بدأ المولدافيون الأحد اختيار نوابهم في انتخابات تشريعية ستقرر مستقبل بلادهم المجاورة لأوكرانيا الغارقة في الحرب، بين مواصلة المسار نحو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي أو التقارب مع روسيا، التي اتهمها كل من الحكومة والاتحاد الأوروبي بـ"التدخل" في هذا الاستحقاق.

وفي مؤشر إلى التحديات الكبيرة التي تكتنف هذه الانتخابات التي تقام في أجواء شديدة التوتر ولا تزال نتيجتها غير مؤكدة، يتبادل كل طرف الاتهامات بالتلاعب ومحاولة الترهيب. وتُغلق صناديق الاقتراع الساعة السادسة مساءً بتوقيت غرينتش.

توقعت معظم استطلاعات الرأي التي أُجريت قبل الانتخابات أن تصب النتائج لمصلحة حزب العمل والتضامن المؤيد لأوروبا، والذي يحكم البلاد منذ عام 2021.

في مراكز الاقتراع، عبر الناخبون عن انقسامهم. فمن جهة، قال فاسيلي، وهو حرفي يبلغ 51 عاماً، لوكالة "فرانس برس" في كيشيناو: "أريد أن تستمر الأمور كما كانت عليه في الحقبة الروسية". وعلى الجانب الآخر، أملت الناخبة المتقاعدة بولينا بوجوغا (68 عاماً) بأن تتمكن مولدافيا "من اللحاق بالدول الأوروبية، لأن لدى أوروبا كل ما نحتاج إليه". وأكدت المتقاعدة، التي عادت إلى البلاد بعد أن عاشت في إيطاليا، أن "الوضع على حافة الانهيار".

مخاوف

تهيمن على العملية الانتخابية مخاوف من شراء أصوات واضطرابات، على وقع "حملة تضليل غير مسبوقة" قامت بها روسيا، بحسب الاتحاد الأوروبي. غير أن موسكو نفت هذه المزاعم، فيما اتهمت المعارضة المولدافية المؤيدة في غالبيتها لروسيا، الحزب الحاكم بالتخطيط لعملية تزوير.

وأعلن جهاز الأمن السيبراني في مولدافيا الأحد أنه رصد عدة محاولات هجوم على البنية التحتية الانتخابية، "تم تحييدها فوراً من دون التأثير على توافر الخدمات الانتخابية أو سلامتها".

حذّرت الرئيسة الموالية لأوروبا مايا ساندو، التي يتصدر حزبها استطلاعات الرأي لكنه يعاني تراجع شعبيته منذ فوزه الساحق عام 2021، من "تدخل هائل لروسيا"، مؤكدة أن بلادها "في خطر".

وصرحت للصحافيين بعد إدلائها بصوتها في العاصمة كيشيناو: "إذا كان لتدخل روسيا تأثير كبير على انتخاباتنا، فإن مولدافيا قد تخسر كل شيء، كل ما كسبته، الأمر الذي قد يشكل خطراً على دول أخرى مثل أوكرانيا". وكانت ساندو قد اتهمت روسيا بدفع "مئات ملايين اليورو" لشراء أصوات وتنظيم حملات تضليل عبر الإنترنت والتخطيط لأعمال عنف.

تدخل أجنبي

واعتبر إيغور بوتان، مدير مركز أديبت للأبحاث، أن مولدافيا "لم يسبق أن شهدت مستوى مماثلاً (من التدخل الأجنبي) في حملة انتخابية" منذ إعلان استقلالها في 1991. ومنذ الأول من أغسطس/آب، أجرت الشرطة المولدافية أكثر من 600 مداهمة على خلفية محاولات لزعزعة الاستقرار، وفق رئيس الوزراء المولدافي دورين ريشان، وتم القبض على عشرات الأشخاص في هذا الإطار.

في المقابل، قال الرئيس السابق إيغور دودون (2016-2020)، أحد قادة المعارضة الموالية لروسيا، بعد الإدلاء بصوته: "صوّتتُ من أجل عودة الحياة إلى طبيعتها". وجدّد الاشتراكي دعوته مؤيديه إلى "التظاهر سلمياً" الاثنين "للدفاع عن انتصارنا"، مؤكداً أنه سيواصل المباحثات والمفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، لكنه "سيعيد أيضاً العلاقات مع روسيا الاتحادية".

حتى الساعة 11:00 بتوقيت غرينتش، تجاوزت نسبة المشاركة 30% بقليل. وفي الانتخابات البرلمانية الأخيرة عام 2021، بلغت نسبة المشاركة النهائية 52.3%.

متابعة

ويتابع المراقبون خصوصاً نسبة مشاركة مولدافيي الشتات، الذين ساهموا في إعادة انتخاب ساندو، وأيضاً مشاركة الناخبين من منطقة ترانسدنيستريا الانفصالية ذات التوجه الروسي. وتمكّنت ساندو من بدء مفاوضات انضمام مولدافيا إلى الاتحاد الأوروبي وتأمين مساعدات مالية غربية للجمهورية السوفياتية السابقة التي تضم عدداً كبيراً من الناطقين بالروسية.

يتنافس في الانتخابات، التي سيُشغل بنتيجتها مئة مقعد ومقعد، حوالي عشرين حزباً ومرشحاً مستقلاً. وأورد فاليريو باشا، من مركز أبحاث "واتش دوغ"، أن "الأمور ستحسم في اللحظة الأخيرة"، من دون استبعاد أن تفضي النتائج إلى تجزئة البرلمان من دون أكثرية واضحة، ما يفتح الباب أمام مرحلة من عدم الاستقرار السياسي. في عام 2021، حصد الحزب الحاكم 52.8% من الأصوات مقابل 27.2% لكتلة الاشتراكيين والشيوعيين بزعامة دودون.