تحتضن ليبيا لأول مرة حوار وطنياً جامعاً بعد 15 عاماً من اندلاع أزمتها السياسية التي انطلقا مع حرب الإطاحة بنظام القذافي في العام 2011. فقد أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم اختتام الجلسات الافتتاحية للحوار المهيكل بالعاصمة طرابلس، بمشاركة 124 عضواً وبحضور لجنة المتابعة الدولية المكلفة، وذلك دعماً لخريطة الطريق الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي ليبي شامل ومستدام، مشيرة إلى أن هذا الحوار يعد الأول من نوعه الذي يعقد داخل ليبيا،

ويشكل جزءاً أساسياً من العملية السياسية التي يقودها الليبيون، إلى جانب تمهيد الطريق لإجراء الانتخابات وتوحيد المؤسسات.وأكدت المبعوثة الأممية هانا تيتيه أن الحوار المهيكل يعد ركيزة أساسية في خريطة الطريق السياسية التي كانت أعلنت عنها في أغسطس الماضي، وأوضحت أن الحوار سيستمر لمدة تتراوح بين 4 و6 أشهر، فيما ستسعى البعثة لأن يكون منبراً شاملاً لإيصال مختلف الآراء داخل البلاد. ودعت تيتيه جميع الليبيين إلى التفاعل مع الحوار عبر المنصة التي أطلقتها البعثة، معتبرة أن إيصال صوت المواطنين عنصر أساسي في إنجاحه،

وشددت على أن سلامة المشاركين وضمان أمنهم تمثل أولوية بالنسبة للبعثة، مشيرة إلى أنه رغم حالة الانقسام، فإن هناك رغبة شعبية واضحة في إنهاء الأزمة والوصول إلى الاستقرار والازدهار، وهو ما يمكن البناء عليه عبر الحوار.وأبرز النائب الثاني لرئيس المجلس الأعلى للدولة موسى فرج: إن البعثة الأممية هي من اختارت ممثلي مجلسي النواب والدولة في الحوار المهيكل،

وتابعت، أن مخرجات الحوار ستكون توصيات غير ملزمة وليست قرارات، مبرزاً أن المشاركين يتوزعون على أربعة ملفات، مع مشاركة كل من مجلسي النواب والدولة بأربعة أعضاء لكل مجلس.ويهدف الحوار المهيكل إلى تقديم توصيات عملية للمساعدة في تهيئة الظروف الملائمة لإجراء الانتخابات، ومعالجة التحديات العاجلة، إلى جانب معالجة دوافع النزاع والمظالم على المديين المتوسط والطويل، وبناء توافق وطني حول رؤية موحدة لمستقبل البلاد.

فرصة المشاركة

كما يهدف  الحوار إلى منح فئات أوسع من الليبيين فرصة للمشاركة والمساهمة في صياغة العملية السياسية بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2796 لسنة 2025 الذي يفوض البعثة بتعزيز عملية سياسية شاملة.وتتراوح مواقف المراقبين بين التفاؤل والارتياح والشك في التوصل إلى حلول واقعية ترضي جميع الفرقاء، سيما وأن أطرافاً سياسية عدة لا تبدي حماساً للحوار المهيكل، حيث تصر حكومة الوحدة الوطنية على اعتماد الدستور أولاً ثم الاتجاه نحو الانتخابات، تنادي سلطات سرق البلاد بالمضي فوراً نحو صناديق الاقتراع وتمكين الناخبين من حسم موضوع الحكم عبر التصويت الحر والمباشر.

واعتبرت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا والبعثات الدبلوماسية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أن إطلاق الحوار المهيكل خطوة مهمة ضمن خارطة الطريق السياسية التي قدّمتها الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، هانا تيتيه، إلى مجلس الأمن في أغسطس الماضي،

ودعت جميع الأطراف الليبية المعنية في مختلف أنحاء البلاد إلى المشاركة البنّاءة وبحسن نية في العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة، والعمل بحزم على تنفيذ الخطوات الجوهرية المتبقية، وفي مقدمتها إعادة تشكيل مجلس الهيئة الوطنية العليا للانتخابات وتعديل الإطار الانتخابي.خريطة الطريق

خريطة الطريق

ومن جانبها، أكدت سفارة بريطانيا لدى ليبيا على أهمية الاستماع إلى أصوات الليبيين من مختلف أنحاء البلاد، وشددت على ضرورة أن يشمل هذا الحوار النساء والشباب والأشخاص ذوي الإعاقة، باعتبارهم جزءاً أساسياً من خريطة الطريق السياسية حسب تعبيرها، مبرزة أن هذا المسار يأتي في إطار عملية سياسية يقودها الليبيون، وتُيسّرها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.

وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا قد أعلنت مساء الاثنين اختتام الجلسات الافتتاحية لـلحوار المهيكل، التي عقدت يومي 14 و15 ديسمبر في طرابلس، بمشاركة 124 عضواً من شرق وجنوب وغرب البلاد، بما يعكس التنوع الجغرافي والسياسي والاجتماعي والثقافي. وتمثل النساء نحو 35% من المشاركين، إلى جانب ممثلين عن الشباب والأشخاص ذوي الإعاقة، وشخصيات تتمتع بخبرات متوازنة في مجالات الحوكمة والاقتصاد والأمن والمصالحة الوطنية وحقوق الإنسان، في اختيار يعكس التزام بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بمبدأ الشمول وتعزيز الملكية الوطنية للعملية السياسية.