توصل قادة الاتحاد الأوروبي، أمس، إلى اتفاق لتقديم قرض بقيمة 90 مليار يورو لأوكرانيا، لسد العجز المتوقع في ميزانيتها، لكنهم أخفقوا في إيجاد تسوية لاستخدام الأصول الروسية المجمدة لتوفير التمويل.

وقال رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، الذي ترأس القمة، إن القرار سيوفر لأوكرانيا الوسائل اللازمة للدفاع عن نفسها، ودعم الشعب الأوكراني.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إن أوكرانيا لن تحتاج إلى سداد القرض، إلا بعد أن تدفع موسكو تعويضات عن الأضرار التي تسببت بها.

«نصر عظيم»

ووصف الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، موافقة الاتحاد الأوروبي على زيادة التمويل لبلاده بأنها نصر عظيم، مشيراً إلى أن الموافقة على هذا التمويل نبأ إيجابي للشعب الأوكراني.

وفي نفس الوقت إشارة لروسيا على أن استمرار الحرب ليس مجدياً. وشدد المستشار الألماني، فريدريش ميرتس، على أن الاتحاد الأوروبي وجّه رسالة واضحة إلى بوتين بأن هذه الحرب لن تكون مجدية، بموافقته على تقديم 90 مليار يورو إلى كييف.

إلى ذلك، اعتبر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أنه سيصبح مجدداً من المفيد له وللأوروبيين الانخراط في حوار مع بوتين، مضيفاً:

«في الأسابيع المقبلة، علينا إيجاد السبل والوسائل للأوروبيين، ضمن الإطار المناسب، للانخراط مجدداً في حوار كامل وشفاف مع روسيا».

بدوره، قال رئيس مجلس أمناء مؤتمر ميونخ للأمن، فولفجانج إيشينجر، إن التوصل لاتفاق في بروكسل لتمويل أوكرانيا دون استخدام الأصول الروسية المجمدة لدى الاتحاد الأوروبي، يمثل خسارة لمصداقية التكتل.

وأضاف: «تحديداً، ثمن المصداقية والعزم وقدرة الاتحاد الأوروبي على التصرف كلاعب ذي مصداقية، ويحظى باحترام دولي.. نواصل إعطاء انطباع على أننا عاقدو العزم، ثم نبحث عن حلول بديلة».

كما قال مسؤول عسكري كبير في حلف ⁠شمال الأطلسي، إن إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا لم تنخفض بعد قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بوقف المساعدات المباشرة لكييف. وأضاف: «لم يحدث توقف، بل ​الأمر مستمر..

ولا يعني ذلك أن الولايات المتحدة تنتظر تماماً حتى ​يتم دفع الثمن.. فبمجرد الإعلان عن ​حزمة المساعدة، يبدأ التدفق.. كثير من الدول الأوروبية تسهم بالفعل في التمويل».

«انتصار المنطق»

في المقابل، وصفت روسيا امتناع الاتحاد الأوروبي عن استخدام أصولها المجمدة لتمويل أوكرانيا، بأنه انتصار للمنطق السليم، محذرة من أن القرار المعاكس كان ليؤدي إلى عواقب شديدة، فيما قالت كييف إن منحها قرضاً بقيمة 90 مليار يورو، يعزز قدرتها على الاستمرار.

ردت روسيا بشكل إيجابي على تسوية توصلت إليها الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي بشأن تمويل أوكرانيا.

وكتب كبير المفاوضين الروس، كيريل ديميتريف، اليوم الجمعة، على منصة تلغرام: «لقد ساد القانون والمنطق السليم الآن»، واصفاً القرار الأوروبي بأنه ضربة قاضية لما وصفهم بدعاة الحرب.

واتهم الرئيس الروسي، فلادميير بوتين، الاتحاد الأوروبي بمحاولة سرقة احتياطيات الدولة الروسية، مشيراً إلى أن روسيا ستواصل الدفاع عن مصالحها، وستسعى إلى إنشاء محاكم مستقلة سياسياً، تستجيب لطلب عودة مليارات الدولة المجمدة في الاتحاد الأوروبي.

وأبان أن خطة الاتحاد الأوروبي فشلت، لأنها كانت ستفضي إلى عواقب وخيمة على اللصوص. وتابع بوتين:

«مهما سرقوا، يجب إعادة المسروقات في وقت ما». وأكد بوتين مجدداً أن سعي الاتحاد الأوروبي لاستخدام الأموال الحكومية الروسية، يمكن أن يقوض الثقة في الأسواق المالية الدولية.

وأوضح بوتين أن الكرة في ملعب أوكرانيا والغرب في المفاوضات الرامية إلى إنهاء الحرب، مع الإشادة بالتقدم الذي حققته قواته على الجبهة. وصرح بوتين:

«الكرة هي بالكامل في ملعب خصومنا الغربيين، قادة النظام في كييف والجهات الأوروبية الراعية لهم في المقام الأول»، مؤكداً أن موسكو مستعدة للتفاوض وإنهاء النزاع بسبل سلمية.

واتهم بوتين الغرب بالخداع، من خلال الاستمرار في توسيع صفوف حلف شمال الأطلسي، متعهداً بأن بلاده لن تهاجم بلداناً أخرى إذا عوملت باحترام يراعي مصالحها.

وأكد بوتين أن موسكو مستعدة للنظر ⁠في ضمان الأمن، والامتناع عن توجيه ​ضربات في ​عمق ​الأراضي الأوكرانية، إذا ‌أجرت ‌كييف انتخابات. ولفت بوتين إلى أنه لا يعتبر نفسه مسؤولاً عن قتلى الحرب في أوكرانيا.

وذكر بوتين أن القوات الروسية تتقدم عبر ساحة المعركة في أوكرانيا، معرباً عن ثقته بأن الأهداف العسكرية للكرملين ستتحقق. وذكر بوتين أن موسكو لا تعتقد أن ​أوكرانيا مستعدة ​لإجراء ​محادثات سلام.

دعوات للتحرك

على صعيد متصل، حض دونالد ترامب، أوكرانيا، على التحرك سريعاً في المفاوضات حول خطة تهدف إلى إنهاء النزاع مع روسيا، مضيفاً:

«المفاوضون على وشك التوصل إلى أمر ما، ولكن آمل أن تتحرك أوكرانيا سريعاً.. في كل مرة يطيلون فيها الأمر، تغير روسيا رأيها».

ويعتزم المستشار الألماني، فريدريش ميرتس، إيفاد مفاوضه المعني بملف أوكرانيا، جونتر زاوتر، إلى ولاية فلوريدا، للمشاركة في المحادثات المقرر إجراؤها في عطلة نهاية الأسبوع بين الولايات المتحدة وروسيا، حول التوصل إلى حل سلمي.

تنديد بالتهديد

من جهته، ندد وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، باقتراح أوروبي يقضي بتشكيل قوة متعددة الجنسيات، للإشراف على أي اتفاق سلام محتمل في أوكرانيا، معتبراً أنه تهديد وقح لروسيا.

وقال لافروف: «الأمر لا يتعلق كثيراً بالأمن، بقدر ما يتعلق بمحاولة أخرى، تعلمون، وقحة لتهيئة الأراضي الأوكرانية كمنصة لتهديد روسيا».

إلى ذلك، قال مسؤولون أوكرانيون وروس، أمس، إن كييف وموسكو تجريان عملية تبادل جديدة لرفات الجنود القتلى. وذكر ⁠فلاديمير ميدينسكي مساعد الرئيس الأوكراني، أن روسيا سلمت أوكرانيا رفات ألف جندي ⁠أوكراني، وتسلمت رفات 26 جندياً روسياً من كييف.

وأكد مسؤولون أوكرانيون، أن كييف تسلمت ​من روسيا 1003 جثث ​لجنود أوكرانيين. وأضافوا أن ​المحققين والخبراء سيعملون على إجراء جميع الفحوص اللازمة لتحديد ⁠هويات الرفات.