرتبطة بالطرود وعمليات المراقبة، بما في ذلك كاميرات مثبتة على أجساد الضباط، والتي أظهرت اعتراض سيارة دراماتيكيًا تحتوي على عشرات الهواتف ملفوفة بورق قصدير.

تم توجيه التهم في البداية إلى رجلين أفغانيين في الثلاثينيات، بالتواطؤ لاستلام سلع مسروقة وإخفاء ممتلكات إجرامية، وعثر في سياراتهما وعقارات مرتبطة بهم على نحو 2000 جهاز. فيما بعد، أُضيف رجل هندي يبلغ من العمر 29 عاما إلى لائحة المتهمين.

وفي الأسبوع الماضي، ألقت الشرطة القبض على 15 شخصا آخرين، أغلبهم من النساء، للاشتباه في تورطهم في سرقة الهواتف والتعامل مع سلع مسروقة.

تشير التقديرات إلى أن هذه العصابة قد تكون مسؤولة عن تصدير ما يصل إلى نصف الهواتف المسروقة في لندن، التي شهدت زيادة حادة في السرقات خلال السنوات الأربع الماضية، من 28,609 جهازا في عام 2020 إلى 80,588 جهازا في 2024.

ويُعتقد أن الطلب المرتفع على الهواتف المستعملة، سواء في المملكة المتحدة أو في الخارج، يعد السبب الرئيسي وراء ارتفاع هذه السرقات، مع ملاحظة أن الضحايا غالبًا لا يستعيدون أجهزتهم.

تستهدف العصابة منتجات آبل بشكل خاص بسبب قيمتها العالية، حيث يُباع الجهاز الواحد المسروق في شوارع لندن بما يصل إلى 300 جنيه إسترليني، بينما تصل قيمته في الصين إلى نحو 4000 جنيه إسترليني، لكونه متصلًا بالإنترنت وسهل البيع في الأسواق الموازية.

وقد وصف قائد شرطة العاصمة، أندرو فيذرستون، هذه العملية بأنها أكبر حملة لمكافحة سرقة الهواتف على الإطلاق، مضيفًا أن التحقيق كشف شبكة تشمل كل شيء من لصوص الشوارع إلى جماعات إجرامية دولية.

رغم جهود الشرطة، انتقد العديد من الضحايا، بمن فيهم ناتالي ميتشل، التي سُرق هاتفها في شارع أكسفورد، بطء الإجراءات وعدم استخدام تطبيقات تتبع الهواتف بشكل فعال. وقالت ناتالي: "إنه أمر مزعج للغاية أن أكون في وسط لندن وأشعر بعدم الأمان بشأن حقيبتي وهاتفي".

أوضحت شرطة العاصمة أن جرائم السطو الشخصي انخفضت بنسبة 13%، والسرقات بنسبة 14% في لندن خلال الأشهر الأخيرة، بعد تعزيز وجود الضباط وإطلاق عمليات خاصة في المناطق الساخنة مثل ويست إند ووستمنستر. وأضافت الشرطة أنها ستضيف نحو 80 ضابطًا إضافيًا للعمل ضمن فريق ويست إند لمكافحة سرقة الهواتف.

في الوقت نفسه، تواجه شرطة العاصمة تحديات كبيرة بسبب خفض ميزانية تصل إلى 260 مليون جنيه إسترليني، ما سيؤثر على عدد الضباط والخدمات المتاحة للتعامل مع هذه الجرائم.

وأكد عمدة لندن، صادق خان، ضرورة تحرك عالمي منسق لمكافحة تجارة الهواتف المسروقة، مطالبا شركات الهواتف المحمولة بتسريع جهودها لجعل الأجهزة المسروقة غير قابلة للاستخدام.

وفي تصريح للوزيرة سارة جونز، أشارت إلى تحول بعض المجرمين من تجارة المخدرات إلى تجارة الهواتف المحمولة باعتبارها أكثر ربحية وسهولة، معبرة عن القلق من انتشار هذه الظاهرة وسط العاصمة.

تجسد هذه القضية حجم المشكلة المستمرة في لندن والمملكة المتحدة، حيث يُسرق ثلاثة أرباع الهواتف في البلاد من العاصمة وحدها، مع تسجيل ارتفاع بنسبة 15% في جرائم السرقة من الشخص في إنجلترا وويلز خلال العام الماضي، وفق مكتب الإحصاءات الوطنية. وتعكس هذه الأرقام الحاجة الملحة لتعاون أمني وتقني بين الشرطة وصناعة الهواتف لمكافحة هذه التجارة المربحة والخطرة.

في النهاية، كان جهاز آيفون واحد فقط هو الشرارة التي أوصلت السلطات إلى شبكة دولية متكاملة، مما يوضح كيف يمكن لتكنولوجيا التتبع أن تصبح أداة حاسمة في مكافحة الجرائم الحديثة، وحماية المواطنين من سرقات مكلفة تهدد أمنهم وثقتهم في المدن الكبرى.