عرضت بكين التدخل لمساعدة تايلاند وكمبوديا على إصلاح العلاقات بينهما، بعد مواجهات حدودية، هي الأكثر دموية بين البلدين منذ عقود، في وقت عقد وزراء خارجية الدول الثلاث محادثات في الصين. واجتمع وزير الخارجية الصيني وانغ يي، أمس، مع نظيريه التايلاندي والكمبودي، على هامش مؤتمر ميكوتغ الإقليمي في مقاطعة يونان الصينية. وقالت الخارجية الصينية في بيان أعقب الاجتماع، إن الصين مستعدة لتقديم المساعدة اللازمة، بناء على رغبة الطرفين.

وشكر وزير الخارجية التايلاندي، ماريس سانغيامبونغسا، للصين، دور الوساطة الذي تؤديه، داعياً إلى مزيد من التعاون مع كمبوديا، لإزالة الألغام من المنطقة الحدودية، وفق ما أفادت وزارته على منصة إكس.

في الأثناء، يتدفق مئات الآلاف من العمال المهاجرين الكمبوديين عائدين من تايلاند.ويبدو أن وقف إطلاق النار الهش، الذي توسطت فيه ماليزيا، بدعم من الولايات المتحدة والصين، ما زال صامداً، بينما يحاول المسؤولون معالجة القضايا الجوهرية وراء النزاع.

ودفع هذا الوضع كثيراً من العمال المهاجرين العائدين إلى كمبوديا، للتساؤل عن كيفية تدبر أمورهم، بعد أن تركوا وظائف كانت تمكنهم من إرسال المال إلى عائلاتهم.

وقال العامل كري فارت، إنه بدأ في حزم أمتعته، بعد أن قرأ منشوراً لرئيس الوزراء الكمبودي، هون مانيت، على فيسبوك، يحث فيه المهاجرين على العودة إلى كمبوديا. وأضاف، وهو جالس على عتبة باب ممسكاً حقيبتين كبيرتين:

لا أعلم ما إذا كانت المعارك ستتوقف حقاً، ومع تقلص عدد الكمبوديين في تايلاند، شعرت بالقلق.. لم أرغب في أن أكون آخر مهاجر كمبودي في تايلاند..

لقد أصابني الخوف بسبب النزاع الحدودي، مشيراً إلى أنه كان واحداً من آلاف الكمبوديين الذين تدفقوا كتفاً إلى كتف عبر بوابة داونج الدولية الأسبوع الماضي، حاملين حقائب ملونة، وأجهزة كهربائية، تحت حرارة بلغت 40 درجة مئوية.

وتتعدد أسباب فرار الكمبوديين من تايلاند، فقد أفاد نشطاء حقوقيون، بأن بعض العمال المهاجرين تعرضوا لهجمات من عصابات شبان تايلانديين، بينما أثارت شائعات غير مؤكدة الذعر بين آخرين، مفادها أن الحكومة الكمبودية ستصادر أراضيهم، وتسحب جنسياتهم، إذا لم يعودوا إلى وطنهم بحلول منتصف أغسطس.

وتقدّر وزارة العمل والتدريب المهني في كمبوديا، أن 1.2 مليون كمبودي، كانوا يعملون في تايلاند، عندما بدأت النزاعات الحدودية في التصاعد. وبحسب تقديرات الوزارة، فقد عاد إلى كمبوديا نحو 780 ألفاً، أي نحو 65 % منهم، وفق ما قاله الناطق باسم الوزارة، سون ميسا.

وأكد الناطق أن بإمكان هؤلاء العثور على وظائف في بلادهم بنفس مستوى الأجور والمزايا. ويؤدي العمال المهاجرون دوراً حيوياً في قطاعات الزراعة والبناء والصناعات التحويلية في تايلاند.

كما أنهم يرسلون إلى بلادهم ما يقارب 3 مليارات دولار سنوياً، وفق بيانات وزارة العمل. وقال ناثان جرين أستاذ مساعد في الجغرافيا بجامعة سنغافورة الوطنية، إن فقدان هذا الدخل، قد يكون مدمراً للأسر التي تعتمد عليه لسداد ديون كبيرة، مضيفاً: مثل هذه النزاعات تظهر مدى هشاشة سبل عيش المهاجرين في كمبوديا.