بات في حكم الواقع وجود حكومتين في السودان، بعد أداء قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، القسم رئيساً للمجلس الرئاسي لحكومة تأسيس التي اتخذت من مدينة نيالا بجنوب دارفور عاصمة لها، لتكون السلطة الموازية لسطة بورتسودان التي يترأسها قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، وتستمد كلتا السلطتين شرعيتهما من واقع الحرب التي تعيشه البلاد لأكثر من عامين، إلا أنهما تعكسان مجريات الأوضاع وحالة الانقسام الحاد التي تهدد وفق مراقبين مستقبل السودان كدولة موحدة، لاسيما وأن الحرب ألقت بظلالها السالبة على النسيج الاجتماعي وأفرزت حالة من الاستقطاب الإثني الحاد.

وفي خلال الأسبوعين الماضيين، شهدت مدينة نيالا العاصمة الإدارية لحكومة تأسيس، حراكاً مكثفاً أسفر عن أداء رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي، ورئيس مجلس الوزراء، اليمين الدستورية، كما عقد أول اجتماع للمجلس المشكل من مكونات تحالف السوداني التأسيسي الذي يضم بجانب الدعم السريع الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال برئاسة عبدالعزيز الحلو، وعدداً من المكونات والشخصيات السياسية.

ورغم أن الخطوة هزت الأوساط السودانية، إلا أن سلطة الأمر الواقع في بورتسودان آثرت الصمت، ولم يصدر من جانبها أي تعليق رسمي حول تشكيل سلطة نيالا، ما يشير إلى أن سلطة بورتسودان ترى أنه لا يزال في الوقت متسع لحسم المعركة عسكرياً، بينما يمضي الدعم السريع في تثبيت دعائم سلطته غرب السودان.

ويرى رئيس المكتب التنفيذي لحزب التجمع الاتحادي القيادي بتحالف صمود، بابكر فيصل، أن تقسيم السودان لم يعد خطراً نظرياً بل أضحى واقعاً سياسياً ووجدانياً معاشاً لا يمكن التغاضي عنه، مضيفاً: هو الأمر الذي ظللنا نحذر منه ونقول إن استمرار الحرب هو المهدد الأول لوجود البلاد ووحدتها وليس أي شيء آخر.

وأكد فيصل أن كل الدلائل تشير إلى سعي الطرفين المتحاربين لحشد السلاح والمقاتلين استعداداً لجولة جديدة من معارك كسر العظم بعد نهاية الخريف، لافتاً إلى أن منطقة كردفان ستكون مسرح العمليات في دورة الدم والبارود والنزوح القادمة.

وأضاف: كنا أول من دعا لتكوين لجنة تحقيق دولية مستقلة للنظر في كافة الاتهامات المتعلقة بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، فضلاً عن استخدام أسلحة محرمة في الحرب الجارية، وهي دعوة لا يرفضها إلا واجف يخشى الكشف عما اقترفت يداه من جرائم.

لا أفق

وقطع فيصل بعدم وجود أفق لحل سياسي يوقف الحرب قريباً بسبب غياب الإرادة، ونبه إلى أن عشاق القتل وغربان الخراب بدأوا في شحذ سكاكينهم لوأد مبادرة الرباعية الدولية مثلما فعلوا مع اتفاق المنامة، ولا عزاء للثكالى والنازحين والجوعى، مشيراً إلى أن حقائق المعاناة على الأرض فضلاً عن الأرقام المتعلقة بمؤشرات الاقتصاد وسعر الصرف والإنتاج توضح بجلاء أن الأزمة الناتجة عن الحرب أكبر بكثير من الأكاذيب والأوهام والدعايات التي يتم بثها لتخدير مواطن مغلوب على أمره، وهو يستمع إليها ويبتسم في ألم ابتسامة مرة وكأنه يستل من الشوك ذابلات الورود، على حد وصفه.

وشدد القيادي السوداني، على أن تنظيم الإخوان في السودان تنظيم إرهابي لا يؤمن إلا بالقوة الحربية ولا يعترف بسقوط نظام حكمه ولا يأبه بالثورة، وأن من يدعون لإشراكه في العملية السياسية إما سذج لا يدركون ماهيته أو متواطئون معه يستفيدون من حربه اللعينة وفساده الذي أزكم الأنوف.