نعى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الدكتور الياباني جنشيتسو سن، معتبراً إياه رمزاً للتعارف بين الحضارات والثقافات.

واشتهر جنشيتسو سن بتقديم الشاي التقليدي الياباني «سادو» لقادة وملوك العالم، مكرساً عمره الذي ربا على العشرة عقود بعامين، لفلسفة مفادها «السلام من خلال كوب شاي».

وكتب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، عبر حسابه في «إكس»: «خالص العزاء في وفاة الدكتور جنشيتسو سن إلى ذويه ومحبيه والشعب الياباني. كان رمزاً للتعارف بين الحضارات والثقافات ونموذجاً للاعتزاز بالتراث والحفاظ عليه للأجيال المقبلة من خلال طقوسه في تحضير الشاي التقليدي الياباني».

وتوفي اليوم في اليابان، الدكتور سين جينشيتسو، الذي أوشك أن يصبح طياراً انتحارياً "كاميكازي" قبل أن يتحول إلى معلم كبير في فن الشاي الياباني ويقدم أكواب الماتشا لزعماء العالم وملوكه، عن عمر ناهز 102 عاماً.

وُلد الدكتور سين عام 1923، وخضع في شبابه لتدريب الطيارين الانتحاريين خلال الحرب العالمية الثانية، لكن القتال انتهى قبل أن ينفذ مهمته. وروى لاحقاً كيف كان يقدم الشاي لرفاقه الجنود أثناء التدريبات العسكرية.

السلام من خلال فنجان شاي

بشعار "السلام من خلال فنجان شاي"، استخدم الدكتور سين، المولود في كيوتو، طقوس تقليد "أوراسينكي" العريقة في إعداد الشاي لتسليط الضوء على رسائله المناهضة للحرب.

وأقام مراسمه في أماكن رمزية مثل مقر الأمم المتحدة في نيويورك والنصب التذكاري "يو إس إس أريزونا" في بيرل هاربر – موقع الهجوم الياباني المدمر الذي دفع الولايات المتحدة لدخول الحرب العالمية الثانية.

في مقابلة مع قناة "إن إتش كيه" اليابانية عام 2023، شدد الدكتور سين على التأثير المهدئ لثقافة الشاي، قائلاً: "فنجان الشاي يجعل النفوس هادئة جداً. وعندما يعم الهدوء الجميع، لن تكون هناك حرب."

أصبح في عام 1964 المعلم الخامس عشر في تقليد "أوراسينكي" بعد وفاة والده، حيث قدم الشاي لملوك ورؤساء، من بينهم الرئيس السنغافوري السابق توني تان كينغ يام، والملكة البريطانية إليزابيث الثانية، والزعيم السوفييتي ميخائيل غورباتشوف، كما كان صديقاً لوزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر والرئيس الصيني السابق هو جينتاو.

كان يردد دائماً أن تجربته في الحرب شكلت قناعته بأهمية السلام، وقد حصل على وسام الثقافة في اليابان عام 1997، وعلى وسام جوقة الشرف الفرنسي عام 2020، وهو أرفع وسام استحقاق في فرنسا.

تقاعد عام 2002 من منصبه كزعيم لمدرسة الشاي، لكنه ظل نشطاً حتى بعد أن بلغ 102 عاماً في أبريل الماضي، حيث كان يشغل أكثر من 100 منصب استشاري ثقافي وحكومي، ويقدم خطباً تستمر أحياناً لأكثر من ساعة، وفقاً لصحيفة "يوميوري شيمبون".

عمل سفيراً للنوايا الحسنة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، وكان يُعرف بـ "المعلم الطائر" لكثرة أسفاره.

رحل سن عن الدنيا، لكنه ترك كوب شاي ممتلئاً بالسلام.