وفر «تحالف الراغبين» مظلة سياسية لأوكرانيا عبر التزام قاطع بتوفير ضمانات أمنية تستند إلى نشر قوات، بما يطمئن كييف ويثلج صدرها، قُبيل أي اختراق محتمل في ملف حربها الشائك والعصي على الطاولات، في انتظار تبلور موقف أمريكي مماثل خلال أيام. وفيما يبدو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عازماً أكثر من أي وقت مضى على إتمام «شيء ما»، شددت موسكو على أن الضمانات التي تطالب بها غريمتها خطر على القارة الأوروبية.

وأعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن 26 دولة، لا سيما أوروبية، التزمت المشاركة في قوة طمأنة في إطار وقف لإطلاق النار محتمل بين روسيا وأوكرانيا، وذلك عبر نشرها قوات في أوكرانيا أو بمشاركتها براً أو بحراً أو جواً.

ماكرون إثر اجتماع للتحالف الداعم لأوكرانيا: ليس هدف هذه القوة أن تخوض حرباً ضد روسيا، مؤكداً بعد مباحثات عبر الفيديو مع الرئيس دونالد ترامب، أن الدعم الأمريكي لهذه الضمانات الأمنية لكييف سيتبلور في الأيام المقبلة. وأوضح ماكرون أن الأوروبيين سيفرضون عقوبات جديدة بالتنسيق مع الولايات المتحدة، إذا واصلت موسكو رفض إحلال السلام في أوكرانيا.

ونادت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، بضرورة أن تصبح أوكرانيا حصناً منيعاً أمام من أسمتهم المعتدين حالياً ومستقبلاً. بدوره، قال رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، إن حلفاء أوكرانيا في تحالف الراغبين يتكاتفون من أجل تعزيز الضمانات الأمنية لأوكرانيا من الجو والبحر والبر ودعم القوات الأوكرانية. وأضاف كوستا على منصة «إكس» بعد اجتماعه مع التحالف في باريس: «في الوقت نفسه، نواصل عملنا للضغط على روسيا من خلال فرض مزيد من العقوبات.. يجب على روسيا وقف القتل فوراً».

من جهته، دافع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، مارك روته، أمس، عن الخطط الحالية بشأن احتمال نشر قوات أوروبية في أوكرانيا عقب وقف إطلاق نار المحتمل مع روسيا. وفي كلمة له خلال فعالية نظمها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في براغ، تساءل روته: لماذا نهتم برأي روسيا بشأن نشر قوات في أوكرانيا؟، مشيراً إلى أن أوكرانيا دولة ذات سيادة، وليس من حق روسيا اتخاذ قرار بشأن وجود قوات بها.

على صعيد متصل، أكد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أن كييف وحلفاءها لديهم تفاهم على إطار عمل عام للضمانات الأمنية، وإن الوثائق المتعلقة بهذه الضمانات قيد الإعداد في كل دولة من الدول التي وافقت على الإسهام. وأضاف خلال مؤتمر صحفي في باريس، أن وجود جيش أوكراني قوي سيكون محورياً في أي التزامات من هذا القبيل، داعياً شركات الدفاع الأوروبية على تعزيز الإنتاج بكامل طاقتها.

كما أعلن وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستوريوس، أنه يعتزم إعطاء الأولوية لتعزيز الدعم العسكري لأوكرانيا. وأوضح الوزير الألماني، أنه لا يرى أي مؤشرات على وقف لإطلاق النار أو إبرام اتفاق سلام في أوكرانيا، مضيفاً: الأولوية الأولى، بحسب رأي جميع الدول، هي تعزيز القوات المسلحة الأوكرانية حتى ما بعد انتهاء الحرب.. ويأتي دعم صناعة التسليح الأوكرانية في المقام الأول.

ولفت بيستوريوس، إلى أنه لا يرى أي مؤشرات على تغيير في سياسة موسكو، متهماً الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بالاستخفاف بالغرب من خلال عدم اكتراثه بالعقوبات التي هدد بها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب. وقال: بشكل عام لا يبدو أن هناك أي تغيير وشيك.. وهذا أمر مأساوي بالنسبة لأوكرانيا.

مطلب أمريكي

وخلال مشاركته في اجتماع تحالف الراغبين عبر تقنية الفيديو، أبلغ الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الزعماء الأوروبيين، بأن على أوروبا التوقف عن شراء النفط الروسي الذي قال إنه يساعد موسكو في تمويل حربها على أوكرانيا، وفق مسؤول في البيت الأبيض. وأضاف المسؤول: دعا الرئيس ماكرون والقادة الأوروبيون الرئيس ترامب إلى اجتماع تحالف الراغبين.. وأكد الرئيس ترامب ضرورة توقف أوروبا عن شراء النفط الروسي الذي يموّل الحرب، إذ حصلت روسيا على 1.1 مليار يورو من مبيعات الوقود من الاتحاد الأوروبي في عام واحد.

شيء ما

ونقلت شبكة «سي.بي.إس نيوز» الأمريكية، عن ترامب، قوله، إنه لا يزال ملتزماً بالسعي للتوصل إلى اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا، على الرغم من تصاعد حالة الضبابية بشأن احتمال إجراء محادثات مباشرة بين الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي.

وأضاف ترامب في مقابلة هاتفية مع الشبكة الإخبارية: أنا أراقب وأشاهد وأتحدث بخصوص ذلك مع الرئيسين بوتين وزيلينسكي.. سيحدث شيء ما، لكنهما ليسا على استعداد بعد.. لكنّ شيئاً ما سيحدث.. سنقوم بإتمامه.

تنديد روسي

في المقابل، نددت روسيا، بالضمانات الأمنية التي يطالب بها زيلينسكي، معتبرة إياها ضمانات خطر على القارة الأوروبية. وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، للصحفيين خلال مؤتمر اقتصادي في فلاديفوستوك، إن موسكو تعتبر هذه المطالب غير مقبولة على الإطلاق، مضيفة: هذه ليست ضمانات أمنية لأوكرانيا، بل هي ضمانات خطر على القارة الأوروبية.

أراضٍ ومصادرات

على صعيد آخر، قال مسؤول روسي بارز، إن روسيا ستستولي على مزيد من الأراضي الأوكرانية وستصادر ممتلكات بريطانية، بعد أن قالت لندن إنها أنفقت نحو 1.3 مليار دولار من الأموال التي جمعتها من أصول روسية مجمدة على شراء أسلحة لأوكرانيا.

وكتب الرئيس الروسي السابق، دميتري ميدفيديف، عبر تلغرام: نظراً لأنه لا يمكن استرداد هذه الأموال عبر القضاء لأسباب واضحة، لم يتبقَ أمام بلدنا سوى طريقة واحدة لاستعادة هذه الممتلكات: استعادتها بالمثل.. أي «أراضٍ أوكرانية» وغيرها من الممتلكات المنقولة وغير المنقولة الواقعة عليها. واقترح ميدفيديف أن روسيا سترد على أي مصادرة غير قانونية للأموال أو الأرباح الروسية المجمدة من خلال مصادرة الممتلكات الثمينة المملوكة للتاج البريطاني، بما في ذلك الممتلكات البريطانية في روسيا.

حرب مسيّرات

ميدانياً، أعلن سلاح الجو الأوكراني، في بيان، أمس، أن قوات الدفاع الجوي أسقطت 84 من أصل 112 طائرة مسيّرة، أطلقتها روسيا خلال هجوم جوي على شمال وجنوب وشرق البلاد خلال الليل. وقال البيان، إن القوات الروسية شنت هجمات على أوكرانيا، خلال الليل، باستخدام 112 طائرة مسيّرة تم إطلاقها من مناطق كورسك، وبريانسك، وميلروفو، وأوريول، وبريمورسكو-أختارسك الروسية، بالإضافة إلى هفارديسكي بشبه جزيرة القرم.

من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، أن منظومات الدفاع الجوي أسقطت 46 طائرة مسيّرة أوكرانية فوق المناطق الروسية والبحر الأسود خلال الليل. وأضاف البيان، أنه تم إسقاط 24 طائرة مسيّرة فوق أراضي منطقة روستوف، و4 فوق أراضي منطقة كراسنودار، و2 فوق أراضي منطقة فولجوجراد، و16 فوق البحر الأسود.

كما صرحت الإدارة العسكرية في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا، أمس، أن البلاد تعمل على إخلاء المزيد من الأماكن في دونيتسك وسط الهجمات الروسية الجارية. وقال مسؤولون، إنه وسط القتال الجاري، غادر نحو 1830 شخصاً منطقة دونيتسك في الـ 7 أيام الماضية، بينهم ما يربو على 300 طفل.