فيما العالم مشغول بخطوات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يبدو لبنان منشغلاً بمطالب نائبة المبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص للشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، التي تأجلت زيارتها إلى بيروت ساعات ما يُرحل الاجتماعات إلى اليوم السبت.

وفي خضم الغليان الإقليمي، فإن ثمة إجماعاً على أن الزيارة الثانية للموفدة الأمريكية إلى بيروت ستكون مختلفة عن الأولى، إذْ ستكون مفصلية في توقيتها لأنها تأتي بعد إطلاق صواريخ من لبنان إلى إسرائيل على دفعتين، وبعد عودة إسرائيل لاستهداف الضاحية الجنوبية لبيروت، ما يفتح الوضع على احتمالات دقيقة وخطرة.

ووفق ما يتردد، فإن أورتاغوس، ستكون أكثر حزماً وحسماً في مسألة تحديد الجدول الزمني لتسليم سلاح حزب الله، وتشكيل اللجان الثلاث التي ستتضمن مدنيين وتقنيين ودبلوماسيين للتفاوض مع إسرائيل على ترسيم الحدود البرية والانسحاب من النقاط الخمس وملف إعادة الأسرى.

غموض

أما على المقلب المكمل للصورة، ووفق مصدر مطلع على جدول زيارتها، فقد تستعمل أورتاغوس لغة تأديبية أو جافة في مقاربة موضوع ضبط وقف إطلاق النار، وستحمل استياءً من اللغة الرمادية التي تستعملها الرئاستان الأولى والثالثة في مقاربتهما للهجمات من لبنان تجاه إسرائيل، وستنقل التأكيد الأمريكي الواضح لدعم واشنطن، تل أبيب.

وفي الانتظار، لا يزال الغموض يلف الوضع اللبناني، وأحد أسبابه ما يمكن أن تحمله الموفدة الأمريكية من شروط على لبنان، تتعلق بسلاح «حزب الله».. فهل يكفي أن يكون الموقف اللبناني واحداً حيال رفض الطرح الأمريكي؟

وفي هذه الحال ما هي التداعيات على كل المستويات العسكرية والمالية، وأكثر من ذلك المساعدات الأمريكية للبنان والدعم الأمريكي للبنان عبر التأثير على الدول الفاعلة؟

وفي معرض الإجابة عن أسئلة تقترب من «ساعة الحقيقة»، والتي في خلالها على لبنان أن يقرر خياراته، في مرحلة تبدو فيها واشنطن اللاعب الأقوى، ليس على مستوى رسم خطوط النفوذ فحسب، بل على مستوى الرسوم التي تفرضها على دول العالم، فإن ثمة كلاماً عن بدء سريان مفعول قرارات ترامب، ولم تسلم منها دول عربية، ومن بينها لبنان الموعود بعاصفة محمولة على جناح مورغان أورتاغوس.

والتي برزت طلائعها قبيل وصولها إلى لبنان، على أن تلتقي غداً الرؤساء الثلاثة. وأفادت مصادر مطلعة لـ«البيان»، بأن الموفدة الأمريكية قادمة على مروحة أعاصير في سياق الضغط للإسراع في مسألة اللجان، وبأن التوجه هو في عرض الدبلوماسية المكوكية عليها كنسخة طبق الأصل عن سلفها آموس هوكشتاين.

موقف موحد

وأضافت مصادر أخرى متقاطعة مع الرئاسات الثلاث لـ«البيان»، أن لبنان سيستقبل أورتاغوس بموقف موحد ستسمعه في المقار الثلاثة، ركيزته اتفاق وقف إطلاق النار والالتزام بالقرار 1701 من دون فتح مسارات جديدة، والالتزام بأعمال اللجنة المكلفة مراقبة الاتفاق برئاسة أمريكا.

ولا تفاوض من خلال لجان ذات طابع دبلوماسي، كما رفض التفاوض على التطبيع وأي إملاءات أخرى ستثير الفوضى. ووفق المصادر ذاتها، فإن سلاح «حزب الله»، يتطلب توافقاً عبر استراتيجية دفاعية التزم بها لبنان.

وأمام ما تقدم، فإن «مربط الفرس» الأمريكي في تل أبيب وليس في بيروت، إذْ إن لبنان التزم مندرجات القرار 1701 وآلية تنفيذه، فيما إسرائيل تواصل خرقه بمواصلة سيطرتها على أراضٍ لبنانية واعتقالها لبنانيين وباعتداءات متواصلة.. فهل ستضغط أورتاغوس في محادثاتها المرتقبة لنزع سلاح «حزب الله» وتشكيل لجان تفاوض بري مع إسرائيل تضم دبلوماسيين؟

وفيما الموقف اللبناني الرسمي يرفض تشكيل اللجان الثلاث، ويصر على تشكيل لجنة واحدة من التقنيين والعسكريين لخوض مفاوضات غير مباشرة لترسيم الحدود البرية مع إسرائيل، ورفض تحديد جدول زمني لتسليم السلاح غير الشرعي، فإن مصادر مطلعة لفتت إلى أن عدم الالتزام سيضع مصداقية لبنان على المحك في نظر واشنطن والمجتمع الدولي.